تأقلم الطبيب البيطري دراجي فنيزة، مع أجواء الصيام في أطلنطا الأمريكية التي وصلها قبل 13 سنة، بعدما روّض نفسه على الالتزام بعبادة الصيام في أجواء لا تمت بصلة للإسلام في الأرجنتين، محطته الأولى في الهجرة قبل أن يحط رحاله في بلاد العم سام. غادر دراجي مسقط رأسه بمدينة جيجل الساحلية منتصف التسعينيات، بحثا عن أفق أخرى، ليستقر به المقام في الأرجنتين، أين اشتغل أستاذا للرياضيات في مدرسة ليبية، وهناك عرف كيف يدرّب نفسه على التمسك بدينه في بلد يتنفس كرة القدم ولا يعرف عن الإسلام شيئا. يقول دراجي: ''لم أتوقع يوما أنني سأترك مسقط رأسي، وإلى أين؟ أمريكا اللاتينية، لكن أحمد الله أنه يسّر لي طريقي''. يقيم دراجي في أطلنطا بولاية جورجيا الأمريكية منذ 1999، أين تمكّن من افتكاك وظيفة في مركز طبي بشهادته، بعد أن حصل على المعادلة من جامعة أمريكية، فيما يفكر بفتح عيادة خاصة في المستقبل القريب. ويقضي دراجي جُل يومه في شهر الصيام في العمل، فيما تتكفل زوجته الجزائرية بمهمة تزيين المائدة الرمضانية بألذ المأكولات الجزائرية، في مقدمتها طبق الفريك الذي يحرص على اقتنائه من الجزائر كل سنة، مواصلا: ''أغادر أرض الوطن عادة محملا بزيت الزيتون والفريك ودفلة نور والتوابل، فلا يمكن تصوّر مائدة الإفطار دونها''. ورغم أنه يفضل العمل في الشهر الكريم ما دام أمامه الكثير من الوقت للراحة قبيل الآذان، وكذا تعوّده أيضا على الصيام في المهجر، إلا أنه يقر بصعوبة الصيام في ديار الغربة، مضيفا: ''عندما تسير في الشارع في حرارة لا تحتمل، وترى الناس يشربون أو يتوافدون على المسابح، تشعر حقا بالضعف والغربة والوحشة، وبأنك وحيد بينهم''. ويحرص ابن تكسانة بجيجل على معايشة روحانية الشهر الفضيل، فيخصص وقتا كل مساء لتلاوة القرآن قبيل أذان المغرب، كما يعمل على ترسيخ مبادئ الدين لدى أبنائه، فيرافق أكبرهم إلى المسجد لأداء صلاة التراويح. يضيف محدثنا: ''هنا لا شيء يستحضر أجواء رمضان أكثر من المسجد، لهذا أحاول قدر المستطاع المحافظة على صلاة التراويح، كما أن الأذان يصدح في بيتي، فالكمبيوتر مبرمج يوميا لرفع أذان صلاة المغرب''. ولتخفيف الشعور بالغربة، كثيرا ما يخصص الدكتور دراجي عطلة نهاية الأسبوع لتبادل الزيارات وتلبية دعوات أبناء الجالية الجزائرية هناك، وحتى الجالية العربية ''فرمضان لا تكتمل فرحته من دون الأحباب''.