نحن نعيش في عصر كثرت فيه الأمراض، وازداد التلوث وعدوانية الجراثيم التي باتت مقاومة أكثر فأكثر لأغلبية الأدوية، نظرا لتناولها العشوائي من جهة، والإفراط في تناولها من جهة أخرى. لذا، أصبحت البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، كما أصبحت الفيروسات تتحوّل بسرعة أكبر وأكثر عدوانية، أضف إلى ذلك الفطريات والطفيليات وباعثات التجاوب. كل هذه الجراثيم وهذه العوامل تمثل خطرا مداهما للإنسان في أي وقت، كلما أتيحت لها الفرصة، كتغير درجات الحرارة، الرطوبة، التلوث، الاكتظاظ، سوء التغذية، الإهمال واللامبالاة، التقدم في السن. هذا ما جعلنا إلى يومنا هذا معرّضين لمرض السل ومرض الكوليرا والتيفيس... وغيرها من الأمراض الفتاكة التي أودت بحياة الملايين من البشر عبر العالم في عصور غير بعيدة. إن مكافحة المرض واجب على كل واحد، وكلنا ملزمون باليقظة، والحيطة والانتباه، وكلنا معنيون بالأمر، لأن المرض مباغت وغالبا ما يكون معديا، مثل الزكام أو السل، إذ يكفي أن يصاب به شخص واحد لينقله إلى آلاف الأشخاص عبر الآخرين، أو أن يكون وراثيا كالسكري أو بركينسون لينقله الأباء لأولادهم وهكذا، أو أن يكون معيقا كالجلطة الدماغية أو السكتة القلبية، أو مزمنا كارتفاع ضغط الدم أو عجز القلب. فمن واجب كل واحد منا أن يراعي صحته ويحافظ على الأدوية المتوفرة لديه حاليا، لأن وفرتها في المستقبل القريب ليس أكيدا. فصل الخريف فصل الأوبئة ونزلات البرد، وأفضل وقاية لأمراض هذا الفصل هو التلقيح الذي أثبت نجاعته وأصبح مستعملا أكثر فأكثر في مختلف دول العالم، نظرا لما يحققه من نتائج إيجابية ومُرضية، وما حققه من قبل فيما يخص إنقاص الوفيات، والتخفيف من الحالات الخطيرة، والتصدي لتفاقم الأوبئة. إن التلقيح ضد الفيروس الذي من المفروض أن يظهر هذه السنة، حسب الدراسات والأبحاث التي تقوم بها وكالات مختصة في هذا الميدان، أمر ضروري بالنسبة للجميع، خاصة المسنون وأصحاب الأمراض المزمنة أو الصحة الهشة. إن استعمال التلقيح في معظم دول العالم ساري المفعول، وقد أدى هذا السلوك إلى تراجع العديد من الأوبئة والأمراض. كما برهن اللقاح على مدى فعاليته، بإنقاص نسبة انتشار الأمراض بصيغة كبيرة، وتراجع نسبة الوفيات ونقص المضاعفات. وبيّنت عدة دراسات أن عددا قليلا جدا من بين الأشخاص الملقحين يصابون بالمرض، الذي يكون في أغلب الحالات خفيفا ويشفى بسهولة، عكس العدد الهائل الذي يصاب بالمرض لعدم تلقيحهم، وما ينجر عن ذلك من مضاعفات وصعوبة بلوغ الشفاء. إن التلقيح في الوقت المناسب ضد مرض معيّن أمر ضروري وواجب على كل واحد، سواء تعلق الأمر بالأمراض الفصلية كالزكام وغيره، أو الأمراض التي يسبّبها الحيوان كالكلب أو غيرها.