اعتبرت الدكتورة ثريا العيد التيجاني، أستاذة علم الاجتماع، أن أسباب لجوء الأفراد لاستعمال المحسوبية والوساطة تتلخص في''الظروف الاجتماعية الصعبة''. موضحة بأن ''المعريفة سلوك أناني ولاحضاري''، جراء قيام الفرد بالاستفادة من خدمات وامتيازات على حساب الآخر. أكدت ثريا العيد تيجان أن الظروف الاجتماعية والنفسية الصعبة التي تمنع المواطن من القيام بأشغاله كما ينبغي أو الاستفادة من حقوقه، تدفعه للبحث عن طريق آخر لتحسين وضعه، في ظل غياب الوازع الديني وعدم الرضى الذي سمح باستعمال طرق ملتوية بعيدة عن تعاليم الدين الحنيف للوصول إلى المنفعة الخاصة، والتي قد تضرّ أحيانا بالآخرين. وحذّرت ثريا العيد التيجاني من إمكانية حدوث ثورة على الوضع من طرف الشباب الذين أبدوا استياءهم من الواقع الحالي، الذي يؤكد سيطرة ''المحسوبية'' على سوق الشغل والخدمات، وقالت أن الفوضى التي يعيشها الشعب في الوقت الحالي نجم عنها اختلال الموازين، بحيث أصبح ''عامل الأمن يقضي الصلاح أكثر من الوزير''، في ظل سطوة النظام غير الرسمي في المنظومة المؤسساتية في بلادنا. وأضافت أن ''المنظفة'' في الوقت الحالي تستطيع طلب خدمة من المسؤول الذي تشتغل لديه أكثر من أحد موظفيه، نظرا لحجم التقارب والتعارف بين الطرفين ''الذي يتعدى علاقات العمل إلى علاقات أخرى متشعبة''. وأفادت أن نسبة استعمال المحسوبية في بلادنا بلغت مستوى عال، على خلاف الدول المتقدمة التي تستعمل المحسوبية في التوظيف والخدمات بنسبة لا تفوق ال10 بالمائة فقط، ودعت ثريا التيجاني السلطات العمومية إلى توعية المواطن وفرض سلطة القانون، من خلال تطبيق الرقابة القانونية على أرباب العمل والمسؤولين ومتابعة عمليات التوظيف وأسلوب تقديم الخدمات في المؤسسات العمومية. وبالنسبة إلى الأستاذة التيجاني، فإن للمعريفة انعكاسات على المجتمع والإبداع الفردي للأشخاص، جراء انصرافهم للبحث عن بلوغ الأهداف باستعمال المحسوبية والابتعاد عن الاجتهاد، مما يعزز مجال الرداءة ويقضي على الكفاءات. وقالت إن انتشار هذه التصرفات بشكل واسع من طرف المسؤولين والمواطنين على السواء حرم فئة كبيرة من المجتمع من حقوقها، وأفقدها الثقة في قدرتها، وهو ما انجر عنه توجه بعض الشباب إلى سلوكيات منحرفة قد تصل حد ارتكاب جرائم القتل في حق بعض المسؤولين.