مئات المغاربة في مسيرة حاشدة بمراكش    موافقة مبدئية للرئيس تبون على مراجعة الأجر الأدنى المضمون    سعداوي يستقبل الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية    عطاف يلتقي نواف سلام    التكفل بالنساء ضحايا العنف : رئيس الجمهورية يشدد على حماية المرأة    قوجيل يتذكّر أحداث الساقية    مسيرة حاشدة بمراكش    الفقه المالكي واكب مختلف المشكلات الاقتصادية    إعلان هام لفائدة المتقاعدين    شركات كورية وصينية مهتمة بالسوق الجزائرية    موانئ: رئيس الجمهورية يأمر بالشروع قبل نهاية فبراير بالعمل وفق نظام 24 /24 ساعة    وزير البترول النيجري في زيارة عمل إلى الجزائر    الاعتداء على ساقية سيدي يوسف مطابقة لمجازر غزة    سلطات الاحتلال المغربي ترحّل سجناء صحراويين    جيش الاحتلال ينسحب من محور "نتساريم"    بن يحيى: كنا أكثر إصرارا على التتويج بالكأس الممتازة    أندية عربية كبيرة تتهافت على خدمات زكري    نحتاج لرؤية جماعية وموحدة لتطوير الرياضة    طواف الجزائر 2025/المرحلة الأولى: فوز الجزائري يسين حمزة بالسرعة النهائية ويرتدي القميص الأصفر للرائد    ربع مليون منصب تكوين مهني لدورة فيفري 2025    فرسٌ تَعثّر فنهض    البروفيسور بلعقروز ينتزع جائزة الدولة للكتاب العربي 2025    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بداية من 8 مارس القادم    نسخة مترجمة لكتاب الحكومة المؤقتة    5ملايين مصاب بالسكري أفاق 2030 بالجزائر    تنصيب رؤساء و نواب عامين للمجالس القضائية بست ولايات لغرب الوطن    الجزائر ترحب بمخرجات القمة المشتركة لمجموعة شرق إفريقيا والمجموعة الإنمائية للجنوب الإفريقي بشأن الأزمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية    التأمين على السيارات : رقمنة وثيقة التصريح بالحوادث قريبا    توقيف مروج المؤثرات العقلية    مسبوق قضائيا يروج الخمور    معسكر..انطلاق قافلة مساعدات تضامنية لفائدة 500 أسرة معوزة بمناطق نائية    تلمسان: الطلبة الصحراويون يحيون ذكرى إعلان تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية    المجلس الشعبي الوطني ينظم يوما دراسيا حول "مرض السرطان في الجزائر" الثلاثاء المقبل    ميلة: تنظيم الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة من 8 إلى 11 مارس المقبل    غوتيريش: "علينا مواصلة الضغط من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة"    حملة وطنية حول حماية الأطفال    مشروع سكة الحديد العاصمة تمنراست ينطلق هذه السنة    نهاية رحلة معلول مع الاتحاد    تقريب التكوين من الأنشطة الاقتصادية في صلب اهتمامات العارضين    جامعة قسنطينة 3 تتألق    مثال آخر على العقاب الجماعي المنتهَج فرنسياً    تفاصيل مثيرة عن مسيرة محمد الضيف    مسابقة للبحث في تاريخ الأمير    اتحاد الحراش يزيح مولودية وهران    ارتفاع الإنتاج الوطني من أدوية السرطان    طقس: أمطار وبرودة شديدة اليوم على هذه المناطق بالبلاد    الكأس الممتازة/م.الجزائر-ش.بلوزداد (4-3): "العميد" يفتك "التاج" الرابع في نهائي مثير    الدراجات/ طواف الجزائر2025/ الجائزة الكبرى لساقية سيدي يوسف: فوز الاريتيري مايكلي ميلكياس بالسرعة النهائية    معسكر: تأكيد على أن دولة الأمير عبد القادر كرست القيم الإنسانية و الحضارية    "جرائم حرب فرنسا في الجزائر, 1830- 1847" , إصدار جديد لكريمة آيت دحمان    وزير الصحة يستقبل أعضاء النقابة الجزائرية لشبه الطبي    صيدال بصدد إنتاج المادة الأولية لعلاجات للسرطان    حج 2025.. بآليات تنظيمية ورقمية متطورة    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جوازات سفر الشخصيات تحظى بخطاط خاص
مهنتهم تحتضر في عصر''البيومتري''
نشر في الخبر يوم 15 - 11 - 2012

يودّع الجزائريون بعد سنتين جواز السفر العادي الذي سيحل محله البيومتري، كما ستزول الكتابة بخط اليد على هذه الوثيقة التي تعتبر هوية حاملها خارج الحدود. ''الخبر'' اقتربت ممن يبدعون في كتابة معلوماتنا الشخصية خلف شبابيك مصلحة جواز السفر بدائرة
بئر مراد رايس قبل أن يتركوا المُهمة قريبا لجهاز الكمبيوتر.
بعيدا عن طوابير الانتظار أمام شبابيك الدائرة، استقبلنا رئيس مصلحة جوازات السفر بدائرة بئر مراد رايس، السيد بلعابد بلماط في ''الخلية'' التي تصدر هوية الجزائري خارج البلاد، الجميع كان منهمكا في جمع المعلومات ومراقبة وثائق جواز السفر ''البيومتري''. فالخطأ غير مسموح والوثائق تخضع لمراقبة دقيقة. حركة الموظفين كانت كثيفة، لكن لم يكن هذا هو الحال في القاعة المخصصة للمكلفين بكتابة المعلومات الشخصية على جواز السفر. عند ولوجنا القاعة كان السيد جيلالي زيتوني، صاحب أجمل خط في المصلحة منهمكا في الكتابة، ممسكا الريشة وهو يخط الاسم على الجواز بتأن وكأنه يخط لوحة تشكيلية، فلم ينتبه حتى لوجودنا، غير أننا قطعنا عليه سكونه لنستكشف معالم المهنة التي لا ينتبه لوجودها الكثيرون. ونحن نراقب عمله، أسّر لنا أحد المسؤولين بالدائرة أن السيد زيتوني المطلوب، رقم واحد لكتابة جواز السفر، حتى أنه مطلوب بالاسم عندما يتعلق الأمر بجوازات سفر إطارات الجيش ووزارة الدفاع الوطني. علما أن دائرة بئر مراد رايس هي الدائرة الوحيدة في العاصمة التي تستخرج منها جوازات سفر إطارات وزارة الدفاع.
وعن بداياته الأولى مع الوثيقة الخضراء عاد محدثنا بذاكرته إلى 18 سنة خلت، عندما التحق بدائرة بلوزداد بعد فشله في اجتياز امتحان شهادة البكالوريا. ويقول: ''كنت أبحث عن وظيفة إدارية فقط، كنا مجموعة من الشباب يومها، طلب منا الكتابة باللغتين الفرنسية والعربية قبل توجيهنا إلى مناصب عملنا، وكنت من بين من تم توجيههم إلى مصلحة جواز السفر''.
ويرى محدثنا أنه كان يعتبر خطه دائما أقل من عادي، بل خطا مقروءا وفقط، غير أنه نما موهبته بالممارسة، يواصل: ''حتى أوقات الفراغ أقضيها ممسكا الريشة، لا يمكنني الاستغناء عنها حتى وأنا بعيدا عن العمل''.
ويستغرق جيلالي نحو ثلاث دقائق في كتابة كل جواز سفر، يكتب كل حرف وكأنه يخطه للمرة الأولى، يدقق المعلومات الشخصية، ويغيّر أحيانا بين أكثر من خط في نفس الجواز مستعملا ريشة بحبر أسود.
ويكتب عادة ما بين 40 إلى 60 جواز سفر يوميا، غير أنه كثيرا ما يضطر إلى كتابة أكثر من120 في فترة العطل ''فحركة المسافرين تنشط في هذه الفترة والضغط يكون كبيرا علينا''.
يضيف محدثنا: ''أي خطأ يعني إعادة العمل من جديد، لهذا عليّ أن أكتب بتأن دون ضغط أو قلق، وأحيانا أمضي أكثر من 15 ساعة في جواز سفر واحد إذا كان العنوان غير واضح، أو الاسم أو غيره، الوثيقة ستسافر إلى خارج الحدود، فضميري لا يسمح بأن أخطئ على حساب الجزائر''.
ولا ينتبه الكثيرون وهم يتصفحون جواز السفر لجمال الخط الذي دوّنت به المعلومات الشخصية، غير أنه لن يمرّ مرور الكرام على السفارات الأجنبية في الجزائر، إذ يتذكر الموظفون في مصلحة جوازات السفر بدائرة بئر مراد رايس التكريم الذي حظي به أحد الموظفين المتقاعدين من قبل السفارة الفرنسية.
يقول جيلالي زيتوني: ''تفاجأنا قبل سنوات بوصول تهنئة من سفارة فرنسا في الجزائر، توجه فيها شكرا خاصا لصاحب الخط الذي أبدع في كتبة جواز سفر أودعها أحد المواطنين للحصول على التأشيرة واعتراف بإبداعه...''.
ويواصل محدثنا أن الموظف المتقاعد لم يكن الوحيد، فزميل آخر نقل له مواطنون يقيمون اليوم في الولايات المتحدة، انبهار موظفي السفارة الأمريكية بخطه ''إنه مبدع حقا، حتى وإن كان عمله في الأصل ليس في مصلحة جوازات السفر، إذ يقضي أكثر من 14 ساعة في كتابة جواز سفر واحد، ويكتب بمختلف أنواع الخط العربي''.
مهري وخالدي ومالك.. مروا من هنا
تغطي الدائرة التي يشتغل بها خطاطنا، الكثير من البلديات المدرجة في خانة الأحياء الشعبية، على غرار عين النعجة، جسر قسنطينة، وغيرها، غير أنها تغطي في نفس الوقت حي حيدرة، أرقى أحياء العاصمة، حيث يقيم العديد من المسؤولين في الدولة، الحاليين والسابقين.
يقول السيد زيتوني: ''خطت ريشتي أسماء العديد من الشخصيات التي لا نراها عادة إلا على شاشة التلفزيون، من رؤساء حكومات، وزراء، سفراء، جنرالات وشخصيات سياسية وعائلاتهم، لكن بالنسبة لي وأنا أمارس مهنتي لا أنظر إليها إلا على أنها أسماء أكتبها على الورق وفقط''.
ورغم أنه تحفّظ على ذكر هذه الأسماء، مفضّلا تركنا نخمّن هوية من تتواجد فيلاتهم الفاخرة في أعالي حيدرة، إلا أنه ذكر بعضا منها بعد إلحاح منا، على غرار وزير التكوين المهني السابق الهادي خالدي، رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، رضا مالك عضو المجلس الأعلى للدولة والراحل عبد الحميد مهري، الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني.
سأفتقد ريشتي
يتحدث جيلالي بحسرة عن مصير مهنته بعد سنتين، حيث سيتم الاستغناء عن الكتابة بخط اليد عن جواز السفر ''البيومتري''، وستعوّضها الكتابة بالكمبيوتر: ''لست متخصصا فقط في الكتابة، أنا أعمل في أي مصلحة في الدائرة، إلا أنني سأفتقد الكتابة، حتى أنني أمازح أصدقائي أحيانا بأنني سأفتح محلا لكتابة الطلاسم (أو الحروز) بعد انتهاء مهمتي في كتابة جوازات السفر'' يعلّق ضاحكا.
والغريب أن محدّثنا الذي أمضى شبابه يبدع في الكتابة ويرسم الأحرف بطريقة فنية، قد يكون جواز سفره الأول مكتوب على جهاز الكمبيوتر، لأنه لا يملك جواز سفر إلى اليوم، ف''ما فائدته إن كنت أعلم أنني لن أغادر الوطن، سأفكر في استخراج جواز سفر عندما أتأكد من أنني سأسافر''.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.