أشار الأستاذان محمد بلحي وبوخالفة أمازيت إلى وجود تشابه كبير بين مجزرة ساقية سيدي يوسف التي قام بها الاحتلال الفرنسي في 8 فيفري 1958 على الحدود الجزائريةالتونسية، والعدوان الصهيوني على فلسطين، خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى"؛ من خلال التبعات الدولية لهذين الاعتداءين، والتنديد بهما حتى من أبناء جلد الاحتلالين الفرنسي والصهيوني، وكذا التعرض للمدنيّين بشكل فاضح. قال الكاتب والإعلامي محمد بلحي خلال الندوة التي نشّطها أول أمس رفقة الصحفي وكاتب السيناريو بوخالفة أمازيت بمكتبة "شايب دزاير" في الجزائر العاصمة، إنّ قصف الاحتلال الفرنسي لساقية سيدي يوسف أحدث زلزالا دوليا؛ فقد أسقط الجمهورية الفرنسية الرابعة، ولقي تنديدا من دول الغرب، خاصة من الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ندّدت بهذه الفعلة التي قُصد منها إسقاط أكبر عدد ممكن من الجزائريين الذين كانوا يستوطنون ساقية سيدي يوسف بتونس، وحتى شاحنات الصليب والهلال الأحمر التونسي التي كانت في عين المكان لمساعدة اللاجئين الجزائريين، لم تَسلم من هذا العدوان. وأضاف في الندوة التي نظمتها المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار، أنّ هذا الهجوم الشنيع الذي تقرّر على مستوى الجزائر ولم تكن تعلم عنه باريس، نتج عنه صخب إعلامي كبير؛ فقد كتبت عنه، مثلا، صحيفة "نيويورك تايمز" ، ومجلة "باري ماتش"، والجريدة التونسية "لاكسيون"، وجريدة "إيكو دالجي". وبالمقابل، شكلّ هذا الهجوم الذي تحجّجت به السلطات الاستعمارية بوجود الثوّار الجزائريين في المنطقة رغم أنّ الضحايا كانوا من المدنيين، بداية لاستقلال الجزائر. وتابع أنّ الموقف الأمريكي والبريطاني للقضية الجزائرية كان باهتا، لكنّه تغيّر تماما بعد الهجوم على ساقية سيدي يوسف بتونس، خاصة بعد تقديم الرئيس التونسي بورقيبة، شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي. كما خافت أمريكا من حدوث تقارب بين تونس والاتحاد السوفياتي سابقا بفعل هذه العملة، في حين رأت إيطاليا أنّ ما حدث يهدّد استقرار المتوسط. كما ذكر بلحي حدوث تغيير في القانون الخاص باللاجئين بعد هجوم الاحتلال الفرنسي على ساقية سيدي يوسف، وكذا الفوز الدبلوماسي الذي حقّقته الجزائر، ومحاولة لمّ شمل دول المغرب العربي من خلال لقاء جرى بطنجة شهرين بعد الاعتداء. من جهته، تأسف الإعلامي بوخالفة أمازيت على جهل الكثير من الجزائريينوالتونسيين، لما جرى "حقيقة" في ساقية سيدي يوسف، التي أودت بالجمهورية الفرنسية الرابعة التي كانت تعاني من الهشاشة بفعل الحرب في الفيتنام، واستقلال المغرب وتونس، وشدّة الحرب في الجزائر، ليؤكّد أن ممارسات فرنسا الاحتلالية في الجزائر لم تتغيّر طيلة فترة الاستعمار، ليشكّل الهجوم على ساقية سيدي يوسف محطة من محطات العنف الذي ارتكبه المحتل الفرنسي بالجزائر. وأضاف المتحدّث أنّ جهود المجموعة الإفريقية الآسيوية لنصرة الجزائر على مستوى الأممالمتحدة، لم تثمر قرارا إلاّ عام 1960؛ بعد الهجوم على ساقية سيدي يوسف، والعمليات العسكرية الأخرى التي طالت الجزائريين، ليصدر قانون حقّ الشعوب في تقرير مصيرها. وذكر غضب فرنسا الشديد من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، لإرسالهما السلاح إلى تونس متحجّجة بأنّ هذا السلاح سيوجَّه للثوّار الجزائريين أو الخارجين عن القانون كما كانت تسميهم، وكذا إدانتها لأسر جنود فرنسيين من طرف الثوّار الجزائريينبتونس، والذين أُعدم ثلاثة منهم ردا على إعدام ثلاثة جزائريين، ليقرّر جنرالاتها الاعتداء بكلّ وحشية، على ساقية سيدي يوسف؛ حيث لا توجد أيّ قاعدة عسكرية جزائرية، ومن ثم يصدر الجنرال ديغول قانون حق ملاحقة عناصر جيش التحرير الوطني حيثما كانوا. وتابع أمازيت أنّ اللاجئين الجزائريين الذين كانوا يقيمون بمخيّم بساقية سيدي يوسف، كانوا يعيشون فقرا شديدا. وقد اختارت فرنساالمحتلة يوم تنظيم السوق لإسقاط أكبر عدد من المدنيّين، ليلقى هذا الاعتداء تنديدا دوليا كبيرا، خاصة أنه تم على أرض دولة ذات سيادة. وشبّه الاحتلال الفرنسي للجزائر بالاحتلال الصهيوني لفلسطين، معتبرا أنّ الهجوم على ساقية سيدي يوسف مقدّمة لما حدث لغزة. وهذا العنف الذي تتعرّض له الشعوب ليس وليد اليوم، بل بدأ في القرن التاسع عشر، ويتواصل إلى غاية القرن الحادي والعشرين.