ليس هناك إذن إلاّ هذا الإنسان الذي يخضع للناموس كرهًا في أغلب الأحيان، لا ينقاد طائعًا طاعة الأرض والسّماء، إنّما يحاول أن ينفلت، وينحرف عن المجرى الهيّن، الليّن، فيصطدم بالنّواميس التي لا بدّ أن تغلبه، وقد تحطّمه وتسحقه، فيستسلم خاضعًا غير طائع، إلاّ عباد الله الّذين تصطلح قلوبهم وكيانهم وحركاتهم وتصوّراتهم وإرادتهم ورغباتهم واتجاهاتهم، تصطلح كلّها مع النّواميس الكلية، فتأتي طائعة وتسير هيّنة ليّنة، مع عجلة الكون الهائلة، متّجهة إلى ربّها مع الموكب متّصلة بكلّ ما فيه من قوى، وحينئذ تصنع الأعاجيب، وتأتي بالخوارق، لأنّها مصطلحة مع النّاموس، مستمدة من قوته الهائلة وهي منه وهو مشتمل عليها في الطريق إلى الله ''طائعين''. إنّنا كما قال صاحب الظلال رحمه الله: نخضع كرهًا، فليتنا نخضع طوعًا، ليتنا نلبّي تلبية الأرض والسّماء في رِضى وفي فرح بإلقاء مع روح الوجود الخاضعة المطيعة الملبية المستسلمة لله ربّ العالمين. واليومان في قوله تعالى: {فقضاهُنّ سبعَ سماوات في يومين وَأَوْحَى في كلّ سماء أمْرَهَا} فصلت: 11، قد يكونان هما اللّذين تكوّنت فيهما النّجم من السدم (والسدم عبارة عن بقع في الكرة السّماوية ضعيفة النُّور منها ما هو تجمع غازات مضيئة ومنها ما يضم العديد من الكواكب) أو اليومين اللّذين تمّ فيهما التكوين كما يعلمه سبحانه وتعالى.