1600 مليار خصّصتها الدولة للتغذية المدرسية يطرح ملف التغذية أو الإطعام المدرسي مع كل موسم دراسي ''إشكالا'' حول الوجبات الباردة من جهة، والهيئة المخوّلة بالتسيير الفعلي ما بين وزارة التربية والداخلية، لكن بين هذا وذاك يبقى التلميذ هو من يدفع الثمن. والغريب في القضية أنّ المطاعم المدرسية ماتزال تسير بمرسوم صادر في سنة 1965 . في المقابل، أعدّت وزارة التربية مرسوما جديدا يحمل طابع ''الاستعجال''، في ظل تقاعس الداخلية ممثلة في الجماعات المحلية، ينتظر التأشير من الحكومة، من شأنه تحديد الصلاحيات وعدم تهرّب ''الأميار'' من مسؤولياتهم المباشرة عن المطاعم. وتبرّر وزارة التربية موقفها من ''الفضائح'' المتكرّرة مع كل موسم دراسي في المطاعم المدرسية، من خلال قولها إن مسؤوليتها الرئيسية تمكّن في ضخ الأموال والإشراف عن التفتيش، في حين تتحمّل وزارة الداخلية كامل المسؤولية لاعتبارها ترأس رؤساء البلديات للمجالس الإدارية المكلّفة بتسيير المطاعم كونها تمتلك كامل الصلاحيات، في الوقت الذي يعزّز الأميار ''تقاعسهم'' لعدم وجود مرسوم يجبرهم على القيام بمهام ليسوا مجبّرين عليها ''قانونا''. وفي هذا الشأن، أعطت مديرة الأنشطة الاجتماعية والثقافية بوزارة التربية، لطيفة رمكي، خلال لقاء مع ''الخبر''، تفسيرا للوجبات الباردة مقابل الوجبات الساخنة بقولها ''أحسن من لا شيء''، مشيرة إلى أن توقيف الوجبات الباردة عبر المؤسسات التعليمية سهل ويكفيها فقط ''تعليمة شفوية''، لكنه ليس حلاّ، وسيحرم ملايين التلاميذ القاطنين بالمناطق النائية الذي يقطعون المسافات الطويلة لبلوغ المدارس. وترى ذات المسؤولة أنّ مشكل الإطعام المدرسي تتحمّله المجالس الشعبية البلدية، كون قوانين الجمهورية تلزمها بذلك منذ سنة 1965 ، تاريخ صدور أول مرسوم، الذي أسند للبلديات تسييرها من خلال وضع غلاف مالي تحت تصرّف الأميار، فيما يحدّد مدير المدرسة، بمفرده، تاريخ فتح المطعم وقائمة المستفيدين، وكانت وقتها الأغلفة المالية مختلفة من بلدية إلى أخرى. مضيفة أن القانون التوجيهي لقطاع التربية، الصادر سنة 2008، غيّر من مفهوم المطعم المدرسي، واعتبره ''فضاءً بيداغوجيا''. وأوضحت المتحدثة أنّ الإشكال زاد تعقيدا سنة 1990، خلال صدور قانون البلدية الذي أبقى على الفراغ القانوني، وتفادى الحديث عن المطاعم المدرسية، وهي الثغرة التي استغلها رؤساء المجالس الشعبية البلدية، بواسطة رفض تحميلهم المسؤولية، مادام القانون لم يلزمهم بأي نص، ومن جهة أخرى يمتنعون عن الاحتكام إلى مراسيم وزارة التربية لأنّها ليست ''وزارتهم''. وفي ظلّ هذه الإجراءات المعقّدة، التي يدفع ثمنها التلميذ، تحاول وزارة التربية، وفق تصريح مديرة الأنشطة الاجتماعية والثقافية، استدراك الخلل والقيام بمهام ليست من اختصاصها. وحضّرت مشروع مرسوم جديد من شأنه تحديد الصلاحيات بين وزارة التربية والداخلية، ليصبح ''ملزما'' على ''الأميار'' تنفيذ أوامره، حيث تم إشراك 4 قطاعات حكومية أخرى في صياغته، وهي المالية والداخلية والصحة والتربية. ومن المنتظر أن يثري هذا المرسوم، الذي يحمل طابع ''الاستعجال''، جميع الصلاحيات، لاسيما وأن ''الأميار'' يشكون من غياب الأوعية العقارية لبناء مطاعم أو قاعات في المدارس لتحتضن التجهيزات الخاصة بالطهي، لتعويض الوجبات الباردة بأخرى ساخنة، وأيضا توسيع التفتيش الذي تشرف عليه 10 هيئات رقابية. ويُظهر جدول لتطوّر المطاعم المدرسية من 1962 إلى غاية 20 جانفي الماضي، نسخة منه بحوزة ''الخبر''، مقسّم إلى 7 خانات، المبالغ المالية المخصصة وعدد المطاعم ونسبة التغطية وعدد المستفيدين ونسبة الاستفادة وسعر الوجبة وعدد أيام التسيير، حيث ارتفعت نسبة التغطية منذ 2010 من 33, 80 إلى 25, 85 بالمائة، فيما ارتفع عدد المستفيدين، خلال نفس الفترة، من 2 مليون و289 ألف تلميذ إلى 3 ملايين و100 ألف مستفيد، أمّا سعر الوجبة فقفز من 30 إلى 45 دينارا، كما بلغ عدد أيام التسيير 140 يوم في السنة. وفيما يتعلّق بالمبالغ المالية، سُجل ارتفاع من 1200 مليار إلى 1600 مليار السنة الجارية.