نِعْمَ الكلام يا أستاذ بوعقبة. الإصلاح هو أن تستطيع أن تذهب إلى رئيس الجمهورية وتسأله عن سكوته عن هذا الفساد الذي ينخر جسد الدولة والمجتمع على السواء، الإصلاح أن تتمكن من مساءلة البروفيسور ورئيس البرلمان المتخرّج من الجامعات البريطانية، ولد خليفة، عن امتناعه عن ممارسة الحق الدستوري له، والمتمثل في الوظيفة الرقابية، وأن يشرّع القوانين التي تكبح جماح الفاسدين، لا أن يشارك فقط في المصادقة عليها بمقابل خيالي يشبه السرقة.. الإصلاح أن تتمكن من مباغتة كل وزير في مكتبه وطرح الأسئلة عليه، لا أن ترتب الزيارة ومحتواها. الإصلاح أن تبلغ وكيل الجمهورية أو تكاتب قاضي التحقيق عن فساد ما، فيتحركا معا طبقا لصلاحياتهما، وليس الاكتفاء بحفظ الملف لداع من الدواعي.. الإصلاح أن تذهب إلى كل ضابط عسكري، مهما كانت رتبته، وتعرف منه الحقيقة دون خوف ودون مجاملة، وأنت محمي دستوريا. فالدستور لم يوضع فقط لضبط عدد المرات التي يحكم فيها الرئيس، ولا لضبط العلاقة ''الشكلية'' بين السلطات، ولا لتضخيم صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ولكن وضع لحماية الأفراد والمؤسسات من أي تجاوزات تصدر من أي جهة، خاصة إذا كانت مسؤولة. وعدم مساءلة المفسدين، هو في حدّ ذاته، تجاوز للدستور ولحق المواطن. حقا، إننا نعيش في دولة تعيسة بتعاسة مسيّريها، وفاشلة بفشل مسؤوليها، وفاسدة بفساد شعبها، فأين نحن سائرون؟ أليس إلى جحيم الدنيا قبل جحيم الآخرة؟ إن الجزائر في حاجة إلى إصلاح حقيقي وعميق، وليس الإصلاح الوهمي والمزيف، والذي صدّع به رئيس الجمهورية وصحافته رؤوسنا، طيلة السنتين الماضيتين. وحتى التعديل الدستوري المزمع القيام به، يجب ألا يجري في الحجر المغلقة، ولا في الكواليس، ومن طرف مختصين فاشلين محدّدين بذواتهم وصفاتهم، وإنما يعدّ من قبل نخبة نظيفة وعالية التكوين، وتكون فيه النقاشات مفتوحة قبل عرض المسودة على الاستفتاء المحمي من التزوير. إن هذا مجرد جزء من الكل في مسألة ''الإصلاح''، وهو كما يقال غيض من فيض، وذلك أضعف الإيمان يا أستاذ. الدكتور: غضبان مبروك باتنة
يادكتور، أستسمحك هذه المرة لممارسة الجبن وآكل الشوك بحنكك، فأنت على حق فيما كتبت، فالمسألة ليست في من يحكم، بل المسألة في ماذا يحكم وبماذا يحكم، ومن يحاسبه على ممارسة الحكم؟ فالنظام الحاكم فعليا في الجزائر، لا توجد هيئة واحدة أو وسيلة واحدة لمساءلته عما يفعل، لأن العبرة ليست فقط في مساءلة من يحكم أثناء أدائه الحكم.. بل العبرة الأكثر نجاعة هي إعطاء الشعب والمؤسسات التي يختارها الوسائل والأدوات لتعيين وعزل من يحكمه! المشكلة في الأجهزة عندنا ليست في تعيين أمثال شكيب خليل، بل المشكلة في الأجهزة التي عيّنته وعيّنت من عيّنه، ثم اكتشفت أنه فاسد.! فأزمة الفساد في الجزائر سببها أزمة تعيين المسؤولين، وليس مراقبتهم فقط. وهنا، أجيب أحد القراء الذي قال: ما الفرق بين هجوم بلعور على عين أمناس وهجوم شكيب خليل على خزينة سوناطراك؟! فأقول للسائل.. لا فرق بين الاثنين.. بلعور قتل الناس في عين أمناس بالصواريخ، القنابل والرصاص.. وشكيب قتل المواطنين بالبارد.! بالثلج.. والجوع.. والأمراض.! بلعور أخذ الناس رهائن، وشكيب أخذ ثروة البلاد رهينة عدة سنوات؟! يادكتور عضبان، إنني تعبان من حال هذه البلاد التي لم ينفع فيها الرصاص.. فكيف ينفع فيها كلامي وكلامك؟!