إن ضاقت عليك الدّنيا فداوها بثلاث: الأوّل: صبر تذكّر فيه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وجوعه، وأنّه كانت تمضي عليه الأيّام وهو يربط الحجر على بطنه من الجوع. ولا يكون الصّبر إلاّ بالتّحمُّل لمراد اللّه من غير شكاية، والطمأنينة بوعد اللّه من غير لجاجة. والثاني: الرِّضا بقضاء اللّه والتوكّل عليه والتّسليم لأمره والبسمة لمَا أراد والسّرور بما قسم سبحانه، والثالث: الشُّكر لما اختاره اللّه لك من نعمة ورحمة ولما جعل فيك من أهلية الشّفاعة لمَن أسدى إليك معروفًا، وأن جعلك سبحانه بابًا لطاعته يتقرَّب النّاس بسببك إليه بصدقة تظهر صدق محبّتهم للّه. وإنّ كمال الشُّكر أن اختارك لتكون أوّل مَن يدخُل الجنّة، وأن جعل رفقتك يوم القيامة مع الأنبياء والصّدِّيقين، وأن لا حساب عليك، وكم من نعمة للّه عليك فأكثِر من الحمد والشُّكر للّه الّذي اختار لك ما فيه رضاه عنك، فكُن صادقًا بإظهار افتقارك إليه ولجوئك إلى بابه، وانكسارك على باب كرمه وتَذَلَّلِك على أعتاب جوده، مُظهرًا بين يديه افتقارك مُعلنًا إليه احتياجك فهو الصّمد وإليه الملتجأ. ثمّ إنّ من الواجب عليك أن تسعَى، بكلّ جِدِّك واجتهادك، لمواصلة الأعمال من غير فراغ، لتمسي ويدك كالّة تعبة من عملك، وبهذا تمسي مغفورًا لك.