أفاد ضابط جزائري متقاعد، أن العلاقة بين الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي وشبكات الجريمة المنظمة، باتت تهدد دولا بأكملها، “لأن هذا التحالف مكّن من الحصول على الأسلحة الفتاكة واستغلال مجتمعات يشردها الفقر”، وخص العقيد المتقاعد بن جانة بن عمر تنظيمين يتطابق عليهما هذا التوصيف بالخصوص، هما “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” و"حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا”. أفاد بن عمر بن جانة، أن بلدان الساحل الإفريقي قد دخلت مرحلة المواجهة مع تحالف هجين بين الإرهاب والجريمة، تشكّله مظاهر التطرف الديني والإرهاب والجريمة العابرة للحدود. وتحدث بن جانة، وهو عقيد جزائري متقاعد، أمس، في اليوم الثاني لأشغال الندوة الدولية للمجتمع المدني في منطقة الساحل تضامنا مع الشعب المالي، أن الإشكالية مرشحة للبقاء فترة طويلة، بما أن “الحدود غير مراقبة بشكل كاف وتفشي الفقر والقهر الاجتماعي”. ويربط بن جانة في تحليله بين الوضع الاجتماعي في الساحل وارتفاع القدرة على التجنيد والجذب، “وهذا في النهاية على علاقة بضعف الحكامة والنظرة السياسية الصائبة”، وهو ما يفسر اختيار كل من “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” و"حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا” لهذا الإقليم “من أجل الاستثمار في مشاكله وفي واقعه من غياب للحدود والعلاقة السهلة بالجريمة المنظمة”، أضف إلى ذلك “غياب الدولة وزهدها في محاربة بعض المظاهر”. ويعدد بن جانة هذه المظاهر فيقول: “المجموعات الإرهابية في الساحل باتت الرقم واحد عالميا في فروع القاعدة في ممارسة ظاهرة الاختطاف والمساومة، بتلقي فديات أو طلب إطلاق سراح مساجين متابعين في قضايا الإرهاب”. ويكشف العقيد المتقاعد أن “القاعدة”، مثلا، “باتت تموّل عملياتها من هذه الظاهرة، لكن أيضا من تجارة المخدرات وتجارة التبغ”، ويعتقد أن الأزمة الليبية هي التي “مهدت لهذا التحوّل البارز وأن تبعاتها ستظهر لفترة طويلة”. وحث بن جانة الذي قدم كخبير عسكري، أن المجتمع المدني في مالي “مطالب بتأدية دور الوساطة بين الشعب والدولة لمحاربة العنف والتطرف”، وحث بدوره على إجراء مصالحة وطنية “تعتمد التوبة والعفو الاجتماعي أساسا”، ثم “المرافقة لدى الفاعلين السياسيين من أجل البحث عن حل دائم للأزمة وإيجاد اقتراحات ملموسة”، وأخيرا “المساهمة في مكافحة الإرهاب والإجرام المنظم”. وفي سياق متصل، اعتبر الأمين العام لرابطة أئمة وعلماء دول الساحل الإفريقي، الشيخ يوسف مشرية، عدم فهم الإسلام على حقيقته، من بين الأسباب التي أدت إلى ظهور التطرف والإرهاب في المنطقة، داعيا الأئمة والعلماء إلى التحرك لتبصير المسلمين بحقيقة دينهم. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مشرية، في اليوم الأول للملتقى، دعوته العلماء إلى استعمال كل قنوات الإعلام والاتصال الممكنة، وكذا إلى تنظيم ندوات ومؤتمرات وملتقيات باستمرار ل"تقديم الخطاب الإسلامي الراشد وتبليغ رسالة الإسلام السمحة، حرصا على ضمان وحدة الأمة الإسلامية، وأيضا حماية فئة الشباب من مخاطر الانزلاق في مسالك الجهل ولغة التطرف والإرهاب”، كما أوضح.