اعلم أيُّها المسؤول: أنّ الرياسة بمنزلة رجل، فرأسه أنت، وقلبه وزيرك، ورجلاه رعيّتك ويداه أعوانك، وروحه عدلك. ويتمّ العدل بأن تعامل كبير الأمّة أبًا، وأوسطهم أخًا، وأصغرهم ابنًا، فبُرَّ أباك، وأكرِم أخاك، وارْحَم ابنك، تصل بذلك إلى فضل اللّه ورحمته، وإذا عدل السلطان فيمَن قرُب منه صَلُح له ما بعُد عنه. وعدّة قيام السلطة ثلاثة: مشورة النُّصَحاء، وثبات نيّات الأعوان، والسّعي لإقامة سوق العدل، وما أجمل قول سيّدنا عليّ رضي اللّه عنه: “إمام عادل خيرٌ من مطر وابل، وأسدٌ حطوم خيرٌ من سلطان ظلوم، وسلطان ظلوم خيرٌ من فتنة تدوم”. وإنّ منزلة السلطان من الرّعية منزلة الرّوح من الجسد، إن صفت عن الكدر سرت إلى الجوارح سليمة، وإن تكدّرت أو فسد مِزاجُها سرت إلى الجوارح منحرفَة الاعتدال فمَرضت وتعطّلَت وجَرَى الفَساد إلى الجسد.