منذ عقود خلت، لم تكن الحريرة وحدها ملكة موائد الإفطار الرمضانية عند التلمسانيين, حيث اختفت أنواع من الحساء التقليدي الذي كانت تتفنّن النسوة في إعداده لتزيين مائدة رمضان.الأستاذ في علم الاجتماع أحمد بجبوجة, وهو يتحدث ل“الخبر” استذكر بحنين حساء تارشت الذي كانت تشتهر به تلمسان وبعض أريافها مثل قرى بني سنوس الجبلية. ويبدو للوهلة الأولى البعد الأمازيعي لتسمية الحساء تارشت وقدمه, وكانت النسوة تحضّره في السهرات الرمضانية, في حلقات ليلية تقطّعن فيها العجائن وتجففنها, لتخلط قبل إعداد الفطار مع الخضار.وأضاف محدثنا أن حساء المقطفة اختفى كذلك من موائد التلمسانيين برحيل جيل من النساء والأمهات اللواتي برعن في فتل العجائن ليلا في سهرات رمضان، بطريقة تقليدية واحترافية في الوقت نفسه, كانت تتطلب وقتا كبيرا وصبرا لفتل العجائن باليد من أجل تحضير حساء المقطفة, الذي لم نكن نحتاج فيه لإضافة الليمون والخل بسبب الذوق الممزوج بنكهة وخلفية الحموضة المنبعثة من العجائن المفتولة. ويقول الحاج أحمد, أن تغيّر نمط الحياة أثّر على اختفاء هذه المأكولات التقليدية التي كانت تتطلب الوقت والصبر في الإعداد والتحضير. ومثلما اختفت من موائد إفطار التلمسانيين المقطفة وتارشت وعوّضتهما الحريرة والشربة, أصبحت حلويات الزلابية المعدة من الدقيق الليّن، الفرينة والسكر والعسل الصناعي, أصبحت مخيفة وقلّ حضورها على موائد الإفطار الرمضانية. إذ يعزف الكثير من الصائمين على اقتنائها بسبب تفشي أمراض السكري وظهور أنواع كثيرة من الحلويات والمرطبات التي جعلت مرتبة ومكانة الزلابية تتدحرج من قائمة الموائد المطلوبة لإفطار الصائمين.