تبدي وزارة الخارجية استياء بالغا من تشبيهات يضعها محللون في مقارنتهم بين ما يجري في الساحة السياسية المصرية وبين تجربة العنف التي عصفت بالبلاد مطلع التسعينات، إثر إلغاء نتائج الانتخابات التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة. ومن مظاهر هذا الاستياء، استدعاء السفير المصري بخصوص تصريحات نسبت إليه وترمي في سياق تحميل الحكومة مسؤولية العنف. تثير التحليلات والتقارير الكثيرة التي تقدم مقارنات بين التجربة المصرية الحالية إثر عزل الرئيس المصري محمد مرسي، وبين إلغاء المسار الانتخابي في الجزائر عام 1991 باعتبارهما “انقلابا على الشرعية”، استياءا في الأوساط الرسمية وترفض الحكومة تماما أن يصنف قرار الجيش حينها ب”الانقلاب” على خيار الشعب، وعلم أن وزارة الخارجية وجهت استدعاء للسفير المصري في الجزائر عز الدين فهمي، بسبب تصريحات نسبت إليه قال فيها إن “المصريين أناس مسالمون ولا يمكن أن ينساقوا وراء العنف”، في رده على أسئلة حول احتمال أن تشهد مصر “سيناريو جزائري”. وذكر الناطق باسم وزارة الخارجية عمار بلاني “للخبر”، في بيان مكتوب، أن “وزارة الخارجية استدعت السفير المصري أول أمس حيث طلبت منه توضيحات بشأن تصريحات نسبت إليه، ونقلت في بعض العناوين الصحفية”، وأضاف “السفير نفى بشكل قاطع التصريحات التي نسبت إليه أو أن يكون قدم مقترحات تصب في اتجاه ضد الجزائر”، وأن السفير “أوضح أنه ردا على سؤال شرح خصوصية كل بلد في مساره وتوجهات سياسته الداخلية، مشددا أن السيناريوهات ليست متطابقة بشكل تلقائي من بلد لآخر”. ومعلوم أن عز الدين فهمي قال في ندوة صحفية، قبل أيام، إن ما قامت به قيادة الجيش لم يكن انقلابا عسكريا على الشرعية، وإنما استجابة لمطلب الشعب المصري لتصحيح مسار الثورة، وذكر إنه “كان بالإمكان التغاضي عن سوء التسيير لو أن مصر كانت تعيش نوعا من الاستقرار السياسي والاقتصادي”، لكن الأمر تجاوز يوميات المواطن “فقد شاهدنا كيف أن قرارات الرئيس السابق باتت تشكل تهديدا للأمن القومي في مصر وفي المنطقة”، وأنه يكفي أن “نذكر بطريقة التعامل السطحية مع ملف سد النهضة مع إثيوبيا، وأزمة الجنود المختطفين في سيناء”. وسلوك وزارة الخارجية مع السفير المصري، يعكس حالة انزعاج قصوى من إعادة طرح تجربة الجيش الجزائري للتحليل في مناسبة وغير مناسبة تزامنا والأحداث المصرية. وقد اعتبرت وزارة الخارجية، أمس، أن ما يحدث في مصر شأن داخلي، وأن مواقف الأحزاب السياسية لا تعبر عن مواقف الجزائر الرسمية، وأوضح الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني، في تصريح كتابي لإذاعة “موزاييك.اف.ام “ التونسية أن الوزارة ليس من صلاحيتها الرد على ذلك، معتبرة إن كل حزب سياسي يقدم آراء ومواقف خاصة بالأحداث الدولية، بناء على توجهاته وقناعاته السياسية. وسبق للجزائر أن أعلنت انشغالها العميق “جراء الأحداث الدموية التي وقعت في التظاهرات الأخيرة التي عرفتها مصر”، وقالت الخارجية “نحن نشجع بقوة على العمل الجاد من أجل تحقيق انتقال سلمي يعتمد على إيجاد حل توافقي ونهائي للأزمة الحالية”.