البرادعي: الرئيس المعزول لا يمكنه أن يشارك في العملية السياسية في المستقبل مع احتدام الصراع في الشارع السياسي المصري، تتوالى المبادرات للخروج من الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد، ويواصل أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي اعتصامهم وتظاهراتهم المناوئة والمنددة لإسقاطه، حيث خرجوا في مسيرات من مختلف مساجد القاهرة للمشاركة في مليونية إستيرداد الكرامة والحرية، تلبية لدعوة التحالف الوطني لدعم الشرعية المؤيد لمرسي. تأتي هذه التظاهرة في إطار الخطوات التصعيدية التي تقوم بها جماعة الإخوان، من أجل تحقيق مطالبها والتأكيد على ضرورة عودة مرسي إلى سدة الحكم لإنهاء الأزمة التي تعترض أمن ومستقبل البلاد. في جو مهيب واتهامات صارخة لقوات الأمن أقام، أمس، أنصار الإخوان صلاة الغائب على أرواح الضحايا الذين سقطوا في أحداث شارع النصر، بالقرب من ميدان رابعة العدوية، مكان اعتصامهم، وخرجوا في مسيرات جابت مختلف شوارع القاهرة للتأكيد على أنه لا رجعة عن مطالبهم، المتمثلة أساسا في عودة مرسي ومجلس الشورى الذي تم حله والقصاص للشهداء، بينما كثفت القوات الأمنية من تواجدها أمام المنشآت الحيوية والعسكرية، تحسبا لأي محاولات اقتحام أو اعتداء من قبل المتظاهرين، وقامت بتشكيل دروع بشرية في الشوارع المؤدية إلى مقر وزارة الدفاع بالعباسية، بعد توجه المتظاهرين إلى هناك حاملين الكفن والنعوش بين أيديهم. وكانت محافظة الإسماعيلية قد شهدت، ليلة أمس الأول، اشتباكات عنيفة بين أنصار ومعارضي مرسي، أسفرت عن إصابة 27 شخصا، عقب توجه مسيرة إلى مقر مديرية الأمن. وتأتي هذه التحركات الميدانية، في أعقاب ثاني زيارة لكاثرين آشتون، الممثل الأعلى للسياسة الأمنية والخارجية بالإتحاد الأوروبي، للقاهرة خلال أسبوعين، التقت خلالها عددا من المسؤولين المصريين. وكان مقررا أن تنهي آشتون زيارتها للقاهرة، أول أمس الاثنين، إلا أنها مددتها بسبب الصعوبات التي واجهتها مهمتها، خاصة أن الجماعة تتمسك بعودة مرسي والشرعية الدستورية لإنهاء الأزمة. وفي أول لقاء شخصي مباشر معلن عنه مع مسؤول، التقت آشتون الرئيس المعزول في مكان احتجازه، بعد زيارة مماثلة قام بها منذ أيام حقوقيون مصريون، إلا أنهم لم يتمكنوا من لقائه، وأكدت أن مرسي بصحة جيدة وأنه يتابع الأحداث عبر التلفزيون والصحف، مشيرة إلى أن اللقاء معه كان مفتوحا وصريحا ودافئا، وأنها لا تعلم أين بالتحديد، وأنها كانت مصرة أن تعرف عائلته أنه بخير. وحثت ممثلة الإتحاد الأوروبي في مؤتمر صحفي جمعها بنائب الرئيس المصري، الدكتور محمد البرادعي، على ضرورة الوصول إلى حل ومخرج للأزمة في مصر، وإشراك جميع القوى السياسية في الانتخابات دون إقصاء، وأبرزت أن لقاءها بمرسي كان بهدف المصالحة وليس للتدخل. وقالت كاثرين آشتون إن الاتحاد سيواصل جهود الوساطة لإنهاء الأزمة القائمة بمصر. ونقلت مصادر صحفية عن أشتون قولها في ختام زيارة للقاهرة أن دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي سيأتون إلى مصر لمواصلة مساعي الوساطة. من جهته، أكد محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري المؤقت المكلف بالعلاقات الدولية، أن الإخوان المسلمين “جزء من العملية السياسية” وأن هناك استعدادا من السلطة للتفاوض معهم مستقبلا في إطار البحث عن حل سياسي. وأوضح البرادعي خلال المؤتمر أن “هناك مبادرات تقدم بخصوص الوضع الحالي وأهم شيء هو وقف العنف بأسرع وسيلة وتشكيل لجان مستقلة للتحقيق في كل أحداث العنف”، وأعرب عن أمله في “أن يكون الإخوان المسلمون والسلفيون وكل فرد جزءا من العملية السياسية”. وقال البرادعي إنه “لا توجد اتصالات في الوقت الحالي مع جماعة الإخوان المسلمين، لكن هناك استعدادا للتفاوض معهم مستقبلا للبحث عن حل سياسي بالتوازي مع الحل الأمني “. وبشأن مستقبل محمد مرسي، قال البرادعي إن الرئيس المعزول لا يمكنه أن يشارك في العملية السياسية في المستقبل، وقال “إن هناك مرحلة جديدة وتصحيح مسار الثورة ومرسي فشل، لذلك لن يكون جزءا من العملية السياسية”. وفيما يخص مسألة المعتقلين، قال البرادعي إن هناك اتهامات ضد الرئيس المعزول وهناك عدد آخر من المسجونين على ذمة اتهامات و”أعتقد أنه عندما يتوقف العنف ويتم الدخول في حوار، فإن كل الخيارات مفتوحة”... حيث سيتم إطلاق سراح من اعتقلوا لأسباب أمنية ويترك للقضاء الحكم في القضايا الجنائية”. في خضم هذه التطورات، علقت تركيا بعض الاتفاقيات وبرتوكولات التعاون مع مصر في مجالات مختلفة، منها المواصلات والتعليم والصحة، والبالغ عددها 27 اتفاقية وقعت أثناء زيارة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى مصر العام الماضي، ويأتي قرار التعليق ردا على ثورة 30 جوان، ومقتل وإصابة العديد من المتظاهرين. وردا على ذلك، ذكر مصدر مسؤول أن مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية المصري استدعى سفير تركيا بالقاهرة لإبلاغه، بأن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأتراك تجاوزت كل الأعراف الدبلوماسية والاحترام المتبادل بين الدول، وتمثل تدخلا صريحا في الشأن المصري.