نفى الوزير الأول عبد المالك سلال، منذ حوالي عشرة أيام، وجود أي تغيير حكومي في الأفق، وقال سلال للصحفيين على هامش افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، “إن لا تغيير حكومي في الوقت الراهن، لأن الطاقم الحكومي يمارس مهامه بشكل عادي”، لكن الذي حدث بعد أيام من هذا التصريح كان تغييرا حكوميا يمكن وصفه بالشامل، وهو ما يعني في النهاية أن الرجل لا علم له بما جرى بالرغم من أنه يشغل منصب الوزير الأول... هذه الواقعة ذكرتنا بيوم قطع سلال زيارته لولاية تيزي وزو ونقله من هناك مباشرة على متن طائرة مروحية إلى مطار بوفاريك العسكري لحضور مراسم استقبال رئيس الجمهورية العائد يومها من رحلته العلاجية، وهي الحادثة التي كشفت يومها أن الرجل لم يكن يعلم بأن الرئيس سيعود يومها إلى الجزائر! أهم من هذا وأخطر منه... جرى التغيير الحكومي الأخير قبل حوالي ثمانية أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية القادمة، وإذا كانت كل انتخابات رئاسية عندنا وفي العالم أجمع، تُتبع آليا ومباشرة بتغييرات حكومية شاملة، فهل سيجد رئيس الجزائر القادم نفسه مجبرا على تشكيل حكومية جديدة؟.. المنطق يقول نعم، وليس مهما هنا إن كان هذا الرئيس هو عبد العزيز بوتفليقة أو غيره... إذا كان هذا هو منطق السياسة، فلماذا أجرى بوتفليقة تعديلا في اليومين الأخيرين، وهو سيجد نفسه أو يجد غيره نفسه مضطرا لتغيير حكومي مماثل؟ هناك إجماع على أن حسابات الرئاسيات القادمة كانت وراء التغيير الحكومي الأخير، فهل كان في “حكومة سلال الأخيرة والمعدلة” وزراء ضد الرئيس وسياسته، ويخططون للوقوف ضد إعادة انتخابه لعهدة رابعة أو الوقوف ضد من يختاره لخلافته، حتى يضطر لتغييرها في هذا الوقت غير المناسب؟ المعروف أن الوزارة المعنية بإجراء الانتخابات انطلاقا من بداية التحضير لها إلى غاية الإعلان عن نتائجها، هي وزارة الداخلية، فهل كان الرئيس خائفا أو لا يثق في الوزير السابق دحو ولد قابلية حتى يستبدله بآخر في هذا الوقت غير المناسب؟ الجواب الذي لا يختلف عليه جزائريان بمن فيهم بوتفليقة هو أن السيد ولد قابلية لا يحمل لشخص الرئيس إلا الاحترام والمودة والتقدير، ولا يمكن أن يفكر في كل الظروف والأحوال في الوقوف ضده أو ضد سياسته. كل شيء يُبين ويؤكد أن لا معنى ولا طعم ولا رائحة، بل ولا مبرر للتغيير الحكومي الأخير، وعليه فإن التفسير الوحيد لما جرى في ظل الظروف الحالية خاصة ما تعلق بمرض الرئيس والأحاديث عن عجزه عن آداء مهامه نتيجة هذا المرض هي الدافع والمبرر الوحيد للخطوة التي أقدم عليها... الرئيس أراد أن يقول للجزائريين أنا أُغير... إذن أنا موجود.