بات واضحا من خلال وصف الأمين العام للأفالان، الوزير الأول ب”الرجل السياسي السيئ”، أن التحالف حول العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة قد انفجر. وبقي أن نعرف أيا من سلال أو سعداني سيرحل في أقرب الآجال لإزالة الصراع داخل التحالف الواحد، لأن استمرار تراشق الرجلين بالعبارات المنحطة لا يسير في اتجاه خدمة الحملة الانتخابية للرئيس مهما كانت الأحوال. ويوضح الصراع بين سلال وسعداني أن خيار العهدة الرابعة ليس خيارا إستراتيجيا لمستقبل البلاد، بقدر ما هو خيار أشخاص أو جماعات تسعى للبقاء في السلطة، وفي حالة عجز أي طرف عن التغلب على الطرف الآخر، فالعهدة الرابعة ستصبح في خبر كان، مثلما أحيل بوتفليقة نفسه على مرحلة “عبور الصحراء” بعد وفاة بومدين وخسارة منافسه على الخلافة للرهان أيضا. في ظرف أيام قليلة أدلى سعداني بتصريح ثم تراجع عنه ثم عاد ليؤكده ويتهم غيره بالتراجع بدلا عنه... ولا يستبعد إذن أن يتراجع سعداني مرة أخرى عن العبارات التي أطلقها تجاه سلال، كما لا يستبعد أن يتراجع سلال عن التهجم على سعداني... ففن الهجوم والتراجع في عهد التحالف الرئاسي حول برنامج بوتفليقة معروف، لأن القاسم المشترك الوحيد بين أطراف التحالف هو مساندة الرئيس والحفاظ على الامتيازات. لكن قبل بضعة أشهر عن موعد الرئاسيات، الوضع يختلف ويجرد صراع سلال وسعداني، موضوع العهدة الرئاسية، من أي مصداقية، خاصة أن بوتفليقة لا يخاطب الجزائريين ولم يسكت سلال وسعداني، بمعنى أن المهزلة تجاوزت رئيس الجمهورية المريض الذي يقول عنه سلال وسعداني إنه يسير شؤون البلاد بالتفصيل. وإذا تصورنا بوتفليقة يتخلى عن وزيره الأول الذي يجوب الولايات منذ عدة أشهر ليغطي غياب الرئيس، فهذا سيضيف الشكوك لنواياه من العهدة الرابعة، إن كان قد قرر ذلك مثلما أكده سعداني، خاصة أنه عدل الحكومة منذ أشهر قليلة. أما إذا تنازل عن سعداني، فهذا أيضا يعني أن مشروع إبعاد الجيش عن السياسة الذي يكون مادة انتخابية كفيلة بإنجاح الحملة الانتخابية القادمة، لا معنى له في الواقع. وقدمت بعض المواقع الإلكترونية سعداني، منذ أمس، في وضع الرجل الذي يعد أيامه أو ساعاته على رأس الأفالان، في ظل تزايد عدد الملتحقين بالحركة التصحيحية الجديدة للأفالان. في حين قدمت أخرى سلال على أنه خارج حسابات بوتفليقة وسيرحل عن الحكومة قبل نهاية العام. المعركة إذن تحتدم كلما اقترب أكثر موعد الرئاسيات، ولا سعداني ولا سلال ولا أي من المرشحين الذين ينتظرون في بيوتهم قد حسم المعركة لحد الساعة.