ما ذكره اللّه تعالى من تطهير الصّدقة للمؤمنين يشمل أفرادهم وجماعاتهم. فهي تطهّر نفوس الأفراد من الذّنوب ومن أرجاس البُخل والدّناءة والقسوة والأثرة والطّمع، وغير ذلك من الرّذائل الاجتماعية الّتي هي مثار التّحاسد والتعادي والعدوان والفتن والحروب، وتزكّي أنفسهم أي تنمّيها وترفعها بالخيرات والبَركات الخلقية والعملية حتّى تكون بها أهلاً للسعادة الدّنيوية والأخروية. وأمّا الحسن في الزّكاة على تقدير معنى النّماء فنقول بالبَذل يزداد ماله وحاله، قال تعالى: {ما أنْفَقْتُم مِن شيء فهُو يُخْلِفُه}، فالعبد يبذل بقدر عبوديته واللّه يخلف بحقّ ألوهيته. وروي والخبر معروف أنّ مَلَكًا في السّماء يدعو في كلّ ساعة: ”اللّهمّ أعطي كل مُنْفِق خَلَفًا وكلّ مُمْسِك تَلَفًا”. ويُروى عن حاتم الزّاهد الأصم رحمه اللّه أنّه ظلّ يومًا صائمًا فلمّا أفطر سأل سائل بالباب فأعطاهُ ما حضر وجعل يُصلّي فأتي بمائدة عليها ما يَشتهيه، فأراد أن يتناول منها فسأل آخر بالباب فأعطاه المائدة بما عليها وجعل يُصلّي، إذ أتي بِصَرَّة فيها مال خطير: فلمّا سلّم بكى وقال: ”آه من الخلف آه من الخلف! أردت بما أعطيت العقبى فأعطيت الخلف في الدّنيا”، والمؤمن السّخي يتاجر مع اللّه فلن تبور تجارته إذا خلصت نيته وحسنت سيرته فإذا أحسن إلى الخلق فبإحسان اللّه إليه، فلولا إحسان اللّه إليه لما وجد للسّخاء سبيلاً. قال تعالى: {هَأنْتُمْ هؤلاء تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقوا في سبيل اللّه فمِنْكُم مَن يَبْخَل ومَنْ يَبْخَل فإنّما يَبْخَل عَنْ نفسِه وَاللّه الغَنِيّ وأنْتُم الفُقَرَاء} محمّد:38. ولا يأتي هذا إلاّ بتعلّم خُلق الإنفاق وتعليمه للأجيال الصّاعدة.