دعا أخصائيون في أمراض العقم والنساء السلطات العمومية إلى الانتباه لمشكلة العقم التي تتسع رقعتها بلا توقف منذ سنوات، بسبب النمط المعيشي والتحولات التي عرفها المجتمع الجزائري خلال الخمسين عاما الماضية. أخيرا، استفاقت السلطات العمومية لهذا المشكل الذي ظل لسنوات منسيا في أدراج الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الصحة طيلة العقود الماضية، وبرزت إلى السطح بوادر اهتمام من جانب السلطات العمومية لتبني مخطط وطني لمحاصرة الظاهرة التي تؤثر سلبا على كيان المجتمع على المدى المتوسط والطويل. وفي هذا الصدد، يقول البروفيسور بوزيد عداد، رئيس مصلحة أمراض النساء والتوليد بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، إن مسألة العقم في الجزائر باتت تمثل مشكل صحة عمومية وتتطلب بالتالي وضع إستراتيجية وطنية قصد التكفل بمن يعانون منه، ولن يتأتى ذلك، حسبه، إلا بتخصيص سجل وطني يحصي بدقة الأزواج الذين يعانون هذا المشكل. ويعاني ما بين 15 إلى 20 بالمائة من الأزواج في الجزائر من العقم، وتشير الإحصاءات المتعلقة بصحة الجزائريين في مجال الخصوبة، إلى أن الرجال أكثر المعنيين بالأمر وبنسبة 65 بالمائة من النسبة الإجمالية المشار إليها سابقا مقابل 35 بالمائة عند النساء، يحدث هذا في الوقت الذي مازال القطاع العمومي يعاني من انعدام مراكز خاصة بالإنجاب المدعوم طبيا ماعدا مركز “بارني” الذي شرع في النشاط في الصائفة الماضية ويحصي آلاف الملفات منها الجديدة ومنها القديمة التي استقبلتها مصلحة أمراض النساء ل"بارني” منذ سنة 2000 و2005، حينما أعلن آنذاك عن مبادرة علاج العقم بالمستشفى ذاته، مع استمرار امتناع الدولة عن تعويض العمليات المنجزة بالعيادات الخاصة التي يفرض العلاج بها أسعارا جد باهظة مقابل تقنيات خاصة بالمساعدة الطبية على الإنجاب. لكن يظهر أن لجوء الأزواج الذين يعانون من العقم مباشرة إلى تقنيات الإنجاب المدعوم طبيا ومنها طريقة التلقيح الاصطناعي وطريقة ال"إكسي”، هو مبادرة خاطئة كونها آخر حل يلجأ له الزوج، لأن أول خطوة، حسب رأي البروفيسور عداد، رئيس مصلحة أمراض النساء والتوليد بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، ممثلة في معاينة رحم المريضة بالمنظار والذي يسمح بالكشف عن الحالات الشاذة التي يمكن علاجها أثناء المعاينة، ما يمكّن المرأة من الحمل بعد الخضوع لتلك التقنية، وبالتالي يصف عدّاد المعاينة بالمنظار بالمرحلة التي لا يجب تجاهلها، مؤكدا على أنه فقط في حال استحالة الحمل بعد الخضوع لها يمكن للمرأة أن تلجأ للعلاج المدعوم طبيا. حكاية مراكز الإنجاب الخاصة ويعتبر مركز معالجة العقم بطريقة المنظار المركز المرجعي على مستوى الوطن والسبّاق لتطبيقها، وعن هذا يقول عدّاد إنهم استقبلوا نساء فشلت معهن طرق الإنجاب طبيا، ليتم توجيههن من قبل أصحاب تلك المراكز إلى مستشفى مصطفى باشا، مضيفا أنهم أخضعوهن لطريقة معاينة الرحم بالمنظار والتي توجت بعد ذلك بحمل. أما عن ما قد يلحق بالمرأة التي تلجأ مباشرة إلى تقنيات الإنجاب المدعوم طبيا دون المرور بطريقة المنظار، فإن تعاطي الأدوية الهرمونية بكثرة والتي قد ينتج عنها حمل متعدد، يضع حياتها وحياة المواليد في خطر، مع إمكانية موت هؤلاء المواليد إلى جانب إمكانية إصابتها بسرطان المبيض.