رحابي: المغرب موظَّف لدى دول غربية ضمن استراتيجية كبرى تثير زيارة الملك المغربي محمد السادس ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل إلى مالي وعدد من دول غرب إفريقيا للمرة الثانية منذ تولي إبراهيم ببكر كيتا رئاسة مالي، تساؤلات حول الدور الذي يريد أن يلعبه المغرب في الدولة الواقعة في الجنوب الغربي للجزائر، والتي لطالما لعبت فيها الجزائر الدور الأبرز على مدى عقود في إنهاء الحروب بين حكومة باماكو وقبائل الأزواد المتمردة في الشمال. قال القصر الملكي إن “العاهل المغربي سيقوم بزيارة رسمية بداية من يوم الثلاثاء المقبل إلى كل من مالي وغينيا، وزيارة صداقة إلى كل من ساحل العاج والغابون”. واعتبرت وكالة رويترز أن هذه الزيارة تأتي لتعزيز الدور المغربي في إفريقيا عامة ومنطقة الساحل والصحراء بصفة خاصة وتعويض الشغور الذي يخلفه انسحاب المغرب من منظمة الاتحاد الإفريقي. وكان المغرب انسحب من منظمة الاتحاد الإفريقي عام 1984 احتجاجا على انضمام الجمهورية الصحراوية التي تنازع المغرب على استقلال إقليم الصحراء الغربية منذ عام 1976. كما أعلن المغرب في سبتمبر 2013 موافقته على تدريب 500 إمام من مالي “للاستفادة من التجربة المغربية في تدبير الحقل الديني لمواجهة التطرف”، واستقبل مؤخرا زعماء الحركة الوطنية لتحرير أزواد بمدينة مراكش المغربية، في محاولة للعب دور حيوي في منطقة الساحل الإفريقي، وبالأخص في حل الأزمة في شمال مالي. وفي نفس الفترة استقبل الملك المغربي محمد السادس في مقر الإقامة الملكية في باماكو ممثلي الطريقة التيجانية والطريقة القادرية في مالي، في محاولة لدخول المغرب إلى منطقة الساحل من البوابة الدينية والأمنية، بعدما سبق أن رفضت الجزائر انضمام المغرب إلى دول “الميدان” ممثلة في مالي والنيجر وموريتانيا بالإضافة إلى الجزائر، باعتبار أن المغرب جغرافيا ليس جزءا من دول الميدان. كما يبرز الاهتمام المغربي بدول الساحل وغرب إفريقيا في إطار بحث الرباط عن مجال حيوي لتطوير اقتصادها المتعثر، والبحث عن أسواق جديدة بعد تأثير الأزمة الاقتصادية على أوروبا، وانعكس ذلك سلبا على الصادرات المغربية إلى أسواق أوروبية قريبة من المغرب على غرار إسبانيا والبرتغال وبدرجة أقل فرنسا. وفي هذا الشأن قال الوزير الجزائري الأسبق للاتصال عبد العزيز رحابي في اتصال مع “الخبر “ أمس إن تزايد النفوذ المغربي في مالي ودول الساحل مبني على تراجع الجزائر في المنطقة، وأضاف “وجودنا في مالي شبه منعدم، وهي منطقة تعتبر بوابة إفريقيا”. وتوقع الأستاذ الجامعي عبد العزيز رحابي أن استراتيجية المغرب في منطقة الساحل قد تكون ضمن استراتيجية غربية كبرى، وقد يكون المغرب موظفا لدى الدول الكبرى للقيام بدور معين في المنطقة لأنه لا يملك إمكانيات. وأشار رحابي إلى أنه طيلة 15 سنة لم يزر الرئيس بوتفليقة أي دولة من دول الساحل، في الوقت الذي زار ملك المغرب مالي مرتين خلال أقل من 6 أشهر، وتساءل كيف يكون لنا نفوذ في منطقة الساحل وليس لنا لا شركات ولا بنوك، في الوقت الذي يستثمر المغرب في هذا المجال في دول المنطقة، وأضاف قائلا “خسرنا إفريقيا ولم نربح أوروبا”، موضحا أن الرئيس بوتفليقة زار فرنسا 7 مرات خلال 15 سنة، ولكن كانت هناك علاقات تجارية رفعت سقف واردات الجزائر إلى 50 مليار دولار سنويا. من جانب آخر قال منار السليمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط لرويترز “غياب المغرب عن الاتحاد الإفريقي لم يؤثر على علاقاته السياسية والاقتصادية بإفريقيا خاصة في فترة محمد السادس الذي يعتبر إفريقيا هي العمق الإستراتيجي للمغرب”. وأضاف السليمي “المغرب يريد أن يلعب دورا استراتيجيا في منطقة الساحل والصحراء وإعادة بناء الدولة في مالي وتحصينها من مخاطر الجماعات المتطرفة في الشمال”.