كيري سيأتي إلى الجزائر.. كيري لن يأتي إلى الجزائر.. هذا ما يردده الكثيرون هذه الأيام .. فبعد أن انتهى الرأي العام الجزائري أو ربما حسم أمره في حكايات مسلسل “العهدة الرابعة”، بأجزائه المختلفة، “الرئيس في فال دوغراس”، “الرئيس يترشح” و”رسائل الرئيس الغرامية للشعب”، و”مرض الرئيس” الجزء الذي أصبح واقعا نعيشه يوميا، ومسلسلا تركيا بكل تفاصيله المثيرة والمملة.. وبعد أن انتهى مسلسل “النكت الكارثية وسلال”، الذي تعلّم أخيرا فن الخطابة، وتوقف عن إطلاق نكته المستفزّة.. وبعد أن انتهت قضية حنون مع مقري، وما نتج عنها من صراع بين أمينين عامين لحزبين، يقال إنهما “كبيرين” على مستوى لا يرقى له الشعب المسكين، لأن جلسة في باريس مع كؤوس في “صحتك يا وطن” لا يحلم بها المواطن المطحون بهموم الحياة اليومية.. ها هو مسلسل آخر يفتح الباب على مصراعيه للتأويل والبحث والتنقيب والتفسير والربط والحل والتخمين، وقد يتدخل فيه حتى بلحمر من أجل التنجيم وطرح السؤال على أهل الجن، قد يجدون تفسيرا له.. لقد انطلق مسلسل “كيري”، وبدأت الأسئلة تطرح حول مصير البطل جون كيري وزيارته إلى الجزائر، لما قد يأتي وزير الخارجية الأمريكي إلى الجزائر؟ ولما قد يُغير تاريخ زيارته إلى الجزائر للمرة الثانية، بعد أن كانت مقرّرة نهاية العام الماضي..؟ أسئلة طُرحت منذ أيام.. هل لأن كيري بعد أن عرّج على الاليزيه أخذ التقارير اللازمة عن حالة الوضع في الجزائر، ورأى أنه ليس من الضروري أن يزيد من “جراح الشعب الجزائري”، حيث ستُستغل زيارته في الترويج لأنصار العهدة الرابعة، بأن أمريكا تزكي الرئيس بوتفليقة حيا أو ميتا، مثلما يفعل غيرها، وبما أن أمريكا تحترم “إرادة الشعوب”، فهي تنآى بنفسها عن هذه التهمة، التي قد تجعلها في نظر الشعب الجزائري شريكة مع نظام يصفه بالفاسد ورئيس لا يمكنه أن يقود بلاده من على كرسي متحرك.. أم حسب الجزء الثاني من المسلسل، أن أمريكا التي تعرف بالحروب الاستباقية والخطط الاستباقية والأحكام الاستباقية، تنتظر أين تتجه الأمور بعد الانتخابات، خاصة أن الحالة الصحية لبوتفليقة في تدهور مستمر، ودائرة الغليان في الجزائر تتسع أكثر فأكثر، مما يجعل احتمال حدوث التغيير قبل الانتخابات أو بعدها وارد جدا.. وبالتالي فأمريكا لا تريد أن تبدو أنها حسمت أمرها إلى جانب طرف على حساب أطراف أخرى من اللعبة السياسية في الجزائر. أمريكا مع المنتصر دائما أو مع من يضمن لها مصلحتها مستقبلا وعلى المدى الطويل، وهذا ذكاء معروف من أمريكا، فهي لا تتدخل إلا إذا رأت أن مصالحها مهددة أو تتدخل إذا رأت أن موازين القوى تغيّرت وعليها أن تقف إلى جانب الكفة الأقوى. أما الجزء الثالث من المسلسل أن جون كيري سيأتي وفي أجندته مجموعة النقاط التي سيطرحها على مفاصل النظام الجزائري ليتحصل على مزيد من التنازلات، وضمان أكبر للمصالح الأمريكية، خاصة في المجال الأمني الذي تركّز عليه أمريكا، وبالتالي تتفاوض لتتحصل على ما تريد.. أما الجزء الأخير من المسلسل أن الخارجية الجزائرية، قد اعتذرت من كيري، لأن الرئيس بوتفليقة غير قادر على استقباله، فأمريكا ليست أي دولة، حتى يدخل وزيرها في تمثيلية سينمائية رديئة وهوليوود ليست استوديوهات الجزائر وستيفين سبيلبرغ ليس مخرجا جزائريا، وبالتالي فعملية الفبركة السينمائية مستبعدة جدا ومن الطبيعي واحتراما لهذه الدولة العظمى التي توصف بدركي العالم أن لا نتورط معها في عملية مشابهة.. لكن مهما يكن من احتمالات، فإن كيري لن يأتي لزيارة مريض، بل لإحضار إما بعض المسكنات للنظام المريض أو بعض المنبّهات وبين المسكّن والمنبّه يكمن مستقبل المصالح الأمريكية في الجزائر.. [email protected]