أمريكا يهمها الوضع القائم في الجزائر وليس العهدة الرابعة استقواء أنصار بوتفليقة بواشنطن تعويل على السراب يحلل حسني عبيدي الأستاذ في معهد الدراسات الأوروبية بجامعة جنيف أبعاد الزيارة المرتقبة بعد يومين لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، من حيث توقيتها ومضمونها، ويحاول عقد مقارنة بين الموقف الأمريكي في التعاطي مع الانتخابات الرئاسية وبين الأوروبي الذي رفض مؤخرا إيفاد لجنة لمراقبة الانتخابات. كيف تقرأ زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الجزائر في هذا التوقيت؟ الزيارة ليست مفاجئة، فقد كان مقررا لها من عدة أشهر. كما أن لدى الإدارة الأمريكية تقليدا يقوم على الحفاظ على علاقة قوية مع الجزائر. الأهم في الزيارة توقيتها ومضمونها. واشنطن تؤمن بأن الجزائر التي لم تنهَر في العشرية السوداء لها من الدعائم ما يجعلها تجتاز مختلف الهزات الأمنية والسياسية، وبالتالي كان لزاما أن تبقي على العلاقة مع الجزائر ولو كانت في فترة انتخابية حرجة. كيري يريد أن يقول: الانتخابات قضيتكم لكن استقرار الجزائر يهمنا. هل تعتبر هذه الزيارة الرفيعة تزكية من أمريكا للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة؟ التوقيت يشكل مؤشرا على أن واشنطن تولي أهمية بالغة لدور الجزائر في المنطقة، وبالتالي يجب أن لا يؤدي الحراك السياسي بالنسبة لواشنطن إلى زعزعة الأمن والاستقرار. واشنطن تعرف أن بوتفليقة كشخص ليس الحاكم الفعلي وإنما النظام السلطوي الذي أسسه الرئيس، وبالتالي أمريكا لا تدعم مباشرة العهدة الرابعة وإنما هي راضية على الوضع القائم. علما بأن محيط بوتفليقة يقوم منذ فترة بالترويج له في الكونغرس والخارجية الأمريكية ولدى الشركات النفطية على أن بوتفليقة الأقدر على حماية مصالح واشنطن. يجب أن لا ننسى بأن بوتفليقة سمح للقوات الأمريكية باستخدام الأراضي الجزائرية في عملياتها في جنوب الصحراء. إذن ستركز الزيارة على المحور الأمني المتعلق بالتعاون في مكافحة الإرهاب؟ جغرافية الجزائر، ثرواتها وقدراتها الأمنية هي التي تحدد دورها السياسي والأمني. من هنا جاء التعاطي الأمريكي مع الجزائر خاصة أن واشنطن غير مرتاحة لتبعات عملية سيرفال في مالي والدور الكبير الذي أعطته باريس للمغرب للانفراد بمنطقة الساحل على حساب الجزائر بتمويل من الرياض وأبو ظبي. في حين أن واشنطن لديها مقاربة مختلفة مع باريس. إضافة إلى خطورة الوضع في ليبيا ومصر، ما يشكل عبئا أمنيا على واشنطن التي بدأت أصلا في نشر جنودها في الحدود الساحلية. واشنطن مازالت تأمل في موافقة الجزائر على استقبال مقر الأفريكوم الذي ترغب في أن تكون قيادته في الجزائر. هل ستُستغل الزيارة في دعم خطاب التخويف الذي يروجه أنصار الرئيس؟ من المؤكد أن الحملة الانتخابية لبوتفليقة ستحاول توظيف الزيارة. لكن التعويل والاستقواء بواشنطن سراب. فقط الإصلاح الداخلي وتحصين البلاد داخليا كفيل بضمان الاستقرار. كم كانت العلاقة بين أمريكا ومصر حسني مبارك قوية، لكن انتفاضة الشعب زعزعت الحكم وهزت العلاقة بين البلدين. كيف تقارن بين الموقف الأمريكي والموقف الأوربي (رفضوا إيفاد لجنة للمراقبة) في التعاطي مع الانتخابات الرئاسية في الجزائر؟ من اللافت أن بعد رفض أوروبا إيفاد بعثة مراقبة لشكوكهم في نزاهة الانتخابات، رفض رجال بوتفليقة استقبال وزير الدفاع الفرنسي بحجة أن الجزائر في حملة انتخابية. وكذا غضبهم على توزيع الأدوار بين باريس والرباط في منطقة الساحل. لكن لأن ما يهم كيري هو ضمانات الجزائر خارجيا ونفطيا وليس ضمانات النزاهة الانتخابية والانتقال الديمقراطي، فهو مرحب به في عز الحملة الانتخابية، ليتم تسويق زيارته على أنها اعتراف أمريكي مسبق بالرئيس القديم الجديد.