بن غبريط تريد إصلاح المنظومة التربوية مجددا.ǃ هذا شيء جيل ولا شك، لكن ما نخشاه هو أن يكون إصلاحها القادم مثل إصلاحها الماضي والحاضر الذي أنجزته مع بن زغو.ǃ الحق يقال أن المنظومة التربوية الجزائرية في حاجة إلى إصلاحات عميقة وجذرية لإخراجها مما هي فيه الآن من تجاذبات إيديولوجية أكثر منها علمية وإصلاحية. المنظومة التربوية الجزائرية لم تعرف حالة من الإصلاح إلا في عهد الراحل بومدين سنة 1970 أي قبل 45 سنة. الإصلاح الذي نفذه بومدين سنة 1971 شكل له لجنة وطنية كان فيها خيرة ما في البلاد من إطارات في الجامعة وفي قطاع التربية وفي السلطة أيضا. لجنة الإصلاح التربوي كانت برئاسة الدكتور أحمد طالب وعضوية دكاترة الجامعة من أمثال الدكتور شريط والدكتور عبد المجيد مزيان والدكتور أبو القاسم سعد الله والميلي وركيبي ومهري وغيرهم. نصب بومدين اللجنة في وضح النهار في قصر زيغوت يوسف وقال لهم: عليكم إعداد إصلاح تربوي عميق يستجيب لثلاثة انشغالات راهنة هي: أولا: إصلاح يحقق ديمقراطية التعليم، لأن النظام التربوي الموروث عن الاستعمار كان عائقا في بعض جوانبه في ديمقراطية التعليم وحق أبناء الجزائر في التعليم. ثانيا: تحقيق الاتجاه العلمي والتقني لتصحيح الوضع في المنظومة التربوية الموروثة عن الاستعمار لأنها كانت توجه الجزائريين إلى الأدبيات والعلوم الإنسانية لتسهيل عملية الاندماج الثقافي وتقديم الخدمات للاستعمار في علاقته بالشعب. ثالثا: التعريب وهي المسألة التي كانت الانشغال الأساسي في مرحلة ما بعد الاستقلال من أجل تحرير البلاد في مجال اللغة وإعادة الأمور إلى نصابها، كان وقتها الحوار على أشده بين جماعة تقول بعدم قدره اللغة العربية على مسايرة التقدم العلمي وبين من يقول إن اللغة لا علاقة لها بالتقدم أو التخلف العلمي. اشتغلت اللجنة قرابة ستة أشهر تقريبا وأعدت تقريرا بالإصلاحات قدم لبومدين في نفس القاعة التي نصبت فيها اللجنة.. ولكن كانت المفاجأة كبيرة حيث قام بومدين بتشتيت أوراق التقرير في القاعة في وجه الأعضاء قائلا لهم: ”طلبت منكم إعداد إصلاحات تحقق المبادئ الثلاثة.. لكن أعددتم لي تقريرا بإصلاحات تكرس منظومة تربوية لأبناء ”القيادة” والبشاغوات الجدد؟ǃ” وأعطى اللجنة مهلة جديدة وأنهت بالفعل أعمالها في ظرف قياسي وأعدت الإصلاحات الوحيدة التي تمت بعد الاستقلال ونفذت في 1971 في الجامعة وفي المنظومة التعليمية في أواسط السبعينيات بالمدرسة الأساسية. هذا هو الإصلاح الوحيد الذي عرفته الجزائر في عهد الاستقلال طوال 50 سنة، وما عداه من الإصلاحات فهو مناوشات إيديولوجية لا علاقة لها بالإصلاح وبالتربية.. سواء التي قام بها الأشرف أو التي قام بها بعده بن زاغو وجماعته.. ونتمنى أن لا تكون إصلاحات بن غبريط إيديولوجية.ǃ لأن المسألة أكبر من وزيرة.