ألا تعتقدون أنكم كنتم بحاجة لسيناريو أكثر دقّة وجدية؟ هذا النوع من الأعمال الفنية بفرنسا حاليا، الذي كتبته رفقة صديقي أليكسي مارون، لا يحتاج لكتّاب سيناريو كبار، فالصورة وجماليتها وعفوية وبساطة الأشخاص الذين ستنطقهم الكاميرا بطريقة فيها تشويق وسفر من مدينة ساحلية إلى أخرى مع محاولة إبراز التناقضات الاجتماعية والتنوع الجمالي للساحل الجزائري على طول 1460 كلم، عكس ما هو معروف أن الساحل الجزائري على البحر المتوسط طوله 1200 كلم. يستشف المشاهد في بداية العمل أنه لا يخلو من الرسائل السياسية المشفّرة؟ هل تعتقدون ذلك؟ لا أظن.. فنحن في “تالاسا” لا تهمنا مسائل السياسة ونريد إبراز العمق الاجتماعي، ولما يقول المعلق في بداية الفيلم “العشرية السوداء مرّت من هنا” فمعناه أننا نريد أن نقول للمتلقي، الفرنسي خاصّة، إن الأزمة الأمنية في الجزائر أصبحت من الماضي، وأن الجزائريين عليهم العودة نحو البحر بحثا عن التنمية وعن الحياة والفرح. وحين نقول في بداية العمل أيضا إنّنا سننقل صورا من أعماق البحر ومن الجوّ؛ صور ليست تلك التي ألفها الفرنسيون من الشباب، خاصّة عن الرئيس الجزائري وعن الإرهاب؛ صور جديدة تعيد اكتشاف هذا البلد المتوسطي الكبير الذي يجهله الجيل الجديد بفرنسا، على عكس دول مثل المغرب وتونس. والمحصلة أننا أردنا تقديم قراءة مهمّة في علاقة الجزائري بالبحر في الوقت الراهن، من حيث المسائل الاجتماعية إلى الواقع التنموي والبيئي، مع هذا لا يمكن أن نخفي أننا تعرضنا لعراقيل بيروقراطية معقّدة من قِبل الإدارة الجزائرية، ووجدنا صعوبات كبيرة للإقناع بضرورة استعمال المروحيات والغطاسين في عملية التصوير. لماذا أغفلت تصوير 120 كلم من أقصى الساحل الغربي للجزائر؟ صحيح.. بداية الرحلة كانت من وهران ومن المستحيل تصوير كل تفاصيل الساحل الجزائري في 110 دقيقة. لقد تمنيت فعلا تصوير جزيرة رشقون الخلابة والمنارة البحرية الموجودة بها، على غرار ما فعلت مع جزيرة الحبيبة في وهران، وشدّتني صخرة “ الشقيقان” بساحل مدينة الغزوات، وهي مناظر تمنيت إظهارها في العمل، ولكن الضرورة التقنية في بعض الأحيان تفرض نفسها علينا. وتقريبا تسعين بالمائة من المشاهد التي صوّرت موجودة في الفيلم.