استعرض كل من الدكتور عبد المجيد شيخي والأستاذ ميڤال أنڤال من جامعة مدريد، مراحل تطور العلاقات بين الجزائر وإسبانيا بداية من سقوط غرناطة، والوثائق التي تتحدث عن تلك الفترة، حيث دعا ميڤال أنڤال المؤرخين إلى دراستها، بينما وصف عبد المجيد شيخي مرور دي سارفانتس بالجزائر، ب”المحطة الهامة” في تحوله إلى كاتب عالمي. اعتبر الدكتور عبد المجيد شيخي، المدير العام للأرشيف الوطني، في مداخلة أمام المشاركين في ندوة علمية دولية بتلمسان، حول شخصية الكاتب الإسباني الكبير ميڤال دي سارفانتس، أن عاصمة الزيانيين تملك رصيدا تاريخيا مهما في علاقة الجزائر بإسبانيا، منذ القرن الخامس عشر ميلادي، في فترة عرف فيها المتوسط انقلابين كبيرين، تمثل الأول في سقوط القسطنطينية وقيام الدولة العثمانية، والثاني بسقوط غرناطة في الأندلس سنة 1492 وصعود المسيحية إلى الحكم، ليبدأ الصراع بين المنظومتين والثقافتين الإسلامية شرقا والإسبانية غربا. وكانت الجزائر بموقعها في قلب هذا الصراع. وأوضح شيخي أنه في تلك الفترة أسر بحارة جزائريون الكاتب الإسباني في عرض البحر، ونقلوه إلى الجزائر حيث عايش يوميات الجزائريين البسطاء بعيدا عن أعين الجواسيس الإسبان، فكان مروره بالجزائر محطة هامة في تحوله إلى كاتب عالمي. واعتبر من جهته الباحث ميڤال أنڤال من جامعة مدريد، أن الإسبان يعتقدون جازمين أنه لا يمكن فهم ما يجري في المتوسط دون فهم ما يجري في الجزائر، التي كانت بمثابة مزيج لكل العالم في القرن السادس عشر. كان للجزائريين والأوربيين تأثير على العالم منذ القدم، حسب المتدخل، مضيفا: ”إسبانيا نعتبرها المكان الذي توجد به أكبر المعطيات الخاصة بتاريخ الجزائر، في الفترة العثمانية، وللأسف الاستعمار الفرنسي أجهز على الكثير منها، وثلث الوثائق الموجودة بإسبانيا مصدرها دول المغرب العربي والجزائر وهي بدون مبالغة بالغة الأهمية”. وقال ميڤال أنڤال: ”نعول كثيرا على دراسة العلاقة بين الجزائر وإسبانيا في تلك المرحلة، والوثائق التي أتحدث عنها غاية في الأهمية في مرحلة المورسكيين ومجيئهم من إسبانيا إلى الجزائر، واعتبار الجزائر إقليما جديدا، كما كان الإقليم الجزائري، حسب الأرشيف الإسباني، بمثابة أمريكا بالنسبة للأتراك، الذين ذابوا في المجتمع الجزائري”. واستعرض المتحدث تاريخ هذه الفترة التي مكث فيها الإسبان في مدن جزائرية مثل وهران وقسنطينة والجزائر العاصمة، ونتج عن هذه الإقامة أنسجة إنسانية وثقافية. وتتحدث بعض الوثائق المطبوعة في مطبعة سرية ببرشلونة سنة 1614 عن ذلك، كما تتضمن وصفا دقيقا لسواحل الجزائر ومدنها، ما يدل أن الجزائر كانت هدفا للاحتلال الإسباني قبل الفرنسي، وفي تلك الفترة أسر دي سارفانتس بالجزائر، وهناك كتابات تتحدث عن ظروف أسره وحراسته وحتى فراره. وقد كتب ذلك دي سارفانتس نفسه، كتابات وصفت الجزائر بدقة ونقلت الكاتب إلى العالمية. للإشارة، حضر الندوة الدولية باحثون من إسبانيا وتركيا وتونس, وقد عرض خلال الجلسة الافتتاحية شريط وثائقي تاريخي، تحدث عن حادثة أسر ومرور الكاتب ميڤال دي سارفانتس سافيدرا بالجزائر قبل تحوله إلى كاتب مشهور.