شرع، أمس، الفريق الفرنسي للتحقيق في قضية رهبان تيبحيرين، تحت إشراف قاضي مكافحة الإرهاب “مارك تريفيديتش”، في أولى إجراءات التحقيق، بمعاينة مكان دفن جماجم الرهبان، وجمع الحمض النووي للتحقق من هويات الضحايا. وبدأ فريق التحقيق الفرنسي، المشكّل من 15 مختصا في مختلف مجالات التحقيق، عمله باجتماع “معاينة”، وفقا لتقارير فرنسية قالت، أمس، إن فريق العمل يتنقل منذ أمس، بين مرتفعات المدية، حيث اغتيل الرهبان، ودفنت جماجمهم، وبين العاصمة (لأسباب أمنية) للإقامة بها طوال فترة تواجدهم بالجزائر والمقررة بمدة أسبوع. وحسب أجندة العمل التي حددها القاضي مارك تريفيديتش، فإنه شرع، أمس، في استخراج جماجم الضحايا السبعة، من أجل التحقق من هوية أصحابها، بمعاينات فحصية أولية، ولم يسبق أن أجريت حسب “لوفيغارو” معاينات بخصوص هوية الضحايا، من قبل سوى ما تعلق بمعاينة عرضية قام بها الأب “أرموند فيلو”، بالمستشفى العسكري بالجزائر بعد أن اكتشفت مصالح الأمن رؤوس الضحايا دون أجسادهم. ولا يحوز المحققون الفرنسيون سوى على كليشيهات وصور لرؤوس الضحايا، تم تصويرها من قبل الدرك سنة 1996. وموازاة مع عمل فريق التحقيق الفرنسي، باشر مختصون جزائريون عملية تحقيق آخر من جانبهم، غير أن الأهم في التحقيقات، هو ما سيقوم به الفرنسيون في مجال تحديد هوية الضحايا، ويتعلق الأمر بالمقارنات الجينية، حيث اصطحب القاضي الفرنسي معه عينات جينية من كل فرد من عائلات الضحايا. ويسعى إلى الإلمام بكل جوانب التحقيق، قياسا بالترسانة البشرية التي اصطحبها وشملت مسؤولين من الشرطة القضائية، وحرس الشخصيات ومختصون في الفحص الطبي، وعالم الأنثروبولوجيا، وطبيب أشعة وخبير في الحمض النووي، في محاولة لتسليط الضوء والاقتراب أكثر من ظروف لا تزال غامضة أحاطت باغتيال الرهبان الفرنسيين قبل 22 سنة كاملة. ووضعت السلطات الجزائرية، القريبة من عمل فريق التحقيق الفرنسي، ماسحا ضوئيا متطورا في خدمة مساعي التحقيق – من خلال الجماجم - في ما إذا كان الرهبان قتلوا رميا بالرصاص أولا أم قطعت رؤوسهم مباشرة، بعدما كان الفرنسيون يعتزمون في البداية استقدام أجهزة أشعة على متن طائرة شحن، ويرتقب أيضا أن يفحص المحققون الجماجم لتعقب آثار القتل بواسطة “الأشعة السينية”، ويكون المحققون اعتمدوا على هذه التقنية لمعرفة إن كانت هناك آثار للرصاص في الجماجم، وهذا يقرب إليهم فرضية ظلت بأذهان المحققين الفرنسيين، من أن الجيش الجزائري يمكن أن يكون قد قتل هؤلاء خطأ عند محاولته تحرير الرهبان المختطفين من قبل عناصر “الجماعة الإسلامية المسلحة”، وذلك قياسا أيضا، بتصريحات مختلفة استقاها الفرنسيون من عسكريين سابقين بالجيش الجزائري أو بتصريحات ضابط فرنسي (الجنرال بوشوالتير) الذي كان يشتغل ملحقا عسكريا بسفارة فرنسابالجزائر عام 1996. ويرتقب أن يتنقل قاض جزائري إلى فرنسا يوم 23 أكتوبر الجاري، من أجل استجواب شخصيتين عسكريتين، هما “بيار دواري”، الذي كان يشتغل بسفارة فرنسابالجزائر، بدعوى أنه استقبل مبعوثا من “الجيا” بمقر السفارة عام 96، واستقى منه معلومات لها علاقة بمقتل الرهبان، وكذلك جون شارل مارشياني، وهو ضابط سابق في المخابرات الفرنسية، الذي قال في تصريح له إن الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، كلفه بالتفاوض على فدية مع مختطفي الرهبان بالجزائر، لكن الوزير الأول الفرنسي، آنذاك، آلان جوبي، أوقف العملية. ويعتبر “الأب أرموند فايو” أن “مهمة القاضي مارك تريفيديتش بالجزائر ماهي إلا خطوة أولى”، وقال إن “عائلات الضحايا لا ينتظرون الحقيقة من خلال تشريح الجماجم، ونتمنى أن يؤدي التشريح إلى معرفة المكان الذي أخفي فيه ما تبقى من الأجساد”.