قال الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم صِرَاطَ الّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّالين} الفاتحة:7، يقول الحافظ ابن كثير: ”والهداية ههنا: الإرشاد والتّوفيق”، وذكر ابن القيم رحمه الله الغفلة واتباع الهوى وحذّر منهما، ثمّ ذكر كلامًا جميلاً فقال: ”فالغفلة تحول بين العبد وبين تصوّر الحقّ ومعرفته والعلم به فيكون من الضّالين، واتّباع الهوى يصدّه عن قصد الحقّ وإرادته واتّباعه فيكون من المغضوب عليهم”، ثمّ قال: ”وأمّا المُنعَم عليهم فهم الّذين منَّ الله عليهم بمعرفة الحقّ علمًا، وبالانقياد إليه وإيثاره على ما سواه عملاً، وهؤلاء هم الّذين على سبيل النّجاة، ومن سواهم على سبيل الهلاك، ولهذا أمرنا الله سبحانه أن نقول كلّ يوم وليلة عدّة مرّات: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم صِرَاطَ الّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّالين} الفاتحة:7. ثمّ بيَّن رحمه الله بكلام نبيل فضل هذا الدّعاء الجليل العبق الجميل؛ فقال رحمه الله: ”فإنّ العبد مضطر كلّ الاضطرار إلى أن يكون عارفًا بما ينفعه في معاشه ومعاده، وأن يكون مؤثّرًا مريدًا لما ينفعه، مجتنبًا لما يضرّه، فبمجموع هذين يكون قد هدي إلى الصّراط المستقيم، فإن فاته معرفة ذلك سلك سبيل الضّالين، وإن فاته قصده واتّباعه سلك سبيل المغضوب عليهم، وبهذا يعرف قدر هذا الدّعاء العظيم، وشدّة الحاجة إليه وتوقّف سعادة الدّنيا والآخرة عليه”.