تشير تقديرات للبنك الدولي إلى أن أسعار النفط ستحافظ على مستوياتها المتدنية على المدى المتوسط، إذ لن ترتفع إلى حوالي 74.1 دولار سوى في آفاق 2020 لتصل إلى مستوى 100 دولار بعد خمس سنوات من ذلك، أي بحلول سنة 2025، وهي الوتيرة التي من شأنها أن تعرض المخزون الجزائري من العملة الصعبة للنفاد خلال سنتين فقط. استند تقرير لصندوق النقد العربي اعتمد على توقعات البنك العالمي على العديد من المعطيات تؤكد كلها بأن أسعار المواد الخام في المستوى المنظور، بصرف النظر عن التوقعات المتعلقة بدخول الإنتاج الإيراني من النفط للسوق الدولية الذي يعزز نفس الاتجاه، وذكّر بأنه منذ النصف الثاني من عام 2014، انكمشت أسعار النفط الخام بحوالي 9 في المائة لتسجل حوالي 96 دولارا في المتوسط، مقارنة بحوالي 105.9 دولار أمريكي للبرميل عام 2013.
وأرجع التقرير هذا الانخفاض إلى عدة عوامل منها تراجع الطلب العالمي على النفط الخام بسبب انخفاض معدلات النمو الاقتصاد العالمي ووفرة المعروض من النفط ووسائل الطاقة الأخرى، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قامت بزيادة إنتاجها من النفط الخام من 7.4 مليون برميل يوميا في عام 2013، إلى 8.6 مليون برميل يوميا في عام 2014، بسبب تنامي ظاهرة النفط الصخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تعتبر من بين أكبر الدول استهلاكا واستيراد للطاقة، حيث ارتفع إنتاجها من 3.2 مليون في عام 2013 إلى 4.2 و4.8 مليون برميل يوميا عامي 2014 و2015 على التوالي، ما أدى إلى انكماش صافي الواردات النفطية منذ عام 2012 بنحو 8.8 في المائة لتصل إلى 6.4 مليون برميل يومياً عام 2015، مقارنة بحوالي 8.5 و7.6 مليون برميل يوميا عامي 2014 و2015 على التوالي. كما أثر تباطؤ الاقتصاد العالمي، خاصة في منطقة الأورو ودول آسيا، في الطلب على النفط الخام، الأمر الذي يدعم وتيرة تراجع سعر البرميل في الأسواق العالمية.
وفي ظل عدم قدرة منظمة الدولة المصدرة للنفط “أوبك”، التي تعتمد عليها الجزائر، على حماية أسعار المواد الطاقوية عبر ضمان سقف محدد من العرض والإنتاج، تشير التقديرات إلى تواصل تداول النفط والغاز بأسعار “رخيصة”، من منطلق أن الإنتاج العالمي من الطاقة البديلة، لاسيما الغاز والبترول الصخريين، سيقدر بحوالي 5.6 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل 7.1 في المائة من إجمالي الإمدادات العالمية من النفط الخام بنهاية سنة 2015، ويتوقع أن يرتفع الإنتاج بنحو 3.3 في المائة سنويا ليصل إلى 9.2 مليون برميل يوميا عام 2030.
وتؤدي هذه الوضعية إلى اغراق السوق من خلال بلوغ زيادة كبيرة في حجم العرض وكسر الأسعار بشكل مستمر، حيث أشار التقرير إلى أن ديناميكية أسعار النفط تخضع لعدة عوامل رئيسية تساهم بدرجة كبيرة في تغير سعر برميل النفط بالأسواق العالمية، كالتوازن بين العرض والطلب والوضع الاقتصادي الكلي لاقتصادات العالم والمتغيرات الجيوسياسية، بالإضافة إلى مساهمة الدولار الأمريكي في تقلبات الطلب على النفط، حيث يقوم سعر برميل النفط الخام على قيمة هذه العملة، وبالتالي فإن أي انخفاض في سعر صرف العملة الأمريكية سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على النفط، والعكس في حالة ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، كما يساهم أيضا الوضع العام في أسواق المال العالمية بتقلبات أسعار النفط، هي معطيات كلها تتجه نحو دعم فرضيه عدم بلوغ سعر المواد الخام المستويات المسجلة قبل جوان 2014.