يعتبر السعيد قبنه، أستاذ مادة اللغة العربية بمتوسطة بته لعبيدي ببلدية المڤرن شرق ولاية الوادي، من ألمع الأساتذة الناجحين تربويا وسلوكيا بشهادة الكثير من زملائه الذين يقرون بتواضعه وعطائه، وكثيرا ما كرمه تلاميذه في مناسبات عديدة لقاء النتائج الجيدة التي تحصلوا عليها في الدراسة. يقول الأستاذ السعيد لقراء “الخبر” إنه أحب اللغة العربية منذ نعومة أظافره، حيث درس على يد أساتذة أفذاذ غادروا الحياة إلى بارئهم منهم بوبكر سلطاني والسعيد القماري، هذا الأخير الذي كان كثيرا ما يقول لمحدثنا: “ربي يبتليك بالتعليم”. “وبالفعل” يضيف السعيد: “قد ابتلاني الله سبحانه وتعالى بمهنة التعليم فأغرمت بها وأعطيتها الكثير من روحي وجهدي وثقافتي ووقتي، بل وعلى حساب أسرتي التي أهملت تلبية حاجياتها في بعض الأحيان لصالح مهنتي”. ولد السعيد قبنه سنة 1968 في بلدية المڤرن من أسرة فقيرة. ومن العوامل التي ساعدته، كما يقول، على النجاح في مساره العلمي والعملي شغفه بالمطالعة، فقد كان ينفق كل أمواله في شراء الكتب والقصص والمجلات، فقد قرأ “الأيام” لطه حسين وعمره لم يتجاوز العاشرة، وتابع مجلة “العربي” الكويتية وهو في المتوسط وكان يشارك في كل الأنشطة الثقافية التي تنظمها المدرسة منذ مرحلة الابتدائي. ويرى الأستاذ السعيد قبنه أن مهنة التعليم هي التي اختارته لأنها رسالة حضارية تكملة لرسالة الشهداء، تحتاج إلى إخلاص صاحبها ولا يمكن أن تكون غير ذلك. كما يعتبر محدثنا أن النجاح في هذه المهمة لا يتأتى، كما يقول، إلا بتوفر بعض الشروط كالصبر والأناة وفهم ذهنية التلميذ ومعرفة الفروق الفردية بين التلاميذ، والاطلاع على ظروفهم الاجتماعية ومعالجة مشاكلهم النفسية وفق رؤية علمية منبثقة عن واقع المتمدرس وكذلك فتح قنوات الحوار مع التلميذ، باعتباره شريكا أساسيا في نجاح العملية التربوية، وإعداده كفرد نافع لأمته والحرص على غرس القيم والفضائل التي تبنى بها آمال الأمة ويشيد بها صرح الوطن وكذا قيم وعادات وتقاليد الشعب الجزائري والتأكيد على روح أصالته ووحدته. وحسب زملاء السعيد قبنه فإنه المربي الحقيقي، فهو آخر من يفكر في نفسه وصاحب الابتسامة الدائمة، المتسامح دوما، الصبور على الأذى، الجواد بماله في سبيل إسعاد التلاميذ، أب المبادرات الخيّرة في محيط العمل، حيث تعدت شعبيته العائلات من خلال ما يصلها من حديث أبنائها عن أخلاقه وتواضعه وتضحياته في سبيل إسعاد أبنائهم. ويظل الأستاذ السعيد قبنه شعلة من النشاط خارج الدوام ينير الفضاء التربوي، فهو يقضي جل وقته في المدرسة يشرف بنفسه على تفعيل كل الأنشطة المكملة لها، فهو المشرف على الدورة الرياضية وأفواج المنافسات الثقافية والأمسيات الشعرية والمسرح ومختلف التظاهرات العلمية، وهو المؤسس للمجلة المدرسية منذ 27 عاما مثل مجلات “الشعلة” سنة 1989 بإكماليتي تندلة والحمادين و”النبراس” سنة 1992 وحاليا يشرف على مجلة “أصداء مدرسية” بمتوسطته، وهي ثقافية متنوعة يحررها التلاميذ وعمرها الآن 10 سنوات.