استمر سماع حوالي 20 ضالعا في ما أصبح يعرف ب"قضية كمال البوشي" بمكتب وكيل الجمهورية بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة إلى ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، ومن بين الذين جاء ذكر أسمائهم من طرف كمال شيخي أثناء تواجده في الحجز بالضبطية القضائية ابن الوزير الأول سابقا عبد المجيد تبون والسائق الشخصي للواء عبد الغني هامل، مدير عام الأمن الوطني، وهو دركي، وصحفي من فضائية خاصة. وقال مصدر قضائي يملك اطلاعا واسعا على الملف، ل"الخبر"، إن 31 قاضيا بالتحديد وردت أسماؤهم في العناصر الأولى للتحقيق مع شيخي، 4 منهم تم توقيفهم، فيما يرتقب أن يلقى المصير نفسه النواب العامون لدى مجالس قضاء بجاية وسطيف وعين الدفلى، مشيرا إلى أن "الحساب مع هؤلاء القضاة سيأخذ مجرى جزائيا ولن يتوقف عند العقوبات التأديبية". وأوضح المصدر أن المعطيات التي قدمها شيخي لرجال الشرطة القضائية، بشأن شبكة علاقاته العميقة مع القضاة، تفيد بأنه كان سببا في ترقية بعضهم وإنهاء مهام عدد منهم. وقد تم ذلك بفضل روابطه القوية مع مسؤولين (2) بمديرية الموارد البشرية بوزارة العدل، الجهة المسؤولة عن اقتراح التعيينات وترقيات في الوظائف القضائية السامية والمسؤولة أيضا عن إنهاء الخدمة أيضا. وأضاف المصدر أن شيخي كان حريصا على تصوير لقاءاته مع "أصدقائه" القضاة ممن كان على صلة بهم، لتسهيل قضاياه العقارية. وحسب المصدر القضائي، فقد تعمد شيخي تسجيلهم (من دون علمهم) ليفرض عليهم مساومات محتملة في حال الإخلال بتعهداتهم معه بشأن معالجة نزاعاته العقارية الكثيرة. وأكَد المصدر أن عشرات الأقراص المضغوطة تتضمن لقاءات مسجلة لشيخي مع قضاة هي الآن بين أيدي عناصر الضبطية القضائية. وجرت اللقاءات، حسب المصدر، بمكاتب شركة استيراد اللحوم التي يملكها ويقع مقرها بالقبة بالضاحية الجنوبية للعاصمة. وأشار المصدر ذاته إلى أن عددا كبيرا من القضاة أصيبوا برعب شديد عندما بلغهم من النيابة بسيدي امحمد أن التسجيلات بالصوت والصورة تتناول هدايا عقارية، شققا وإقامات معظمها بالعاصمة تعهد بها "البوشي" لهم نظير حل مشاكله العقارية في القضاء وتسهيل حصوله على أملاك ثابتة مطروحة للمزاد العلني، فضلا عن تطويع إجراءات القانون لصالحه للحصول على رخص تتيح إضافة طوابق كثيرة بالعمارات التي يبنيها بعدة ولايات وبخاصة بالعاصمة، وغالبا ما كان المقابل إهداءهم شققا بهذه العمارات من 4 و5 غرف، زيادة على تكفله بنفقات سفريات بعضهم إلى الخارج، خاصة العمرة. وتابع المصدر بأن وجه العلاقة بين سائق المدير العام للأمن الوطني وابن تبون والصحفي بكمال شيخي غير معروفة، مشيرا إلى أن التقدم في التحقيق سيكشف تفاصيلها. وقد استمر، أمس، سماع أشخاص على صلة بالقضية، ويرتقب أن تظهر معطيات جديدة عن الشبكة الواسعة للعلاقات التي نسجها "البوشي" مع مسؤولين نافذين في البلاد، ممن أعطوه الأمان والغطاء السياسي حتى أصبح واحدا من أكبر "رجال الأعمال" و"المستثمرين" في العقَار وأكبر تاجر لحوم في الجزائر. وذكر مصدر "الخبر" أن التحقيق الذي انطلق منذ 3 أيام يحوم حول هوامش القضية الأصلية، وهي شحنة 701 كلغ من الكوكايين التي حملتها الباخرة مع شحنة اللحوم التي استوردها شيخي من البرازيل. وأوضح أن "البوشي" ما كان ليجلب هذه الكمية الضخمة من المخدرات الصلبة لولا ضمانات قدمتها له جهات نافذة بعدم تعرضه لأي مشكلة وبرميها في سوق المخدرات تحسبا لعائدات مالية مغرية. القضية، حسب تعبير مصدرنا، "تعد بالكثير من المفاجآت، بشرط أن لا يتوقف التحقيق عند مساءلة القضاة".