بعد الجمعة السادسة، أصبحت السلطة مجبرة على اتخاذ قرارات مؤلمة لها، وبسرعة فائقة وقبل الجمعة القادمة، قرارات مؤلمة للسلطة ومريحة للشارع الثائر! يجب أن تتخذ هذه القرارات المؤلمة للسلطة قبل أن يرتفع سقف مطالب الشارع إلى مستويات أعلى، والحالة مرشحة بالفعل الى فعل ذلك في الجمعة القادمة، إذا لم تتخذ قرارات تنقل الحوار الدائر في الشارع من حالة التركيز على السلطة إلى حالة الحديث عن القرارات المتخذة من طرف السلطة إذا اتخذت هذه القرارات. تتذكرون أن مطالب الشارع كانت في الجمعة الأولى مطالب بسيطة تتمثل في العدول عن العهدة الخامسة، وكان من الواجب آنذاك أن تستجيب السلطة للأمر ويطوى الملف، ويستمر النظام في مساره.. لكن سوء التقدير للموقف السياسي، جعل الشارع ينقل المطالب إلى مستوى أعلى، وهو رفض الانتخابات التي تشرف عليها السلطة ورفض خارطة الطريق التي اقترحتها السلطة. وعندما تعنتت السلطة، رفع المحتجون سقف المطالب إلى المطالبة برحيل الجميع في السلطة وتغيير النظام جذريا. لكن المكابرة في الاستجابة الآن، وبعد الجمعة السادسة، يمكن أن يرتفع سقف المطالب إلى محاسبة رجالات الحكم وليس رحيلهم فقط، وعندها ستتعقد الأمور. ويخطئ من يعتقد أن الشباب الثائر في الشارع يمكن أن يتراجع عن مطالبه بالتحايل والتسويف، خاصة وأن الشباب لم يعد يجد أمامه أي شكل من أشكال المقاومة السياسية التنظيمية والإدارية، فكل التنظيمات السلطوية انهارت أمام إرادة ثورة الشباب، بل وأصبحت هذه الهياكل والتنظيمات تنضم إلى ثورة الشباب في عملية إضعاف لموقف السلطة بصورة لافتة، ولم يبق في يد السلطة كقاعدة اجتماعية سياسية لمواجهة الشعب سوى الجيش والشرطة وأسلاك الأمن الأخرى، وهذه أيضا بدأت تتململ ولا يمكن أن يعول عليها في قمع ثورة الشعب كما كان الأمر من قبل. وإذا فعلت السلطة ذلك، فقد تدخل نفسها في نيران جهنم، لهذا فإن الواجب الآن على من تبقى في السلطة من عقلاء أن يسارعوا إلى اتخاذ إجراءات سريعة وجذرية ترضي الشباب الثائر، وما يعتبر اليوم تنازلا مؤلما من السلطة، قد يصبح، بعد أسبوع من الآن، أمرا غير مقبول ولا يفي بمطالب المتظاهرين، ولا يمكن الآن التحجج بالشرعية والدستور والعمل داخل المؤسسات المنهارة أمام سيادة الشعب.