يساهم التبرع بالدم في إنقاذ حياة فئات مختلفة من المرضى، وعلى رأسهم صغار مرضى السرطان، الذي أكد لنا بخصوصهم اختصاصي أمراض الأطفال الدكتور فافا عبد الناظر، أن العلاج الكيميائي الذي يخضعون له يقتل الخلايا السرطانية ويقتل معها بعض الخلايا السليمة، ومنها خلايا النخاع العظمي المسؤولة عن تجدّد الدم، ليحتاج الصغير إلى تبرعات بالدم حتى يتمكن من مواصلة علاجه الكيميائي. تحت شعار “كلنا متحدون من أجل نفس الغاية”، أحيت الجزائر في ال30 مارس المنصرم، مثل غيرها من دول المغرب العربي، اليوم المغاربي للتبرع بالدم الذي وصفته المنظمة العالمية للصحة بأنه عملية طبية تتضمن نقل دم شخص سليم يدعى بالمتبرّع بموافقته وإرادته الكاملة إلى شخص غير سليم يكون بحاجة للدم. وعن الفائدة العامة التي تقدمها عمليات التبرع بالدم للمحتاجين لها، أكدت معطيات الصحة العالمية أن كل تبرع بالدم يساهم في إنقاذ روح، كما يعود بفائدة صحية على الشخص المتبرّع، حيث ثبت علميا أن الأشخاص المتبرعين بدمهم أقل عرضة للإصابة بالأمراض المختلفة، وأبرزها مختلف أنواع السرطان وأمراض القلب والشرايين وارتفاع الكوليسترول في الدم، ناهيك عن الأجر والثواب الذي يحصل عليه المتبرّع من الله سبحانه وتعالى، لأنه مدّ يد العون لشخصٍ في أمس الحاجة لشيء يمتلكه. ويعتبر الأطفال من الفئات التي تحتاج لتبرعات بالدم في عدد من الحالات المرضية، والتي لخّصها لنا اختصاصي أمراض الأطفال بالمؤسسة الاستشفائية للحراش الدكتور عبد الناظر فافا، في داء فقر الدم وبعض الأمراض الناجمة عنه، كال«تلاسيميا” التي تموت فيها الكريات الحمراء بسرعة بسبب تشوهها الخلقي، ناهيك عن حالات فقر الدم الذي يكون فيها الصغير مصابا بمرض يمتص الكريات الحمراء، على غرار الأمراض التي تصيب الطحال الذي يعتبر مقبرة الكريات الحمراء يقول فافا، مشيرا إلى حالات مرضية أخرى مثل إصابة الطفل بداء خلقي بالجهاز الهضمي يتسبب له في نزيف داخلي لا يراه الطبيب، ويسبّب له فقر دم حاد، وهي الحالات التي يلجأ الطبيب للكشف عنها من خلال تحاليل معمّقة تبيّن الضرر، مع الحرص على تزويد الصغير بكميات من الدم لتفادي المضاعفات. من جهة أخرى، يعتبر صغار مرضى السرطان من الفئات المرضية الأكثر احتياجا للتبرع بالدم، خاصة سرطان الدم ال«لوكيميا” الذي يحتاج فيه لكميات كبيرة من مشتقات الدم “كريات حمراء، صفائح”. وعن صغار مرضى السرطان، أوضح الدكتور فافا قائلا إن العلاج الكيميائي الذي يدمر الخلايا السرطانية، يدمر كذلك خلايا سليمة، منها خلايا النخاع العظمي المسؤولة عن تجدّد الدم، ومعها يفقد الصغير كل مكونات الدم في جسمه، وبالتالي يقول فافا: “إذا لم يستعد الصغير كميات الدم اللازمة من خلال تجدّد خلايا النخاع العظمي المعروفة بتكاثرها السريع، وتواصل ضعفه ونقص الحديد عنده، نزوّده بكميات من الدم لتمكينه من مواصلة علاجه الكيميائي”، ويضيف اختصاصي أمراض الأطفال قائلا إنه في حالة ما تسربت بعض الخلايا السرطانية للنخاع العظمي وتسببت في خنق خلايا الدم وتعطيل إنتاجها، يتم تزويد الصغير بالكريات الحمراء والصفائح قبل الشروع في العلاج الكيميائي، وهو ما يوجب استمرارية التبرع بالدم. من جهة أخرى، يحتل النزيف الدموي مقدمة الأسباب المؤدية إلى وفيات الحوامل أثناء الوضع، ويرجع السبب إلى عدم توفر الدم ومشتقاته في الوقت المناسب. وعن هذه المسالة، أكدت لنا السيدة لمهان لطيفة، رئيسة الجمعية الوطنية لمرضى الهيموفيليا، أن أسباب وفاة 90 بالمائة من النساء عند الولادة راجعة إلى إصابتهن بأحد أمراض عدم تخثر الدم التي لا تظهر إلا عند الولادة أو عند الخضوع لعمليات جراحية، ليبقى التبرع بالدم الحل الأساسي للتكفل بهذه الحالات.