ارتبط اسم جمال ولد عباس بالبوتفليقية منذ سنواتها الأولى فكان عنوانا بارزا للتملق خلال شغله عدة مناصب وزارية وثم أمينا عاما للأفالان، أين تفنن في شغل الواجهة بتصريحات كانت مؤشرا عن قرب نهاية حقبة الرئيس المخلوع. من "بابا نوال" إلى "الشهيد الذي لم يمت" ظل مسار ولد عباس مميزا بكل شيء إلا التسيير الصارم والخطاب السياسي المتزن والمعقول. فلما شغل منصب وزير التضامن كان يلقب ب "بابا نوال" الشخصية التجارية لاحتفالات رأس السنة الميلادية بسبب الوعود التي كان يطلقها أينما حل وارتحل كتوزيعه آلاف حافلات النقل المدرسي لم يصل منها إلا القليل لتلاميذ الجزائر العميقة وهذا من بين أسباب قضائه اليوم أول ليلة في السجن. اكتشف الجزائريون جمال ولد عباس في إحدى نشرات التلفزيون العمومي إبان حرب الخليج الثانية أيام كان يترأس اتحاد الأطباء الجزائريين، فروى بكثير من الإسهاب في مدح نفسه كيف كسر الحصار على بغداد على رأس وفد طبي جزائري. وقت قصير بعد ذلك عين وزيرا للتضامن والأسرة، فبدأ حينها مهرجانا من التصريحات والوعود خلال زياراته وكان من بين المسؤولين الأكثر نطقا لعبارة "فخامة رئيس الجمهورية.." وأيضا "بفضل سياسة فخامة رئيس الجمهورية...". الإشاعة قالت حينها أن ولد عباس يدين بلوغه مناصب المسؤولية لقربه من والدة الرئيس المخلوع الذي لم يكن يرفض لها طلبا، فكان حسب الإشاعة نفسها كثير التردد على منزل الوالدة وحتى خدمتها مع أعضاء من عائلته في بعض الأشغال. بوتفليقة في إحدى حفلات إحياء انطلاق الثورة التحريرية بقصر الشعب كان يومها بميزاج متعكر قال له وهو يقبل عليه "سلامة الحاجة...". بركات المرحومة واصلت في مرافقة خريج جامعة ليبزيغ الألمانية حسب مزاعمه، ليسند له في ما بعد حقيبة وزارة الصحة، القطاع الحساس وصفقاته بآلاف الملايير، هنا أيضا رافقه مقربوه كابنته التي شغلت منصب مكلفة بالإعلام. بعد مغادرته الحكومة عين مثل البقية في مجلس الأمة، ليتم الاستنجاد به مجددا لقيادة الحزب العتيد، بعد أن تيقن السعيد بوتفليقة أنه لن يجد خادما أفضل للرئيس المريض وحاشيته. ليبدأ مهرجان ساهم في حالة التذمر الشعبي، فكل ما نشط جمال ولد عباس ندوة صحفية أو أدلى بحوار إلا والتهب مواقع التواصل الاجتماعي سواء بإفراطه في "الشيتة" و"التضليل" كقوله يوما أن الرئيس سيمشي قريبا على رجليه، أو بسرد بطولاته وانجازاته كمحكوم عليه بالإعدام إبان الثورة ما كذبه بعدها مجاهدون وأيضا منظمة المحكوم عليهم بالإعدام. بعد إيداع عائلة هامل يلتحق ولد عباس اليوم أيضا بابنه وحفيده وصهره فيما لا يزال ابن آخر، الوافي، في حالة فرار، ومن بين التهم الموجهة لابنه الفار نجد بيع الترشيحات في قوائم الحزب للتشريعيات الأخيرة وأغلب الصفقات كانت تمم في المطعم الراقي "لوباسيو" بالأبيار المتهم أيضا بالاستيلاء عليه من مغترب وهذه القضية أيضا مطروحة أمام العدالة.