تقوم الرئيسة الهندية روبادي مورمو، اليوم، بزيارة إلى الجزائر، هي الأولى على مستوى زيارات الرؤساء منذ يناير 2001، تعيد من خلالها الجزائر خط العلاقة السياسية مع الهند، وتسعى لفتح صفحة جديدة في التعاون والشراكة الاقتصادية مع نيودلهي، حيث ستمثل هذه الزيارة فرصة كبيرة للرئيسة الهندية للقاء الرئيس تبون وكبار المسؤولين في الجزائر، ومناقشة قضايا التعاون الاقتصادي بشكل خاص. وتكتسي زيارة الرئيسة الهندية روبادي مورمو إلى الجزائر، والتي تدوم ثلاثة أيام، أهمية بالغة على الصعيد السياسي والاقتصادي في العلاقات بين البلدين، خاصة أنها الأولى على مستوى الزيارات بمستوى الرؤساء بين الهندوالجزائر منذ 23 عاما، كما تكتسي أهمية بالغة في سياق خيار الجزائر تنويع الشركاء والانفتاح على شركاء خاصة من الدول التي كانت لها سابق علاقات ثقة مع الجزائر في العقود السابقة، وبما يتيح استعادة خط مستوى عال من العلاقات الجزائريةالهندية التي كانت تشهد تنسيقا كبيرا في حقبة السبعينات والثمانينات، قبل أن تتراجع نسبيا في العقود الأخيرة، لأسباب مختلفة. ويعزز هذه الرغبة من الجانب الهندي، تصريحات كان رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي كان قد أعلن، منتصف شهر سبتمبر الماضي، في رسالة تهنئة وجهها إلى الرئيس عبد المجيد تبون عقب فوزه بعهدة رئاسية ثانية، أن "نيودلهي مهتمة بشكل بالغ بتوسيع علاقات التعاون مع الجزائر في المجالات الاقتصادية والمالية، على أساس صلابة علاقات الصداقة التقليدية، بين الهندوالجزائر"، كما أن توقيت هذه الزيارة من الناحية الاقتصادية بالنسبة للجزائر، تأتي في سياق مساع حثيثة لتنويع الشركاء الاستراتيجيين، والاستفادة من التجربة الهندية (تعد الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم)، في تطوير بعض القطاعات الاقتصادية كالصناعة وخاصة صناعة السيارات، والتكنولوجيا وعلوم الفضاء وغيرها. وفي هذا السياق، يمكن للهند أن تتحول إلى شريك تجاري مهم بالنسبة للجزائر في مجالات مهمة كصناعة الأدوية واللقاحات والمستلزمات الطبية، حيث تعمل كبريات شركات هندية، بينها شركتا فارماكسس، وفابتك تكنولوجيز، بالتعاون مع مصانع الدواء والمستلزمات الطبية في الجزائر، إضافة إلى مجال تقنيات المعلومات وعلوم الفضاء، وفي قطاع الحديد والصلب، وصناعة السيارات والشاحنات وحافلات النقل والجرارات والمعدات الزراعية. وتعمل عدة شركات هندية في الجزائر، في مجال الإنشاءات ومشاريع الإسكان وبناء المستشفيات والملاعب، والسكة الحديدية، وبناء خط أنابيب غاز وهيدروكربونية لنقل الطاقة لصالح شركة المحروقات الجزائرية سوناطراك وشركة الكهرباء، كما تعمل في الجزائر شركات التكنولوجيا والرقمية الهندية الكبرى، مثل شركة "إنفوندي ليمتد"، وهي شركة هندية كبرى لتكنولوجيا المعلومات ورائدة عالميا في الخدمات الرقمية. وتشير بيانات رسمية لحجم التبادلات التجارية الثنائية، إلى أن هذه المبادلات كانت بلغت ذروتها عام 2018، عندما سجلت 2.9 مليار دولار أمريكي، قبل أن تنخفض عام 2012، إلى حدود 1.5 مليار دولار، بسبب تأثير كوفيد-19، وقرارات الحكومة الجزائرية تقييد الواردات للجزائر الناشئة عن أزمة النقد الأجنبي، لكن حجم التبادلات سيسجل عام 2022 ارتفاعا بنسبة 24 في المائة، إلى حدود 2.1 مليار دولار أمريكي. وبلغت الصادرات من الهند إلى الجزائر والتي تضم خاصة الأرز والمنتجات الصيدلانية والجرانيت واللحوم والأدوات والعتاد الطبي أيضا، والمواد الأولية للأدوية والمواد الكيماوية، أجهزة ولواحق الكمبيوتر والبصريات، والعديد من المنتجات الغذائية كالحبوب والشاي، بلغت خلال 2022 أكثر من 613 مليون دولار أمريكي، وارتفعت في العام الموالي 2023 إلى أكثر من 848 مليون دولار أمريكي، بينما بلغت صادرات الجزائر إلى الهند والتي تشمل خاصة الزيوت البترولية والغاز الطبيعي المسال وفوسفات الكالسيوم الطبيعي والميثانول المشبع واليوريا، خلال 2022، مستوى 1.5 مليار دولار أمريكي، وتراجعت العام الماضي 2023 إلى أكثر من 885 مليون دولار أمريكي.