الحديث إلى المدرب عبد القادر عمراني أشبه بجولة سريعة عبر كل الفرق الجزائرية، فالرجل هو بالفعل رحالة، فقد درب في الغرب والوسط والشرق، ومع كل فريق أو رئيس أو حتى لاعب له حكاية، يحاول في هذا الحوار أن ينقلها لنا بالكثير من تفاصيلها ولو كانت حزينة بالنسبة له، عمراني الرجل الأسمر يفتح قلبه لكل قراء "الخبر الرياضي" ليعرفوا الكثير من الأسرار المثيرة… هل من تعليق على سقوط وداد تلمسان؟ لا أملك إلا أن أتأسف على ما وصل إليه الوداد، لأني ابن الفريق وعشت فيه أحلى أيامي، وحصلت معه على كأس الجزائر، وشاركت معه في بطولات عربية، قصتي مع الوداد عبارة عن حكاية طويلة وتاريخ لا ينسى ولن تمحُوه تصريحات البعض… هل تقصد الرئيس يحلى الذي حمّلك مسؤوليّة ما وصل إليه الوداد؟ نعم، أقصد يحلى الذي أدلى بتصريحات استغربت لها كثيرا، ووجّه لي اتهامات باطلة، وهنا إن خانته الذاكرة أذكره بالمشاكل الكبيرة التي عاشها الفريق نهاية الموسم الماضي، وبالضبط بعد مقابلة وفاق سطيف التي فزنا بها، حتى أنّ اللاعبين لم يحصلوا على مستحقاتهم رغم أننا وصلنا إلى الدور ربع النهائي من الكأس، وأنهينا البطولة في الصف السادس، وهذه المشاكل كان لها تأثير كبير جدا على مستقبل الفريق الذي كان يُسميه البعض بفريق "لونساج"، ولكننا آمنا بقدرتنا على تحقيق المفاجأة وعملنا بنية صادقة، والنتيجة أننا أدينا موسما في المستوى ولكن المشاكل الإدارية أفسدت كل شيء بعد ذلك. كيف أثرت هذه المشاكل على الفريق هذا الموسم؟ المشاكل المالية دفعت أغلب اللاعبين إلى المغادرة، فلم نتمكن من الاحتفاظ بأفضل اللاعبين، على غرار مسعودي، بلقروي وبولحية، ولأني كنت أعلم أن يحلى لا يستطيع توفير الأموال ولن يجد المساعدات اللازمة لأسباب يعرفها هو جيدا، طلبت منه أن نستقيل معا ولكنه رفض ذلك وهذه الوضعية جعلتنا نلجأ إلى البحث عن لاعبين من بين الأحياء واختبارهم، حتى أننا بقينا لمدة شهر كامل ونحن في مرحلة الاختبارات وأغرب ما حدث أننا جلبنا حافلة كاملة للاعبين صغار من منطقة "رأس الماء" لاختبارهم وضمهم إلى الوداد، وهناك أمر آخر أذكّر به يحلى.. تفضّل… في الفترة التي كنت فيها أنا في عطلة أمضى المسيرون للاعبين لا يعرفونهم ولا أعرفهم ولم أطلب استقدامهم، وعندما عدت مع بداية التدريبات وجدت أنهم لا يستطيعون أن يمنحوا الإضافة المطلوبة للفريق، فاستغنيت عنهم وهذا ما لم يعجب بعض المسيرين لأنّ اللاعبين المطرودين تحصلوا على أموال، وهنا بدأت المشاكل الحقيقية، أما بخصوص ما قيل عن رفضي لبوالمدايس، بصغير وخليلي فهذا الكلام لا أساس له من الصحة، وأذكر أنّ ڤريش تنقل إلى تلمسان وتفاوض ولكن الإدارة عجزت عن منحه الأجرة التي طلبها فغادر.. رغم كل هذا بدأت البطولة مع الفريق؟ لا أنكر أنّي أتحمل مسؤولية 5 لقاءات أشرفت فيها على الفريق، ولهذا قررت المغادرة ولكن يحلى رفض الاستقالة والاعتراف بعجزه عن توفير السيولة المالية اللازمة وقال لي بالحرف الواحد :"مانطلقهاش ولابغا تطيح"، ولهذا أؤكد أني تحملت مسؤوليتي كاملة في تلك المرحلة ولكني غير مسؤول عن 25 مقابلة، وعلى كل شخص أن يتحمل مسؤولياته لأن الخاسر الوحيد كان وداد تلمسان بسبب صراعات أشخاص يعرفون أنفسهم جيدا. ما قصّة الخلاف الذي كان بينك وبين معزوزي وبناصر؟ خلال التربص لاحظت أن مستوى الحارس معزوزي متواضع ولهذا وضعته في الاحتياط ولكنه لم يتقبل الوضع لأنّه كان يبحث عن المنافسة للحفاظ على مكانته في المنتخب الأولمبي، وهذا الأمر ليس مسؤوليتي لأنّي كنت أبحث عن مصلحة الفريق قبل مصلحة الحارس، ولا يوجد لاعب يوقع عقدا ليكون أساسيا، أما بناصر فهو الذي كان يرفض اللعب وطالب بوثائقه ولا دخل لي في الموضوع. هناك لاعب مغترب طردته من الفريق، لماذا؟ هذا اللاعب لا أذكر اسمه فقد جلبناه في الميركاتو، وهو يملك إمكانات فنية مقبولة ولكن مشكلته أنّه مريض نفسيا، وأذكر أنّه قبل لقاء الخروب وفي حصة تدريبية تدخل بعنف على اللاعب ضيف وأدى ذلك إلى إصابته إصابة بليغة اضطرته إلى إجراء عملية جراحية ورغم غضب اللاعبين من تصرفاته إلا أني أبقيته، ولكنه تجاوز حدوده، ففي أول حصة تدريبية بعد العودة من الخروب وعندما كان يركض حول الميدان وعندما اقترب مني رفقة مساعدي بصق على الأرض في تصرف وقح جدا جعلني أتّخذ قرار طرده. بعد ذلك تنقلت إلى فريق آخر سقط، وهو بلعباس ولكنك لم تصمد إلا أسبوعا، لماذا؟ الرئيس بن سنادة تنقل إلى تلمسان وطلب منّي الإشراف على الفريق وكنت أعرف أنّه يملك تشكيلة مقبولة قادرة على لعب ورقة البقاء، ولكني طلبت عدم تسريح حمزاوي ولكن عند بداية التدريبات وجدت 13 لاعبا فقط، كما أنّ ديس انسحب وهذا أغضبني، خاصة أن مرحلة العودة كانت على وشك الانطلاق، ولهذا تحدثت مع بن سنادة وقلت له أني لا أبحث عن أجرة ولكن عن مشروع رياضي وانسحبت بعد أسبوع فقط. التحقت بالبرج وضمنت البقاء بصعوبة كبيرة، وهو ما كان يعني معاناة أخرى، أليس كذلك؟ درّبت عدة لاعبين موجودين في البرج على غرار شبيرة، بن شرقي، علي قشي، بختاوي، محمد رابح، كما أعرف جيدا عمور، سعدي وأودني، ولكن المشكلة الأولى التي كنت أنتظر مواجهتها هي عدم الاستقرار الإداري، ولكنّي تفاجأت بمشاكل أكبر، ومع ذلك رفضت التراجع ورفعت رفقة المسيرين التحدي، ورغم أننا حققنا البقاء إلا أنني غير راض عن هذا المشوار لأنّ هدفي في البرج كان أكبر من ذلك. ولكن التحاقك المتأخّر يجعل البقاء إنجازا، أليس كذلك؟ ربما لو التحقت قبل الميركاتو لجلبت مهاجمين آخرين، كما أنّ الإدارة لم تغط النقائص التي كانت في مرحلة الذهاب، وأكثر من ذلك نقص التعداد أكثر بمغادرة السيفي وبلڤرفي وإصابة حمدادو، مقابل جلب لاعب شاب فقط هو زياني، وبالحديث عن البقاء أقول أننا كنا محظوظين بنتائج الفرق التي كانت أسفل منّا في الترتيب، فقد ضيعنا ثماني نقاط أمام اتحاد العاصمة، جمعية الشلف وشبيبة بجاية ولو فزنا في هذه اللقاءات لكانت وضعيتنا أحسن بكثير. بصراحة، هل عانيت من مشاكل الانضباط في البرج؟ لا أبدا وكل من يحاول الترويج لذلك كاذب، المشكل الوحيد الذي كان موجودا هو عدم رضاي عن مردود اللاعبين، وهذا ما جعلني أبرمج 90 مباراة تدريبية و13 مقابلة ودية، وبالحديث عن الانضباط أقول أنّي عرفت في البرج لاعبا يضرب به المثل في كل الأشياء الجميلة وهو بن دحمان الذي تشرفت بتدريبه فهو لاعب متكامل رغم سنه، كما أنّه صاحب أخلاق عالية وبالفعل تمنيت أن يكون معي ثلاثة لاعبين مثله في البرج. ماذا تقول عن تصريحات لاعبي ومسيّري مولودية الجزائر بعد اللقاء؟ المقابلة عرفت ضغطا كبيرا ولا أنكر أنّي سمعت شتائم ومناوشات ولكن كلها كانت في المدرجات، أما على أرضية الميدان فقد سارت المقابلة في ظروف جيدة ولم تخرج عن نطاقها الرياضي، ولم أفهم كل تلك التصريحات عن اعتداءات أؤكد أنّي لم أشاهدها. هل تفكّر في البقاء مدرّبا للأهلي أو تُريد المغادرة؟ لحد الساعة لا أفكر في أي شيء، ولن أتخذ أي قرار قبل التفكير جيدا، فأنا لا أريد أن يتكرر معي سيناريو الموسم الحالي، ولهذا أي فريق أدربه الموسم القادم سواء كان الأهلي أو غيره سأسعى للتأكد بأنني لن أعيش ما عشته هذا الموسم، وبالتأكيد أريد فريقا يملك التعداد البشري الذي يساعدني على العمل. ما هي الأشياء التي جعلت عمراني يبقى لمدّة 5 سنوات في الشلف؟ مدوار، فهو رئيس لا يخاف، عندما أتخذ أي قرار يشجعني عليه، كما أنّه لا يتهرب من مسؤولياته ويواجه لاعبيه في المواقف الصارمة، كما أنّ سكان الشلف عاملوني مثل ابنهم وكانت علاقتي بهم رائعة، وحتى اللاعبين الذين عملوا معي تجاوبوا مع عقليتي وكانت لهم الرغبة في النجاح رغم نقص الإمكانات، فقد كنّا مثلا نتنقل من الشلف إلى قسنطينة في حافلة صغيرة من نوع "طويوطا" ونتعشى "كاسكروت" وهذا كله جعلنا عائلة واحدة. ولكن مستوى الشلف تراجع، لماذا في رأيك؟ أعتقد أنّ مدوار أخطأ عندما غيّر سياسته وتخلى عن التكوين الذي منح الفريق سوداني، حاجي، غربي، سلامة، زاوش وغيرهم، واعتقد أنّه سيشكل فريقا كبيرا بجلب الأسماء الكبيرة ولكن ذلك لم يحدث. هل تعتقد أنّك من صانعي نجاح الأولمبي؟ النجاح كان جماعيا، فأنا فرد من مجموعة، فكما قلت من قبل الكثير من الأمور خدمتني لأنجح وما حققه أولمبي الشلف ليس بفضل عمراني لوحده. ألا تتحسّر على أنّك لم تكن ضمن الفريق الذي حصل على اللقب؟ صحيح تمنيت أن أفوز بالبطولة مع الشلف ولكن للأسف ذلك لم يحدث، ولكن مع ذلك فزت معه بالكأس وشاركت مرتين في كأس "الكاف"، وأصبحنا فريقا يلعب الأدوار الأولى وهذه الثقافة الجديدة تشكلت في فترة اللقب الذي تحقق مع مدرب كبير هو إيغيل مزيان. عكس الظروف الصّعبة التي كانت في الشلف، تنقلت إلى أغنى فريق في الجزائر وهو اتحاد عنابة، ولكن النتائج لم تكن مماثلة، لماذا في رأيك؟ الأمور كانت مقبولة نوعا ما في البداية بتحقيق المرتبة الثالثة التي أهلت الفريق للمشاركة في كأس العرب، ولكن الأمور ساءت بعد الإقصاء أمام القليعة في منافسة الكأس، وبصراحة في عنابة لم تكن هناك تقاليد في التسيير رغم عراقة المدينة واسم الفريق. هل ترى أنّ عنابة كانت ضحيّة الأموال الكثيرة؟ بل ضحية سوء التسيير، لقد صرفوا أموالا بلا حساب، دون تخطيط، كما أنّ عدم الاستقرار والمحيط الخارجي جعلا عنابة تفشل في تحقيق الإنجازات التي كانت تحلم بها. حديثك عن التسيير يعني عن منادي، أليس كذلك؟ منادي كان يملك إمكانات لتكوين فريق كبير لمدة 10 سنوات، ولكنّه في أول موسم أراد لقب البطولة وهذا غير ممكن، لأنّ الأموال وحدها لا تجلب البطولات، ولكن التخطيط والصبر، وهذا ما لم يكن متوفرا في تلك الفترة. ما الذي لا يُعجبك في منادي؟ منادي من الرؤساء الذين علاقتي بهم جيدة حتى الآن، لقد عملت معه باحترام كبير رغم بعض المشاكل التي حدثت، ومع ذلك اعترف بأنّ عمراني "خدّام" وهذا مكسب كبير بالنسبة لي، وبالحديث عن الأشياء السلبية في منادي أرى أنّ حبه للفريق يجعله يتخذ قرارات هامة ومصيرية في لحظة، وهذا لا يمكن أن يخدم الفريق. منادي من أكثر الرّؤساء الذين قاموا بتغيير المدرّبين، ألا ترى أنّه بسياسته تلك إهانة لكم؟ لا أرى أن منادي أهانني، فقد عملت معه لمدة سنة ونصف، وأتذكر أنّه عندما اتصل بي أول مرة تنقلت إلى عنابة وقلت له لن أعمل في فريقك فقد أتيت احتراما لك فقط، فماذا سأقدّم لهذا الفريق؟ وأنت عملت مع 7 مدربين قبلي، ولكنّه أصر على التحاقي بالاتحاد وأكثر من ذلك أكد لي أنّه لم يبرم عقدا مع أي مدرب من قبل ولكنه سيفعل ذلك معي. ولكنك كنت على وشك الاستقالة، حتى قبل بداية التربّص، لماذا؟ لقد شرحت لمنادي طريقة عملي وأن أكون المدرب الحقيقي للفريق وأرفض التدخلات من أي شخص كان، وعندما بدأت العمل وجدت 30 لاعبا، فقررت استبعاد أربعة لاعبين، وعندما علم منادي بالأمر طلب عن طريق أحد المسيرين أن أعيدهم إلى غاية العودة من التربص فرفضت وقررت الاستقالة، ولكنه عاد وطلب تنفيذ قراري، ومن هنا عرف كيف يفكر عمراني واتصل بي للاعتذار. كيف غادرت عنابة؟ في الموسم الثاني تغيّرت الأمور رأسا على عقب ودخل الفريق في أزمة مالية خانقة لدرجة أنّ اللاعبين لم يتلقوا رواتبهم لمدة 6 أشهر، ومع مرور المقابلات كانت القناعة عند الجميع أنّ الفريق لن يصمد أكثر فقرّرت الانسحاب تاركا مكاني لزميلي بسكري الذي عمل المستحيل لإنقاذ الفريق ولكن دون جدوى. كيف كان موقفك عندما علمت أنّ منادي أضرب عن الطعام؟ هذا التصرف لا يفعله إلا منادي فطبيعته تجعله قادرا على القيام بتصرفات لا يُمكن لغيره أن يقوم بها، في ذلك الوقت أتذكر أنّي اتصلت بالوالي محمد غازي من أجل حل الإشكال الموجود، وبالفعل تدخل الوالي وعادت الأمور إلى مجراها الطبيعي. تعاملت مع أفضّل لاعبي البطولة في ذلك الوقت وهذا ما سبّب لك بعض المشاكل، خاصّة مع مزاير وواسطي؟ المشكلة مع مزاير كانت عند غيابه عن التدريبات، ولهذا بعد عودته وجهته للإدارة كما أفعل مع أي لاعب يتغيب، ولكنّه عندما كان يغادر الملعب شتمني وهذا لم أتقبله، ونفس الأمر مع واسطي الذي تلفظ بألفاظ لا تليق به كلاعب، ورغم ذلك فإنّ واسطي عاد واعتذر وكذلك الأمر مع مزاير. الأمور كانت أسوأ مع حجاوي رغم أنّه لم يكن لاعبا في عنابة؟ (يعود إلى تلك القصة بتأثر كبير) لحد الساعة أتأسف عن تصرفات حجاوي، فهو كبر معي وعاملته مثل ابني، وساهمت في نجاحه بالنصيحة والرعاية ويأتي وقت يشتمني فيه، لو كان شتما ناجما عن غضب لربما تجاوزته ولكن شتم إنسان لا يمكن أن يكون رياضيا وبواسطة الرسائل القصيرة. ماذا حدث بالضبط؟ كان هو حارسا لشبيبة القبائل وكانت المقابلة في عنابة، وأذكر أننا كنّا متفوقين بثلاثة أهداف لصفر وقرُبت المقابلة من النهاية، وفي إحدى اللقطات غادر حجاوي مكانه لجلب الكرة فتلقى حجرا من بعض الأطفال الموجودين، فسقط على الأرض رغم أنّ الإصابة لم تكن خطيرة فاقتربت منه وطلبت منه العودة إلى الملعب وأن يتفادى المشاكل خاصة أنّ النتيجة محسومة، ولكنّه بدل أن يستجيب لي قام بلقطة غير رياضية تجاه الأنصار، وهذا ما تسبب في هيجان كليّ للمدرجات وأراد الأنصار اجتياح الملعب.. وهو ما كان يعني خسارة المقابلة وربما السّقوط؟ هذا أكيد، فالحكم بعد أن رأى ما كان يحدث أمام سياج المدرجات أراد توقيف المقابلة، ولكن دفاعا عن فريقي اقتربت منه وطلبت أن يتريث في قراره، وأن يعرف سبب المشكل الذي كان وراءه الحارس حجاوي، والحمد للمولى استجاب الحكم لطلبي وتواصلت المقابلة دون مشاكل.. أكيد أنّ حجاوي لم يتقبل ما قمت به؟ بعد نهاية المقابلة أخبر بعض الأشخاص حجاوي أنّي قلت للحكم أنّه قام بتصرف لا رياضي وهذا ما جعله يثور ويقوم بشتمي، وكدنا نتشابك لولا تدخل الموجودين، وعدت إلى منزلي في حالة سيئة جدا… هل هذا ما جعلك ترفع دعوى قضائيّة ضده؟ الأمر يتوقف عند حدود الملعب، فقد كان يبعث لي رسائل عبر الهاتف يشتمني أنا وزوجتي وابنتي بكلام مبتذل، وكان الحل الوحيد هو رفع دعوى قضائية (باه نربّيه)، ولكني بعد ذلك سحبت الدعوى، حيث اعتذر مني وأرسل أشخاصا كواسطة، ومع ذلك أقول أنّ كل الصفات الإيجابية التي كنت أحملها لحجاوي زالت بما قام به لأنّه عيب كبير. ولكن الأمور لم تتوقّف واتّهمك بأنك تصفي معه حسابات عندما عاد إلى تلمسان الموسم الماضي؟ كان ذلك بعد الخسارة أمام مولودية الجزائر (3-0)، ففي الاجتماع أحضرت الفيديو وأظهرت لحجاوي الخطأ الذي ارتكبه، وعند تنقلنا إلى العلمة وضعته في الاحتياط وأشركت جميلي الذي أدى مقابلة جيدة وعدنا بالتعادل، وهذا لم يتقبله حجاوي الذي طالب بوثائقه وعاد ليهاجمني بالتصريحات في الجرائد، والغريب أنّه بعد ذلك طلب العودة فرفضت. قبل أن نُغادر عنابة، هل ترى أنّ سياسة منادي هي نفسها سياسة حداد في اتّحاد العاصمة؟ لا أبدا، هناك فرق كبير، في اتحاد عنابة ورغم أنّ الإدارة قامت بجلب أكبر اللاعبين لكن لا يظهر أنّها تراهن فقط عليهم، بل هناك مشروع، والدليل أنّ النتائج تحسنت كثيرا عن الموسم الماضي، وسنكون أمام فريق كبير مستقبلا، وما يوجد اليوم في اتحاد العاصمة لم يكن متوفرا في عهد عليق. على ذكر عليق، كيف كانت تجربتك معه؟ لقد كانت جيدة رغم أني غادرت الفريق وهو في المرتبة الأولى، وذلك لسبب واحد، وهو أنّ عليق أدلى بتصريح طالبني فيه بتدوير التشكيلة وهذا لمحاولة فرض بعض الأسماء وهذا ما رفضته وقررت المغادرة. ما الفرق بين منادي وعليق؟ فرق كبير جدا، عليق يملك تجربة كبيرة في التسيير والسنوات الطويلة التي بقي فيها رئيسا لاتحاد العاصمة علمته أشياء كثيرة، وهذا ليس متوفرا في منادي. وبين عليق ومدوار؟ مدوار شاب طموح يملك طاقة كبيرة ولديه رغبة قوية في النجاح، وكما قلت عليق أكثر خبرة وتجربة، كما أنّه ابن الميدان وهذا ما جعله ينجح في مهمته. عملت أيضا مع زعيم، كيف وجدته؟ بصراحة الأمور لم تكن جيدة، فأنا مدرب وفقط ولا أريد لأي شخص مهما كان منصبه أن يتدخل في عملي، وهذا الأمر لم أجده في البليدة فغادرت. نعود إلى هذا الموسم وما حدث لك في بلوزداد رغم أنك تنقلت كملاحظ فقط… لقد استغربت كل ذلك الهيجان الذي كان ضدي من أنصار الشباب، فقد وجدت نفسي في المكان والزمان الخطأ، ففي تلك المقابلة حضر الرئيس السابق لفقير، وكان بعض الأنصار ضد قانة ويطالبون بعودة لفقير، وعلى أساس أنّ الأول هو من جلبني لبلوزداد، فكان عليهم أن يشتموني لشتم قانة، وهذا ما جعلني أعتذر عن قبول المهمة لأنّ الأمور كانت سيئة جدا، ورغم كل ما حدث فإنّ الأنصار الحقيقيين لبلوزداد تنقلوا إلى تلمسان لطلب الاعتذار وهذا يشرفني جدا. ذكرنا في هذا الحوار عددا كبيرا من الرؤساء، من هو أحسن من تعاملت معه؟ أكيد مدوار، لأنّه واضح وصريح، ولا تسألني عن الأسوأ لأني أرفض الخوض في هذا الموضوع. ومن هو اللاعب الذي أثر فيك كثيرا؟ بلال دزيري، فرغم كل ما يقال عنه إلا أنّه إنسان رائع بأتم معنى الكلمة، فقد وجدت في اتحاد العاصمة رجلا حقيقيا، جديا في عمله يحترمني كثيرا، لا يعارض إبقاءه في الاحتياط، كانت علاقته معي ومع زملائه جيدة جدا وهذا ما جعله ينجح. مَن مِن اللاعبين ترى أنهم ضيّعوا مشوارا كبيرا؟ هناك عدد كبير من اللاعبين ينطبق عليهم هذا الأمر، وهناك حتى من لعبوا في المنتخب الوطني مرات قليلة ولم نسمع عنهم بعد ذلك، لقد فشلوا في تسيير مشوارهم بسبب المحيط والامتيازات التي توفرت لهم. هل تعتبر مراكشي أحدهم؟ هذا أكيد، وهو اعترف بذلك، ولكن ليس مراكشي وحده بل هناك عدد لا يحصى من اللاعبين الموهوبين فشلوا في تسيير حياتهم وهناك حتى من كان مصيره السجن. كيف تفسّر ما يحدث لفرق الغرب رغم أنّ أحسن اللاعبين من تلك الناحية؟ السبب الأساسي هو نقص الإمكانات المالية، ففرق الغرب لا تستطيع الحفاظ على لاعبيها أمام مغريات فرق الشرق والوسط، فمثلا أندريا كاروليس عندما جاء إلى تلمسان كان يتقاضى 15 مليونا فقط، وفي الموسم الموالي رفع راتبه إلى 30 مليونا، وهو حاليا في اتحاد العاصمة يتقاضى 300 مليونا، كما لا يجب تجاهل مشكل التسيير، فالمسيرون الحاليون من خارج الوسط الرياضي، كما أنّ النظام الجديد يجعل من يدفع 5 أو 10 ملايين للشركة مساهما ويتحكم في مصير اللاعبين والمدربين. هل ترى مولودية وهران في نفس الوضعيّة؟ المولودية فريق من نوع خاص، ونوعية المشاكل الموجودة في هذا الفريق لا توجد في فريق آخر، فكل شخص في وهران يحب المولودية بطريقته الخاصة وبأفكاره الخاصة وأيضا لمصلحته الخاصة، وهناك صراعات كبيرة داخل الفريق وأنا عملت مع المرحوم ليمام ومع جباري والكثير من اللاعبين الذين بإمكانهم تشكيل أحسن فريق في الجزائر، ولكن ذلك لم يحدث. كيف ترى لجوء الرؤساء إلى المدرّبين الأجانب والذين خطفوا الأضواء من المدرب المحلي؟ هذا خيار المسيرين، ولا يمكنني التدخل فيه، ولكن مع ذلك أقول أن هؤلاء المدربين الأجانب لا يجلب لهم حافلة لاعبين من "رأس الماء" ويطالبونهم بتكوين فريق، لقد وفروا لهم كل شيء، ولا توجد في فرقهم مشاكل المستحقات، فكيف لا تكون النتائج، وسأحكي لك حوارا طريفا حدث لي مع لومير.. تفضل… هذا المدرب الذي أحترمه كثيرا، وفي حديث جانبي معه قال لي :"مشكلة الكرة في الجزائر هو المحيط"، فقلت له "ماشفت والو تعال وعش 20 سنة هنا، وأقسم لك أنّك ستقرّ أنك لن تجد المشاكل الموجودة عندنا في كل فرق العالم"، وهنا أريد أن أقول أنّنا نحن المدربين سبب ما يحدث لنا راجع لغياب قانون يحمينا، كما أننا لا نحترم أنفسنا وهناك مدرب يتفاوض من ظهر زميل له وهذه أمور يجب أن تزول. هل فكّرت في مغادرة الجزائر؟ لقد وصلني عرض من السعودية سنة 2009 ولكن رفضته بسبب ظروف عائلية، ولكن حاليا لو تلقيت عرضا آخر فلن أرفضه، فعندي رغبة كبيرة في المغادرة لأني تعبت كثيرا بعد 20 سنة عمل في نفس الظروف. بعيدا عن كل ذلك، هل تخبرنا عن الخلاف الموجود بينك وبين سليماني؟ (يضحك مطولا ويردّ مازحا)، سليماني "مهبول"، ربي يهدينا الاثنين، أتذكر أنّ المشكلة وكانت بسيطة حدثت في العام الذي أشرف فيه سليماني على ترجي مستغانم، وأنا كنت مدربا لوداد تلمسان، فاتصل بي مسير من الترجي ليسأل عن أجرة لاعب كان الموسم الماضي في تلمسان، فأخبرته، وهذا الأمر لم يعجب سليماني، وأصبحت العلاقة بيننا باردة، وقد تحدثنا هاتفيا قبل حوالي شهر عندما كان سليماني مدربا لمولودية وهران وتمنينا لبعضنا التوفيق. ولكنك صرّحت ذات مرّة أنك من علّمه التدريب؟ كان ذلك ردا على تصريحاته الكثيرة ضدي والتي أغضبتني كثيرا وقتها، كما أنّ هناك أشخاصا يحبون الفتنة وتنقل أخبار مغلوطة بيننا. الكثير من المدرّبين المعروفين من تلمسان، لماذا في رأيك؟ ربما هذا صحيح بوجود سليماني، بن يلس، بوعلي والمرحوم بهمان، وأقول أنّه في بدايتنا وجدنا رؤساء ساندونا ومنحونا الفرصة كاملة على غرار قورصو وبوراوي، وهو ما لم يعد موجودا حاليا. جيلك من المدرّبين أصبح محصورا بين نظرائكم الأجانب والشباب، ألا يشكل ذلك خطرا عليكم؟ هذه هي سنة الحياة، فأنا فرحت كثير لِما حققه نغيز، فهو مدرب يحب العمل ولا يخجل عندما يطلب النصيحة، ويحضر الحصص التدريبية لمدربين آخرين، وعندما حقق الصعود مع عين فكرون اتصل بي وقال لي أني ساهمت في هذا الصعود وذلك يعود إلى فترة التحضيرات، حيث مر بفترة شك فتحدثت معه وشجعته أكثر، وهو لم ينس ذلك، فكيف لا أفرح له؟ ونفس الأمر مع بن شوية الذي كان مساعدي في الشلف وهو الآن يحقق نتائج جيدة، وكما يقال "الأيام دول بيننا" وكل واحد له دور في هذه الحياة. على ماذا ندمت في مشوارك، وهل فكّرت يوما في الاعتزال؟ دائما ما أكون في هذه الوضعية، فأنا لا أتقبل الخسارة ولا أعرف كيف أسيّرها وهذا عيبي، وكثيرا ما تكون تأثيراتها حتى على بيتي، كما أنّه عندما تجد نفسك أمام لاعب دربته وعاملته مثل ابنك ويشتمك، فهذا الأمر يحز في نفسي كثيرا، ويجعلني ربما أندم على دخولي هذا المجال. هل سبق لك أن بكيت؟ كثيرا ما حدث ذلك، فبعد لقاء البرج ومولودية الجزائر وتحت تأثير الضغط الكبير والخوف من الخسارة بكيت بشدة، لأنّه لم يسبق لي أن سقطت إلى القسم الأدنى مع كل الفرق التي دربتها، ولو حدث هذا في البرج لقررت الاعتزال نهائيا وأنا صادق فيما أقول. من هو الفريق الذي تتمنّى تدريبه؟ لا يوجد فريق محدّد فأنا أفتخر بتدريب أي فريق في الجزائر، ولكن هناك فرق لها خصوصيتها مثل شباب قسنطينة، فعندما تكون في فريق يملك أنصارا مثل السنافر وملعب بذلك الروعة تتمنى أن تكون وسطهم، كما أن العمل في بلوزداد أيضا يستهويني. في الأخير، هل توجّه رسالة مباشرة إلى شخص معيّن؟ أكيد سأوجهّها للرئيس يحلى لأنّ تصريحاته الأخيرة أزعجتني كثيرا، واستغربت أنّ لهجته لم تكن بهذا الشكل عندما غادرت وأنا كنت أضعه دوما في مقام شقيقي، ورسالتي له هي "قل الحق ولو كان مرا".