أعرب النظام السوري عن استعداده للقاء المعارضة بالعاصمة موسكو، ضمن مسعى جديد للتوصل إلى تسوية سلمية للصراع الدامي الذي خلّف مقتل ما لا يقل عن 200 ألف شخص منذ اندلاعه في سوريا منتصف شهر مارس 2011. وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان أصدرته أمس، إن "سوريا مستعدة للمشاركة في لقاء تمهيدي وبنّاء بموسكو للرد على تطلعات السوريين في إيجاد مخرج للأزمة". وقال مصدر من الوزارة لم يكشف عن هويته إنه تم اتخاذ هذا القرار بعد مشاورات جرت بين سورياوروسيا حول تنظيم مثل هذا اللقاء الذي يهدف إلى التوصل إلى أرضية توافقية بشان عقد ندوة حوار بين السوريين دون التدخل الخارجي. وأضاف أن "الجمهورية العربية السورية أعربت دائما عن استعدادها للتفاوض مع أولئك الذين يؤمنون بوحدتها وسيادتها وقرارها الحر". وجاء قرار الحكومة السورية بالتفاوض مع المعارضة غداة إعلان الدبلوماسية الروسية عن سعي موسكو لاحتضان اجتماع للمعارضة السورية في 20 جانفي القادم، في حال نجاحه سيتم دعوة ممثلين عن الحكومة السورية للانتقال إلى موسكو من اجل تبادل الآراء والمواقف مع المعارضة بهدف إطلاق حوار بين أطراف الصراع في سوريا. وأكدت الدبلوماسية الروسية، على أن الأمر يتعلق بلقاء غير رسمي بين مسؤولين للمعارضة في داخل وخارج سوريا يكونون قادرين على تقديم أفكار تقود إلى التوصل إلى تسوية للنزاع الدامي في هذا البلد. وحتى وان كانت بعض أطراف المعارضة الداخلية أبدت استعدادها للمشاركة في هذا اللقاء غير أن المعارضة السورية في الخارج وخاصة تلك المنضوية تحت لواء الائتلاف السوري المعارض، لم تتحمس للمسعى الروسي. وهو ما أكدته تصريحات هادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، خلال لقائه نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية أمس، حيث قال إنه "لا توجد أية مبادرات رسمية بشأن حل الأزمة السورية في الوقت الراهن". وقال إنه ليست هناك أية دعوات رسمية حاليا من أية أطراف لعقد مؤتمر لمناقشة هذا الحل. بل إن المعارض السوري اعتبر أن "روسيا لا تملك أي مبادرة واضحة وما تدعو إليه هو مجرد دعوة للاجتماع والحوار في موسكو وليس هناك أي ورقة محددة أو مبادرة". وهو ما يطرح التساؤل حول الأطراف المعارضة التي يمكن لروسيا إقناعها بالحضور إلى موسكو خاصة وان هذه الأخيرة وقفت ومنذ اندلاع الأزمة السورية إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما جعل بعض الأطراف السورية المعارضة تعتبر روسيا بأنها قد لا تتمكن من لعب دور الوسيط غير المنحاز. وتناول البحرة خلال لقائه مع العربي المسعى الروسي في إطلاق حوار سوري سوري إضافة إلى خطة المبعوث الاممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي اقترح وقفا لإطلاق النار في حلب كخطوة أولى يتم تعميمه تدريجيا على كامل أنحاء البلاد. وإذا كان البحرة كشف عن موقف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بخصوص المسعى الروسي فإنه من جهة أخرى أكد انه "لا توجد أية دعوات رسمية حاليا لا إلى القاهرة ولا إلى موسكو أو غيرهما وإنما يوجد حوار بين أطراف المعارضة السورية دون أية تدخلات من أي طرف". وكان البحرة يرد على معلومات مفادها أن المعارضة السورية تعتزم عقد حوار لها بالعاصمة المصرية القاهرة، في سياق جهود الجامعة العربية إيجاد مخرج سلمي للأزمة التي طال أمدها. للإشارة فإنه والى جانب البحرة التقى العربي، أيضا بحسن عبد العظيم، رئيس هيئة التنسيق السورية التي تمثل معارضة الداخل وهيثم المالح، عضو الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض. وبالتوازي مع التحركات الدبلوماسية لإعادة إحياء المسعى السلمي لتسوية الأزمة السورية يستمر القتال في هذا البلد في حصد مزيد من الأرواح. وسقط أمس، عدة قتلى بين مدنيين ومسلحين جراء عمليات القصف الجوي للطيران الحربي السوري والاشتباكات العنيفة مع مختلف المجموعات المسلحة التي تتخبط فيها عدة مدن سوريا من درعا وريف دمشق وحلب.