يواجه سكان بلديات ورقلة مشاكل كبيرة في التزود بالمياه الصالحة للشرب، حيث أبدى مواطنون من عاصمة الولاية انتقادهم للوضعية، كونهم يضطرون باستمرار إلى شراء مياه الشرب من أصحاب الصهاريج المتنقلة بالنظر إلى استحالة شرب مياه الحنفيات بسبب ملوحتها، في انتظار تجسيد وعود السلطات المحلية بتحسين وضعية التزويد بهذه المادة الحيوية. وفي المقابل، عاينت "المساء" سير أشغال إعادة التهيئة والصيانة لقنوات المياه الصالحة للشرب ببعض الأحياء التي تشير بعض المصادر المحلية إلى أنها ستنتهي في غضون الثلاثي الأول من العام الجاري. وقد لاحظنا خلال تواجدنا بمدينة ورقلة مؤخرا، لجوء السكان إلى شراء مياه الشرب من شاحنات الصهاريج المتنقلة التي يلجأ أصحابها إلى الانتقال من حي لآخر لبيع الماء العذب (أوالحلو، كما يطلق عليه) وبأسعار متفاوتة فهناك من يقترح اللتر بدينارين وآخر يقترح 5 لترات ب5 دنانير.. كما تختلف تسعيرة اللتر الواحد في فصل الصيف، حيث تزيد الحاجة للماء، إذ يصل الاستهلاك إلى معدلات قياسية بالنظر إلى قساوة المناخ هناك، وهذا الذي يجعل باعة الماء الحلو يستغلون الفرصة لمضاعفة أسعار الماء، حسبما يشير إليه مواطن من حي 400 مسكن بمدينة ورڤلة، فيما ذكر آخر من حي 324 مسكن أنه يضطر إلى شراء صهريج ماء ذي سعة 150 لتر بسعر 250 دج، مبرزا حقيقة تغير الأسعار بين موسمي الشتاء والصيف، فيقول إن اللتر الواحد من الماء العذب في الشتاء يتراوح بين 1 دينار و1.5 دينار، أما في الصيف، فيصل إلى دينارين، موضحا أن الماء العذب موجه للاستهلاك فيما يوجه ماء الحنفية المالح إلى الغسيل والحاجات اليومية الأخرى. وحتى إن كان لمبلغ شراء اللتر الواحد من الماء رمزيا بالنسبة لمواطن آخر، إلا أنه يعتقد أن السلطات المحلية قد تأخرت في الإيفاء بوعودها لحل المشكل نهائيا، بالنظر إلى أن المياه الباطنية بالولاية تحتوي نسبة ملوحة مرتفعة بعض الشيء، الأمر حسبه يتطلب التعجيل بتحسين الواقع المعيشي اليومي للمواطن. ويثبت واقع الحال بأن غالبية السكان باتوا مضطرين إلى اقتناء الماء العذب. وقد أوضحت سيدة سألناها في الموضوع أنها بالفعل مضطرة لشراء الماء الحلو، مبينة أنه كان بمنزلها في مدينة تڤرت مصفاة تصفي ماء الحنفية بسبب نسبة الكلور العالية فيه، ولكن منذ أن انتقلت للعيش بحي سيدي عبد القادر بعاصمة الولاية، أصبحت مثل باقي السكان مضطرة لشراء مياه الشرب من الصهاريج المتنقلة، مضيفة ان ماء الحنفيات لا يصلح إلا لأشغال التنظيف في المنازل، علما أنها تشتري دلو 10 لترات ماء بسعر 40 دج معلقة بقولها "هناك من لجأ للاستثمار في هذا الأمر بشراء مصفاة كبيرة في منزله "لفلترة" ماء الحنفية ليصبح عذبا وبيعه لأصحاب الصهاريج.. وهي تجارة سهلة ومربحة". كما أشار مواطن إلى إشكال آخر ليس فقط ملوحة ماء الحنفيات، وإنما حتى الاضطراب في التزود بالماء في المساكن جراء الانقطاعات المتكررة، وهو ما دفع حسبه- السكان إلى رفع شكاوى عديدة للجهات المعنية في انتظار حلول واقعية. من جهة أخرى، تحدثت "المساء" إلى إبراهيم، شاب عشريني وهو صاحب شاحنة صهريج كان بحي الشرفة بالمدينة، قال إنه يتردد على عدة أحياء بمختلف البلديات ليعرض الماء الذي يجلبه من مصنع تحلية الماء المالح بناحية بامنديل، موضحا أنه طوال ذلك اليوم قد زود أحياء بالماء بمناطق الرويسات والشرفة والمخادمة وبني ثور وغيرها، وأن شاحنته تحمل صهريجين سعة الصهريج الواحد 1000 لتر، يبيع الصهريج الواحد لمن طلبه بسعر 1200 دينار ويشتريه مسبقا من المصنع ب400 دج (يعني هامش ربحه مقدر ب800 دج)، كما يوضح أنه كلما كانت سعة الصهريج كبيرة ننقص ثمن اللتر فنحسبه بدينار أو دينار ونصف"، معترفا بأنها "تجارة رابحة لان كل سكان الولاية مضطرين إلى شراء مياه الشرب. وإشكالية الماء الشروب بورڤلة تعتبر من المشاكل المطروحة، وحسب مصادر إعلامية محلية فإن أشغال إعادة تهيئة شبكة المياه الصالحة للشرب قد انطلقت أواخر السنة المنصرمة ومن المنتظر أن تنتهي في غضون الثلاثي الأول من السنة الجارية للقضاء على هذا الإشكال المؤرق للسكان، مما يعني أن الأوضاع تسير نحو التحسن خلال السنة الجارية خاصة وأن السلطات العمومية بالولاية قد اهتمت كثيرا في السنوات الأخيرة بتحسين وضعية التزويد بالماء الشروب، ومن ذلك إنجاز حوالي 10 محطات لتحلية مياه الشرب، وهي التقنية التي تقرر اللجوء إليها لتحسين نوعية الماء الشروب بالنظر للارتفاع كبير لنسبة الأملاح المعدنية من المياه الجوفية بالمنطقة، وهو ما يسبب ارتفاع نسبة الكلس بقنوات توزيع المياه. وتتوزع تلك المحطات على سبيل المثال بمناطق المخادمة، حي بوزيد، بامنديل، الخفجي، الرويسات، إضافة إلى إنجاز أكبر محطة بتقرت بطاقة إنتاجية تفوق 34 ألف متر مكعب في اليوم. يذكر أن نسبة الربط بشبكة توزيع المياه بلغت 98 بالمائة، والفارق المسجل يخص المناطق النائية المزودة بواسطة الصهاريج لأسباب مختلفة، كما توضحه الأستاذة زوبيدة محسن، أستاذة وباحثة بجامعة قاصدي مرباح بورقلة في دراسة متخصصة، موضحة أنه فيما يخص شبكات التوصيل، فإن نسبة كبيرة منها تواجه مشاكل تتعلق بانسداد القنوات بسبب الترسبات الكلسية أو قدمها واهترائها. بل وحتى بسبب مقاسات أقطارها التي لا تلبي الحاجيات، مقترحة التعجيل بتحسين الإجراءات المتعلقة بالتسيير.. كل هذه المشاكل بدلا من صرف مبالغ مالية كبيرة دون تحسين الوضعية.