تعرف ثروة الإبل بالوادي والجنوب عموما، سنويا، انخفاضا محسوسا، بسبب تفاقم حوادث المرور التي تتعرض لها يوميا عبر عدد من محاور الطرق الوطنية العابرة للولاية والصحراء الجزائرية، والتي تسببت في هلاك المئات في ظل امتداد المناطق الرعوية التي تتسم بها المنطقة، إضافة إلى الجفاف وعمليات السرقة والذبح العشوائي من طرف اللصوص، والتهريب إلى دول الساحل الإفريقي في فترات سابقة. ومن أجل تسليط الضوء على ظاهرة نفوق الجمال بسبب حوادث المرور خلال السنوات الفارطة، قامت "المساء" بجولة استطلاعية على مستوى الطريق الوطني رقم 48 المؤدي إلى ولاية بسكرة، حيث شهد خلال مراحل سابقة حوادث خطيرة فتكت بعشرات رؤوس الإبل والماشية، وحصدت أرواحا بشرية، وأكد المواطن (ش.ح) القاطن ببلدية الحمراية والمالك لثروة من رؤوس الماشية بمختلف أصنافها، أن أغلب مرتادي الطريق الوطني، خصوصاً سائقي المركبات الثقيلة، لا يأبهون بالقطعان التي تقترب منهم، ولا يحترزون لها بتخفيف السرعة ومحاولة مراعاة شقها للطريق، معتبرا أن السرعة المفرطة سبب مباشر في هلاك عدد من روس إبله وماشيته خلال مراحل سابقة، رغم وجود لافتات مرورية تحذر من مرور الجمال، وتوضح أماكن تواجد المراعي وحتمية مصادفتهم لها بين ثنايا الطرق. ويعتبر طريق فيض بسكرة المرعى الأساسي للإبل، حيث صادفنا مرور قطيع من الجمال والغنم وهي تقطعه نحو الضفة المقابلة، دون وجود الراعي، حيث لاحظنا حالة ارتباك عند بعض السائقين الذين كانوا يسيرون بسرعة كبيرة، فمنهم من استطاع التنبّه للوضعية وخفّض من السرعة مباشرة بعد ملاحظته للقطيع من بعيد، ومنهم من تأخر في الفرملة وكان مآله الخروج من قارعة الطريق إلى الحافة لتجنب الارتطام بالقطيع، وهو شبيه بالاصطدام بجدار، لو حصل. وما وقفنا عليه أيضا في نفس اللحظة، أن بعض السائقين لم تكن لهم القدرة على التحكم في مركباتهم، لأن الطريق إضافة إلى القطعان التي تشقه، يعرف اهتراء كبيرا وانتشارا للحفر العميقة وضيقا، وهو ما اضطر ببعض أصحاب السيارات إلى المحافظة على سرعتهم تجنبا للانحراف، والتوقف على مسافة أمتار قليلة من القطيع دون أية أضرار. مشاريع تسييج الطرق الوطنية غير مقترحة يشير مختصون إلى أن مشاريع تسييج الطرق الوطنية التي تشق المراعي معدة ضمن مشاريع البنى التحتية، وستجنب الثروة الحيوانية كل أشكال الخطر إذا ما أعطته السلطات اهتماما وبرمجته ضمن المشاريع المستقبلية، فالعديد من الدول عبر العالم التي تضم مراعي وثروة حيوانية، خاصة الدول الصحراوية، كالمملكة العربية السعودية، مثلا، تعرف كل طرقها السريعة تسييجا مدروسا، حيث جنب ذلك ثرواتها كل عوامل الخطر وزاد من حجمها وأهميتها الاقتصادية، فتسييج الطرق الوطنية الصحراوية، كما يؤكد المهتمون خلال المراحل القادمة، بات ضرورة قصوى لابد منها، حتى تدخل الثروة الحيوانية بر الأمان من جهة، وتؤمن أرواح المواطنين من الهلاك من جهة أخرى. اللافتات المرورية غائبة في العديد من محاور الطرق الرعوية تعرف بعض محاور الطرق الوطنية السريعة على مستوى الوادي غيابا كليا للافتات المرورية التي تنبه إلى خطر مرور الجمال، وهو ما ساهم في ارتفاع نسبة حوادث القطعان، حيث أعرب بعض سائقي المركبات عن انتقادهم لغيابها رغم أهميتها في تحقيق سلامة الإنسان والحيوان، ويبقى أملهم تزويد ودعم كافة الطرق الوطنية والسريعة باللافتات التنبيهية، وتكثيفها في المناطق التي تعرف حركة كبيرة للقطعان. وقد اقترحت بعض فعاليات المجتمع المدني خلال لقاءات سابقة من أجل الحد من نزيف الثروة الحيوانية وإبعاد الخطر عنها، تشكيل لجنة مشتركة من مديريات الفلاحة والغابات والبيئة، والدرك الوطني والشرطة، وغيرها من السلطات ذات الصلة بالموضوع للإشراف ميدانيا على عملية حماية الثروة الحيوانية، وإيجاد حلول للمشاكل التي تعترضها، مع توجيه إلزام قانوني لأصحاب الماشية بالتقيد بالرعي بعيدا عن الطرق السريعة، وعدم ترك القطعان تتجول لوحدها دون راع، حيث لا تقترب بأي شكل من الأشكال من الطرق وممرات السيارات والمركبات.