افتتح أوّل أمس بالمتحف العمومي الوطني للفن الحديث والمعاصر "الماماك" بالعاصمة معرض "أسطورة نشأة سينماتيك الجزائر" الذي يرصد ميلاد السينما الجزائرية في الفترة من سنة 1962 إلى غاية 1969 من خلال الوثائق والشهادات المكتوبة والصور الفوتوغرافية وأعمال الكثير من المخرجين العالميين الذين حطوا بالجزائر حينها لتقديم إنتاجاتهم. تضمّن المعرض العديد من الوثائق والأرشيف والصور منها مقالات كانت تنشر في تلك الفترة (كلّها بالفرنسية) متضمّنة برامج السينماتيك منها عمود قار بإحدى الصحف الوطنية عنوانه "نشاهد هذا الأسبوع بالسينماتيك" وفي أحد الأعمدة يتم الحديث عن أسبوع السينما البولونية وكذا التعريف بإنجازاتها ومدى الإقبال الجماهيري عليها وعلى السينما الاشتراكية عموما، كما يؤكّد أنّ السينماتيك تحرص على التوازن في برنامجها بين الأفلام الغربية والمشرقية. عبر الصحف، هناك حديث أيضا عن برامج نادي السينما بالسينماتيك ليقف عند موعد السينما الجزائرية الفرنسية بعرض أفلام منها "الصرخة الأولى" لجيراس و«السلم الفتي" وكذا "الليل يخاف من الشمس" لمصطفى بديع، كما عرض أمام هذه القصاصات الضخمة برامج السينماتيك اليومية فيما يتعلق بالعروض وكانت في هذه الفترة متنوّعة ففي اليوم الواحد نجد الفيلم الثوري والرومانسي والوسترن وغيرها. في لافتات حمراء ضخمة كتبت شهادات مخرجين كبار منها شهادة المخرج جاك براتيي في ديسمبر سنة 68، يقول فيها "قدّمت أعمالي في السينماتيك أمام جمهور كبير متعطّش للاكتشاف وبعيد عن الأحكام المسبقة له القدرة على النقاش والتشجيع" كما نوّه بريادة السينماتيك ومدى اكتشافها للمواهب والقدرات الفنية. في صفحة "المجاهد" كتب بالبنط العريض "مرحبا بلوشيو فيسكوني بالجزائر" الذي جاء لتصوير رائعة كامو "الغريب"، وهناك أيضا مقالات عن يوسف شاهين وعن أفلام عربية أخرى منها الأفلام السورية والفلسطينية. في جريدة "ألجيري ريبيبليكان"، نجد مقالا مهما بعنوان "إعلان عن ميلاد السينما الجزائرية"، كتب سنة 1965 جاء فيه أنّ الجزائر عرفت هذا الفن عن طريق الأجانب من أوروبا وأمريكا الذين صوّروا خاصة منذ سنة 1950 طبيعتها الخلابة لأسباب تجارية لكنّهم لم يؤسّسوا استوديوهات ولا مخابر إلى أن ظهرت السينما في الثورة بالجبال كأداة كفاح ثم تعزّزت بعد الاستقلال". قدّمت أيضا بالأحمر القاتم شهادة المخرج الكبير كلود أوتان لارا في ديسمبر 68 عن السينماتيك الجزائرية التي لا تشبه أية سينماتيك أخرى، منوّها بالجمهور الجزائري الإنساني والاجتماعي. أمّا المخرج لوت اسناير في نفس السنة فيشهد بفضل السينماتيك عليه. قدّمت بالمعرض أيضا بحوث ورسائل ماجستير ودكتوراه عن السينما الجزائرية، كما قدّمت صور فوتوغرافية أصلية لبعض النجوم العالميين لتلك الفترة منهم الذين صوّروا بالجزائر. وفي جناح "سترنباغ" الذي أنجزه دانيال لاتوربي، قدّمت مسيرة هذا السينمائي والمصوّر المحترف الذي عشق الجزائر وعمل بالسينماتيك وكان يلتقط صورا حية للجزائريين من كلّ الفئات في سنوات الاستقلال الأولى. عرضت أيضا صور لبعض المخرجين الكبار منهم جون لوك قودار وليونال نناكان ويوسف شاهين وجون ميشال أرنور وأيضا لأحمد بجاوي وكذا لعماري وحيد الموسيقار السينمائي المعروف وأيضا الراحل ميمو (حيمود إبراهيمي). صور أخرى عن السينماتيك ومدى الاكتظاظ عند مدخلها من طرف الجمهور وعرض واجهاتها المعبأة باللافتات وبالتظاهرات الدولية وبالدورات السينمائية (منها المجرية، المصرية، الهندية، السويدية، الألمانية، السوفياتية، الفرنسية واليابانية) وغيرها كثير إضافة لدورة هيتشكوك وتظاهرة آسيا وإفريقيا وسينما الجبل في الثورة الجزائرية، وقدّمت الكثير من لافتات هذه الأفلام من طرف فرانسوا رولي الذي أعطى الكثير للسينماتيك، كما عرضت لافتات المهرجان الإفريقي بالجزائر سنة 1969 وصور فيلم "الغريب" الذي صوّر بالجزائر وهناك لافتات لأفلام الوسترن وأخرى لأفلام جزائرية منها "الأفيون والعصا" و«الخارجون عن القانون" لتوفيق فارس و«حسان طيرو" الذي عرضت صور فوتوغرافية عن مراحل تصويره وكذلك "معركة الجزائر" و«الليل يخاف من الشمس" لبديع و«جهنم عشر سنوات" لبن ددوش ومازيف والعسكري وأكيكا يوسف وصور فوتوغرافية لمخرجين كبار منهم حامينة وراشدي وسليم رياض في فترة شبابهم. للتذكير، دشّنت هذا المعرض الضخم الممتد عبر طابقين والمستمر إلى غاية جويلية القادم السيدة نادية لعبيدي، وزيرة الثقافة التي أكّدت حين تجوالها بالمعرض على أهمية هذه التظاهرة السينمائية التي تسلّط الضوء على إبداعات الشاشة الفضية وذلك بمبادرة والتفاتة من السينماتيك مما سيمكّن حسبها- الجمهور من الرجوع إلى هذا الصرح السينمائي العريق وسيكتشف أفلاما لم يتسن له مشاهدتها من قبل عبر الشاشة الصغيرة إذ ليس كلّ الأفلام التي أنتجت في الفترة من 62 إلى 69 شوهدت وبالتالي ستكون فرصة للجمهور بالانتقال إلى السينماتيك ومشاهدتها. وحضر الافتتاح أيضا سفير فرنسابالجزائر وبعض الشخصيات السينمائية المرموقة منها المخرج جون ميشلان آلان، رفيق وزميل أحمد حسين وهو أول مدير للسينماتيك الجزائرية، كما حضر المخرج الكبير كوستا قافراس صاحب فيلم "زاد" الذي أخرجه بالجزائر سنة 1968 وحقق نجاحا كبيرا. وللتذكير، انطلقت عروض الأفلام أمس الأحد بمعدل 4 حصص في اليوم، كما يتضمّن البرنامج دورات أغلبها خاصة بسينما الثورة أي التي أنجزت من 57 إلى غاية 62 وهناك برنامج خاص بمسايرة السينماتيك لميلاد السينما الجزائرية المستقلة أي من 62 إلى غاية 69 وهناك الأفلام ذات الإنتاج الجماعي مثل "جهنم في 10 سنوات"، إضافة إلى الإنتاج المشترك كفيلم "معركة الجزائر" وفيلم "زاد".