يأخذنا الفنان التشكيلي العصامي رضا جفال إلى رحلة عبر معالم جزائرية مختلفة، علاوة على مناظر طبيعية خلابة ينعم بها بلدنا، في معرضه المقام حاليا برواق «عائشة حداد» إلى غاية 25 من الشهر الجاري. اختار رضا جفال أن يتّخذ من الفن التشكيلي مسارا له بعد تقاعده، كيف لا وهو المنحدر من عائلة فنية، فأخوه مصطفى فنان تشكيلي ومحفوظ موسيقي ومغني، أمّا حسيسن فقد جمع بين عدة فنون، لينطلق رضا العصامي في عرض لوحاته التي استعمل في أكثرها الألوان الزيتية، وفي بعضها الألوان المائية. رضا ابن بولوغين، استلهم من البحر، فرسم أكثر من لوحة عن هذا المنظر الطبيعي الذي يسحر الألباب ويريح النفوس، وها هي لوحة "البحرية" التي رسم فيها جزءا من ميناء الجزائر الذي يحمل في طياته تاريخا عريضا وعظيما، وغير بعيد عن العاصمة، لوحة عن سيدي فرج المدينة التي شهدت دخول المستعمر الفرنسي إلى الأرض الطاهرة، كما تنقّل الفنان إلى تيبازة التي تُعرف أيضا ببحرها الجميل، فرسم بألوان منعشة لوحة "القرن الذهبي". لوحات رضا جفال تدخل في حيز الرسم الواقعي، إلاّ أنه ألبسها رداء جذابا، فأصبحت ساحرة فعلا، فها هي لوحة "وادي سوف" تمثّل مباني وطبيعة المنطقة، ودائما عن منطقة الصحراء وهذه المرة مع لوحة "درب بسكرة"، ها هي المباني العتيقة وأشجار النخيل العالية وعيّنة من أناس المنطقة الذين يحافظون على أصالة الملبس. في المقابل، رسم رضا لوحة لغرداية ومنطقة الميزاب، وبالضبط رسم مدخلا إلى حي من أحيائها بألوان غبراء، كما عرض أيضا لوحة عن مسكن من بني ميزاب وبالضبط في بني يزغن العتيقة. وعند القصبة، توقّف رضا كثيرا مؤكّدا تأثّره ب"البهجة" وحبه لها، فرسم مثلا لوحة "زقاق القصبة"، مذكّرا بتفاصيل أحياء هذه المدينة القديمة، وهو ما يظهر أكثر في لوحة "قصر الداي" الذي رسمه من الخارج مبرزا في السياق نفسه الحي الذي يقع فيه. ودائما مع القصبة، في لوحات "حصن23"، "حي سيدي عبد الله"و"امرأة القصبة"، ليقفز إلى مدن أخرى بغية التعريف بمعالمها والتأكيد على عراقتها وجمالها، مثل لوحة "سيدي بومدين" (تلمسان) ويبرز فيها مدخل ضريح سيدي بومدين وقصده من طرف أبناء المنطقة ومن خارجها، كما رسم رضا مدخل قصر المشور التلمساني. ولم يكتف الفنان برسم لوحات عن المدن الجميلة التي تزخر بتراث ثري ومتنوع، فرسم لوحة "منظر على البحر" ومزج فيها سحر الأشجار باسقة الأغصان وزرقة البحر الذي لا يضاهيها جمال، أما لوحة "زنبقة الماء" فأبرز فيها صفاء هذا النوع من الأزهار التي وهبها الخالق، حظ العيش على وجه الأنهار. رضا الذي ولد سنة 1939 واختار بعد مسيرة عملية طويلة أن يتجه إلى الفن التشكيلي ويرسم كلّ ما يجتاح مخيلته ويدغدغ إلهامه، رسم أيضا وجه المرأة المغربية وأظهر محاسنها ليرتاح من جولته هذه في لوحة عنونها ب"الخريف"، حيث رسم فيها سُكون الحياة بعد صخبها في فصل الصيف، كأنّها تستعد لسبات الشتاء.