أبرزت وزيرة العدل الفرنسية، كريستيان توبيرا أمس أهمية التعاون والتنسيق الأمني والقضائي بين الجزائروفرنسا من أجل القضاء على ظاهرة التطرف وتجنيد الشباب في صفوف التنظيمات الإرهابية. واعتبرت الإرث المشترك الذي يجمع البلدين، وتقاسمهما لقيم الحرية والإنسانية، حافزا لهما لربح هذه المعركة، مؤكدة في عرضها حول تنامي ظاهرة التطرف في فرنسا أن الانترنت يعد العامل الأول للإيقاع بالشباب في ظاهرة التطرف، فيما يمثل 50 بالمائة من الشباب الذين تم تجنيدهم أولئك الذين "اعتنقوا الإسلام حديثا". وحذرت الوزيرة الفرنسية خلال محاضرة ألقتها بمقر وزارة الشؤون الخارجية بالجزائر، من تنامي خطر تجنيد التنظيم الإرهابي "داعش" لمقاتلين من مختلف بقاع العالم، مقدرة عدد هؤلاء المقاتلين ب25 ألف مقاتل أجنبي، منهم 5000 مقاتل تم تجنيدهم من أوروبا. ولفتت المسؤولة الفرنسية في هذا الصدد على أنه من أصل 2000 فرنسي تم تجنيده في صفوف هذا التنظيم الإرهابي، يوجد 600 مقاتل في ميادين القتال بسوريا والعراق، فيما يتواجد 700 متطرف في مناطق عبور بين فرنسا ومواقع القتال، وتم إحصاء 250 مقاتل مرشح للتنقل إلى ساحات القتال، موضحة بأن مصالح مركز المرافقة والمساعدة التي سجلت نحو 4000 نداء استغاثة من ذوي هؤلاء الأشخاص الذين انحرفوا نحو التطرف، توصلت في دراساتها لهذه الحالات إلى أن نصف عدد هؤلاء يعتبرون من المعتنقين الجدد للدين الاسلامي. أما بالنسبة للدوافع التي أوقعت بهؤلاء في التطرف، فتم ضبطها بثلاث رغبات أساسية تتمثل أهمها حسبها في "الذهاب إلى مساعدة الشعب المضطهد في سوريا، وخاصة بعد الاعتراف الدولي الرسمي بعدم شرعية نظام بشار الأسد". كما عددت الوزيرة ضمن الدوافع التي تم ضبطها في دراسات الحالة، رغبة هؤلاء في "التنقل إلى البلاد التي تطبق فيها الشريعة الإسلامية" وكذا "الرغبة في الاستشهاد لتطهير الروح من الحرام". في سياق عرضها لنتائج الدراسات المعمقة التي تم إجراؤها في فرنسا من أجل التوصل إلى فهم هذه الظاهرة الخطيرة، أشارت كريستيان توبيرا إلى أنه "خلافا لما كنا نعتقده في السابق من أن السجون هي الموقع الأساسي للإيقاع بالشباب في التطرف، فإن الحقيقة التي وقفنا عليها، تؤكد في المقابل بأن نسبة تدخل هذه المؤسسات لا تفوق 15 بالمائة فقط من مجموع الحالات التي تم ضبطها". وكشفت في سياق متصل بأن الانترنت هو العامل الأول والأساسي في عملية التجنيد وجلب الشباب نحو التطرف، مشيرة إلى أن المسؤولين عن التجنيد في التنظيم الإرهابي "داعش" يستهدفون فرائسهم من فئة الشباب الهشة، إما عبر مواقع التواصل الاجتماعي والدردشات أو من خلال عرض الخطب والأفلام الدعائية والتحريضية.. وإذ شددت على أن الإرهاب يبقى يمثل عملا إجراميا، منافيا للقيم الإنسانية ومندد به من قبل كل العالم، دعت الوزيرة الفرنسية إلى التعاون وتنسيق أكبر لمحاربة هذه الآفة ومكافحة كل الوسائل والطرق التي يعتمدها من أجل زرع أفكار الموت في أوساط الشباب، مبرزة في هذا الصدد ضرورة العمل ضمن مسعى منسق على إقناع الشباب الواقع في التطرف بأنه لا يوجد مستقبل فيما تعرضه عليه "داعش". وأعربت السيدة توبيرا عن قناعتها بأن التعاون بين الجزائروفرنسا في هذا المجال، "سيكلل بالنجاح حتما لأن البلدين يجمعهما إرث مشترك، ويتقاسمان نفس القيم الإنسانية السامية"، موضحة في ردها على استفسارات بعض القضاة بخصوص إمكانية تعارض الإجراءات المتخذة لمحاربة الارهاب والتطرف مع الحريات والمكاسب الديمقراطية، بأن الاجراءات الواجب اتخاذها لابد أن تراعي التوفيق بين واجبي حماية الأشخاص والدفاع عن حرياتهم، وذكرت في هذا الخصوص الاجراءات التي اتخذتها فرنسا في مجال ضبط العمل الاستعلاماتي ومراقبته من خلال تمكين المواطن من مقاضاة الهيئات الأمنية والقضائية في حال تم المساس بحريته. للإشارة، فقد جمعت الوزيرة الفرنسية للعدل في بداية زيارتها للجزائر بعد ظهر أمس محادثات مع كل من وزير العدل، حافظ الأختام، الطيب لوح ووزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل.