يعتبر النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني محمد سيدي موسى، مقرر لجنة الثقافة والاتصال بالمجلس الوطني، أن الجزائر خطت خطوة عملاقة بإدراجها موادَّ تكفل هذه الحرية في جميع المجالات الإعلامية. وأشار إلى أنه حتى وإن كانت الحرية لا تقبل التسقيف فإن دسترة حرية الصحافة في بلادنا تؤكد أن خيارات الدولة تتجه نحو جعل هذه الحرية من المقدسات التي ينبغي على الجميع احترامها. أبرز النائب سيدي موسى في تصريح ل "المساء" ظهور ثقافة جديدة في كتابة الدستور في الجزائر، تتجه نحو التفاصيل بدلا من الاكتفاء بعرض العموميات، كما كان عليه الوضع في الدساتير السابقة. وأشار إلى أن هذه الكتابة الجديدة تتضح جليا من خلال المواد التي تتحدث عن حرية التعبير والصحافة في مشروع التعديل الدستوري، الذي أفرج عنه رئيس الجمهورية، حيث فصلت هذه المواد، على حد تعبيره، أنواع الصحافة وأشكالها؛ من صحافة مكتوبة وسمعية بصرية وحتى تلك التي تُبث عبر المواقع الإلكترونية. وبخصوص منع المشروع لتقييد الصحافة برقابة قبلية، اعتبر مقرر لجنة الثقافة والاتصال بالمجلس الشعبي الوطني، أن ذلك يشمل منع تقييد وسائل الإعلام باستعمال الإشهار، "وهذا يشكل تقدما كبيرا في مجال دعم الحريات"، لافتا إلى أن هذا المكسب وغيره من المكاسب الجديدة التي حققتها البلاد في مجال الحريات من خلال مشروع التعديل الدستوري، سيتم التكفل بها في القوانين؛ من خلال إعادة النظر في العديد من النصوص الموجودة، التي تتطلب التحيين "وكذا من خلال إصدار قوانين جديدة تؤطّر المجالات الجديدة، على غرار التكفل بتكريس المادة 42 مكرر 3، التي تتكلم عن حق المواطن في الوصول إلى المعلومات والوثائق ونقلها". وفي هذا السياق وبعد أن ذكّر بأن العديد من دول العالم ككندا وبريطانيا وحتى بعض الدول العربية كمصر وتونس، تنص على حق المواطن في الوصول إلى المعلومة وتحدد في قوانينها كيفية ضمان هذا الحق، أشار محدثنا إلى أن تنصيص الدستور على ضمان حرية مختلف أنواع الصحافة بما فيها الإلكترونية، يستدعي تحيين قانون الإعلام وقانون السمعي البصري لتأطير هذه الحقوق. وبالنسبة لمنع تطبيق عقوبات سالبة لحرية الصحفي فهي كانت مكرَّسة في القانون، لكن إدراجها في مشروع الدستور أعطاها القوة الدستورية؛ "بمعنى أنه خلافا للقانون العادي الذي قد يتم تغييره بشكل متكرر، لا يمكن مستقبلا أن يتم التراجع عن هذا الحق المدرَج في الدستور". كما اعتبر المتحدث أن منع سلب حرية الصحفي يمكن أن يشمل أيضا منع حرمانه من الكتابة، مشيرا إلى أن هذا الإجراء ينطبق مع ما تنص عليه المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي انخرطت فيه الجزائر ووقّعت عليه. وخلص البرلماني سيدي موسى إلى التأكيد على أن حرية التعبير والصحافة بتأطيرها بنصوص الدستور، أصبح لها قدسية، "غير أن هذه القدسية تبقى ناصعة عندما لا تمس بمقدسات أخرى". وأبرز في هذا الصدد ضرورة احترام الضوابط الأخلاقية والثقافية في ممارسة حرية التعبير، مؤكدا أنه من خلال مشروع تعديل الدستور، تم التأكيد على توجهات السلطات العليا في البلاد في ضمان حرية التعبير والصحافة، مع اعتبار هذه الخيارات خيارات ثابتة، على الجميع الالتزام بها.