دعا وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد نور الدين بدوي الولاة إلى التعجيل بتحرير المبادرات الاقتصادية واستغلال الثروات المحلية، بمرافقة التنمية الاقتصادية لجذب الاستثمار وتوجيهه نحو النشاطات الخلاقة للثروة ، مشددا على ضرورة تطهير وضعية العقار الاقتصادي المخصص للاستثمار والتسريع في الإجراءات الرامية لتحريره وتوفيره للمستثمرين الجديين ،وجعل من الجماعات المحلية دعامة تنموية أساسية .مشيرا إلى وجود 50 بالمائة من العقار الصناعي عبر الوطن غير مستغل ،فيما دعا إلى إنشاء مناطق نشاطات مصغرة عبر كامل بلديات الوطن إلى جانب مرافقة المؤسسات المصغرة لحمايتها من الزوال . وزير الداخلية والجماعات المحلية أكد خلال إشرافه أمس على أشغال الملتقى التقييمي الأول لنشاطات ولايات الغرب أن الحكومة رفعت كل القيود والعراقيل البيروقراطية التي كانت تعترض الاستثمار المنتج، ولم يبق أمام المستثمرين سوى البرهنة على قدرتهم في رفع التحدي وتجسيد استثمارات اقتصادية مهيكلة تسمح للأقاليم أن تبرز مكنوناتها وقدراتها التنموية . كما أشار بدوي إلى ظهور معالم التنافس التنموي المنشود بين الأقاليم، وبالرغم من الجذب الذي يمارسه التجمع العمراني الكبير لمدينة وهران، إلا أن العديد من الولايات الغربية الأخرى استطاعت أن تطرح أقاليمها كبديل هام لاستقبال استثمارات منتجة ذات الشأن على سبيل المثال ولايات غليزان، مستغانم وعين تيموشنت . كما دعا الوزير السادة الولاة لتعميق هذا التنافس وتنويعه وهو ما يسمح لكل ولاية برسم معالم مستقبلها منذ الآن وللمنطقة من المؤهلات التنموية ما يجعلها كلها منطقة أساسية للجذب الاقتصادي لولايات تلمسان، سيدي بلعباس، معسكر وتيارت التي تزخر كل منها بمقومات تنموية متميزة، بما تتوفر عليه من وزن على الصعيد الإقليمي، غير أن دورها الاقتصادي لازال لم يرق بعد للمستوى المرجو حسب الوزير . نفس التقييم يشمل ولايات سعيدة والبيض، النعامة وتيسمسيلت التي اعتبرها الوزير همزة وصل مع المناطق الجنوبية ويمكنها أن تطور نشاطها الاقتصادي بما يتناسب وطبيعة موقعها الجغرافي، باعتبارها ولايات كفيلة بسد العديد من حاجيات الولايات الجنوبية، كما أن لها من المكنونات المنجمية والقدرات الرعوية ما يؤهلها للعب أدوار رئيسية في الصناعات الاستخراجية وتربية الأنعام. وزير الداخلية اعتبر أن الاقتصاد المحلي مستوى آخر للعمل التنموي، منوها بالدور الهام الذي يلعبه الولاة في التجاوب مع السياسات الاقتصادية العامة الرامية لترقية الاستثمارات المنتجة، فدورهم حسب الوزير أهم في تطوير دور اقتصادي للجماعات المحلية شبهه بالاقتصاد الوطني، حيث تكون فيه المبادرة المحلية، نقطة الانطلاق من أجل تهيئة مناطق نشاط اقتصادي جديدة، وتوطين استثمارات محلية تطور مختلف الولايات والبلديات بما فيها النائية . كما أكد الوزير أن هدف الحكومة ليس فقط تنويع الاقتصاد الوطني وتحسين الموارد المالية خارج المحروقات، بل يتعداه إلى تحقيق نموذج تنموي شامل لكل مكان فيه، تعم ثماره كل التراب الوطني وليس مناطق دون أخرى، وللوصول لهذا الهدف لابد على الولاة حسب الوزير أن يبرهنوا على سعة الأفق في التفكير والتحلي بروح المبادرة على المستوى المحلي وهو ما لم يتحقق بالصورة الكافية خلال السنة الفارطة حسب الوزير . بدوي اعتبر أن التنمية المحلية من فعل الجماعات المحلية ونقطة انطلاقها من الأقاليم المحلية، فكما أن الدولة على المستوى المركزي تبحث عن استقلالية وفعالية كبيرين في نموذجها الاقتصادي، على الجماعات المحلية أن تطور قدراتها التنموية الذاتية من خلال ترقية الاستثمارات المنتجة، حتى تحسن مداخيلها الجبائية وتكفي ماليا في إعداد موازاتها ورسم برامجها التنموية بكل حرية، بعيدة عن مخاطر تقلبات اقتصادية مستقلة عن إرادتها. كما اعتبر الوزير أن دور الولاة في جعل الجماعات المحلية دعامة تنموية أساسية للدولة وليس عبئا عليها، مؤكدا أنه لا توجد بلدية فقيرة ببلادنا وكل ولاية وبلدية تملك قدرات تنموية هامة تنتظر العين البصيرة والأفكار النيرة التي تسمح بتثمينها وترقيتها، إنما المشكل حسب الوزير في استشفاء ذهنية ريعية لدى الجماعات المحلية التي تنتظر تحويلات مالية مركزية. فيما وجه الوزير رسالة قوية للجماعات المحلية مؤكدا أن عهد التحويلات المالية المركزية لسد نفقات تسيير في تصاعد مستمر قد ولى، وعلى الجميع البحث عن موارد دخل وضمان استمرارية مرافقة عامة، فيما ستقتصر تدخلات الدولة لصالح الجماعات المحلية على المشاريع التي من شأنها خلق الثروة وتحسين الوضعية المالية للبلديات، وعلى من يريد الاستفادة منها يجب العمل على تحسين واعتماد هذه المقاربة في الأعمال التسييرية اليومية للجماعات المحلية على حد قول الوزير. وأضاف الوزير أن المجهود المبذول في إطار المشاريع الممولة ذاتيا عوض أن توجه لترقية الممتلكات المدرة للمداخيل ولترقية الاستثمار المنتج، أضحت توجه لمشاريع غير ذات أولوية وغير مدرة لأية مداخيل، بل في بعض الأحيان تترتب على تسييرها أعباء مالية إضافية، والتي اعتبرها الوزير تدخل في تقنية التسيير بالأمر الواقع، وسوف تلزم أصحابها فقط، بينما سيوجه الدعم والمرافقة للمسؤولين المحليين الذين اعتمدوا المقاربة الاقتصادية للحكومة المعتمدة وهو ما لم تلمسه الحكومة بالشكل الكافي من قبل الولاة المطلوب منهم اعتماد منهجية أكثر جوارية في متابعة تسيير البلديات وتفعيل وظائف التنشيط المحلي من جديد وتوجيهها لما هو أهم، حيث كشف عن الحصيلة السلبية التي كشفتها التقارير عن المجهود المحلي المتواضع المبذول من أجل تحسين المالية المحلية للجماعات المحلية، حيث تعرف عجزا في تحصيل الموارد الجبائية وموارد ممتلكات لا يتم تحيينها بصورة دورية، بينما هناك ممتلكات مدرة للمداخيل تستغل بدون مقابل أو حولت لغير غرضها، وهي كلها مظاهر اعتبرها الوزير تسير بسلبية يجب محاربتها باستمرار في وقت تحتاج فيه بلادنا لتعبئة جميع مواردها، في نفس الوقت يجب تحسين المعطيات الإحصائية الخاصة بالأوعية العقارية التي تحتكم عليها الجزائر وتحسين آليات التحصيل الضريبي من أجل جعل مواردنا الافتراضية تتناسب مع المعطيات الواقعية للوعاء الضريبي، من خلال تفعيل عمل لجان تشخيص حالة البلديات التي تضم جميع المصالح ذات الصلة. كما اعترف الوزير أن أغلبية الولاة عاجزون عن التحصيل الجبائي المحلي حيث كشف عن إجراءات جديدة لتنظيم الجباية المحلية، مشيرا إلى اتخاذ جملة من الإجراءات على المستوى المركزي تخص مراجعة النصوص القانونية والتنظيمية الخاصة بالمالية المحلية التي ستعرض على الجهات المختصة في حينها، والتي من شأنها حسب الوزير أن تمنح الجماعات المحلية إمكانيات جبائية ومالية أكبر وآليات أنجع لتحصيل الإيرادات، فيما كشف الوزير عن اتخاذ جملة من الإجراءات على المستوى المركزي تخص مراجعة النصوص القانونية والتنظيمية الخاصة بالمالية المحلية التي ستعرض على الجهات المختصة في حينها . وأكد السيد نور الدين بدوي أن مجهودات الحكومة لا تزال تبذل في مجال تحسين وإصلاح المرفق العام حيث ستشمل هذه الإصلاحات خلال هذه السنة رخصة السياقة البيومترية وبطاقة ترقيم العربات الالكترونية. إضافة إلى جملة من المعلوماتية التي ستوضع قيد الخدمة . ويدخل هذا اللقاء الجهوي الذي سيمس جميع جهات الوطن في إطار التحضير للقاء السنوي للحكومة بالولاة الذي سينعقد لاحقا والذي سوف تؤسسه الحكومة كلقاء سنوي رسمي احتذاء بالتقليد الذي أرساه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة.