انطلقت أمس بقاعة "ابن زيدون" برياض الفتح فعاليات الملتقى الدولي حول "مساهمة الأمازيغ في الحضارة العالمية" الذي ينظم تحت إشراف المحافظة السامية للأمازيغية وذلك بمشاركة العديد من الأساتذة والباحثين المختصين في علوم اللغة والانتروبولوجيا والتاريخ. وقد أكّد يوسف مراحي الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية أنّ الهدف الأساسي من تنظيم هذا الملتقى هو الكشف عن الأصول الحضارية وعمق جذور الأصول الأمازيغية لهذه الأمة وذلك من خلال أربعة محاور رئيسية هي إبراز أصول الأمازيغ وتطورّهم ومشاركة هؤلاء في الفكر السياسي والفلسفي ثمّ في الثقافة والأدب والفنون، مضيفا في افتتاحه للتظاهرة التي تمتد على مدار يومين أنّ من يجهل ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ولا أن يخطّط لمستقبله. يوسف مراحي الذي استعان في مدخل حديثه بكلمات للشاعر الكبير بن محمد أوضح أنّ شمال إفريقيا كانت نقطة لقاء بين مختلف الحضارات والأمم لذلك كان من الضروري الوقوف عند تأثيرها وتأثّرها بمختلف تلك الحضارات والإجابة عن سؤال جوهري ألا وهو موقع الأمازيغ من التاريخ؟ وإجابة عن هذا السؤال يقول المتحدّث بإمكاننا أن نفرد للأمازيغية المكانة التي تستحقها في بلدها الجزائر. ومن جهته، أشار الباحث المغربي مصطفى قديري إلى وجود هوّة بين اللغة العربية التي هي لغة علم وبحث واللغة الأصلية، باعتبار أنّ الأولى تكتب وتقرأ ولا يتحدّث بها والثانية لغة شفهية محمّلة بالموروث الثقافي والحضاري والتقليدي للأمة . وفي نفس السياق أشار الباحث أنّ كلمة "البربر" لم تكن تعني بأيّ حال من الأحوال الهمجية بل السكان الأصليين لشمال إفريقيا معلّلا ذلك بما وجد في معجم لسان العرب لابن منظور المصري الإفريقي، مشيرا إلى أنّ المصطلح شهد تحويرا في معناه الأصلي، كما تساءل باحث المكتبة الملكية بالرباط عن مشاركةوإسهامات الأمازيغ في التاريخ الإنساني وعن المصادر العلمية المتوفّرة حول الأمازيغ، موضّحا في هذه النقطة أنّ أغلب المصادر التي تتحدّث عن شمال إفريقيا مرجعها المدارس التي نشأت في كنف العهد الكولونيالي لتتطوّر بعد الاستقلال داخل إطار إيديولوجي تحكمه فكرة (العربي - الإسلامي ). كما سرد الأستاذ مصطفى قديري في مداخلته مختلف المؤلفين والكتاب والباحثين القدامى الذين تناولوا بنصوصهم منطقة المغرب بداية بوليام ماسي - الذي أشرف حسبه على تكوين "العلماء" في مدرستي تلمسان عام 1902 والجزائر- لاسيما محاضرته التي ألقاها بلندن في 1938 حول التعريب في شمال إفريقيا، وصولا إلى ارنست رينان وإميل مسكري المعروف بدراسته حول "تاجمعت". اليوم الأول من الملتقى شهد أيضا تدخّل العديد من الأساتذة على غرار شمس الدين شيتور الذي تطرّق لمساهمة الثقافة الأمازيغية في التراث الإنساني، وباحثة الآثار صباح فردي التي توقّفت من جهتها عند مساهمة الآباء الأفارقة فيما أسمته بمملكة الفكر المسيحي وخصّت بالذكر أربعة أسماء هي القديس أوغستين، فليكس منوسيوس لكتونس واوبتا. يذكر أنّ الستار سيسدل اليوم على أشغال الملتقى بعد مجموعة من المداخلات الأخرى التي يشارك في تقديمها مجموعة أخرى من الأساتذة من بينهم الباحث الانتروبولوجي علي صياد، اللغوي محند الكلي حدادو وغيرهم.