«مهنة المتاعب» اسم لصيق بالصحافة، لم يثن وقعه الكبير، الكثير من النساء عن دخول غماره متشبثات بالشغف متسلحات بالصمود والتفاني، معتمدات على الكفاءة والاحترافية، اخترن المهنة عن قناعة تامة بأهوالها وبالنظرة الذكورية لشريحة كبيرة من المجتمع الذي يعتبر الصحافة من اختصاص الرجال لا غير، لكن لا شيء يهم عندما يكون الإصرار سر النجاح وتكون الرسالة المرفوعة على الأعناق أهم بكثير من عبارة مشينة أو إهانة مقصودة أو حتى حجود معلن. «المساء» اختارت أن تخرج عن المألوف، ولا تنتظر الثامن من مارس، لترمي النساء بالورود وتستحضر إنجازات الجزائريات، فهاهي تقف في الثاني والعشرين من أكتوبر، اليوم الوطني للصحافة، وقفة عرفان لنواعم صمدن وقدّمن الكثير للسلطة الرابعة، كلّ في موقعها وحسب مفهومها ل»مهنة المتاعب»، فكلّ واحدة من العينة المختارة تناولت تجربتها مع الصعاب والعراقيل، واستعرضت، ولو نزرا يسيرا، من التضحيات التي قدّمتها لأجل أعين «المهنة»، ليبقى «الشغف بالمهنة عنوان الإنجاز». ❊ نوال جاوت زكية أورتيلان صحفية سابقة ب«المساء»:قدمت للصحافة أكثر مما قدمَت لي تقول السيدة زكية أورتيلان إن دخولها عالم الصحافة كان مجرد صدفة، عندما تحصلت على شهادة البكالوريا قررت أن تلتحق بمعهد العلوم السياسية، وبالفعل درست به واختارت اختصاص علاقات دولية، وقالت «كنت أحلم أن أكون ديبلوماسية، لكن الذهنية الأبوية والأخوية حالت دون ذلك»، وأضافت أنها مارست الصحافة بدءا بمجلة «الجزائرية» التي كانت آنذاك لسان الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، وبعد تربص لمدة ستة أشهر، سرحت على أساس أنّها لا تصلح لأن تكون صحفية. أضافت السيدة أورتيلان، أنها وهي في طريقها ذات يوم إلى مقر جريدة «الشعب»، صادفت السيد علي فضيل الذي أخبرها أن الجريدة بصدد التحضير لإصدار جريدة مسائية، وهي تبحث عن الكفاءات وستجرى مسابقة لاختيار صحفيين وصحفيات للعمل فيها، وبالفعل جربت حظها وفازت في المسابقة وانطلقت في الصحافة من باب جريدة «المساء» وكان ذلك في سبتمبر 1985، لتغادرها لأسباب شخصية بعد 19 سنة، ثم اتّجهت نحو قناة «كا بي سي» لمدة عامين . عن نظرتها إلى المهنة كامرأة، تقول محدثتنا «بعض الناس ينظرون إلى الصحفي على أنّه مشهور ويتمتع بالامتيازات، كونه يقابل الوزراء والمدراء والولاة وغيرهم من الشخصيات المرموقة، وأن لديه بطاقة تسمح له بالدخول أينما أراد وشاء، ينظرون إليه على أنّه صاحب مال، كونه يسوق سيارة، بل أكثر من هذا الصحفي عندهم محظوظ» غير أنّها تردف بالتأكيد على أنّ الواقع غير ذلك لأن الحظ المزعوم للصحفي قد يرفضه أيا كان، عندما يواجه الصعوبات والعراقيل من أجل لقاء وزير أو وال أو حتى مدير، فالصحفي ببساطة «يتعرض للإهانة» بمجرد أن يفصح عن هويته المهنية وقالت «هذا ما حدث لي مؤخرا وأنا ألتقي بمدير إحدى المتوسطات بمدينة سطيف، فبمجرد أن أخبرته أني صحفية، قال «ما علاباليش بيك أنا ما يخلعونيش الصحفيين» وأضاف «أنت زيرو» يعني صفر.!!!!! المتاعب التي تعترض طريق الصحفي لم تعد تتلخص في تأخر التسريح بمهمة أو في سب وشتم من مسؤول تم فضح ممارساته أو الوقوف في المحاكم بتهمة القذف أو ما شابه، دون ذكر الإرهاق الفكري والذهني والنفسي والجسدي الذي ينهك الصحفي، بل رجل الإعلام عرف الاغتيال في العشرية الحمراء، لأنّه رفض الظلامية. الصحفي، حسب السيدة أورتيلان، هو الذي يحب، بل يعشق، مهنته لا يرى في الحقيقة هذه المتاعب، إلا عندما يجسّد المشروع الإعلامي الذي يقوم به، سواء كان هذا المشروع مقالا أو تحقيقا أو لقاء أو ندوة أو حتى عمودا، وتشير إلى «شخصيا، واجهت كل ما صادفني من عراقيل ومتاعب، باختصار شديد، بفضل الإصرار، حيث كنت دائما أردد عبارة «ثابر ولا تتقهقر» وهذا ما جعلني أتناسى محن أجمل المهن التي لم أفكر طوال حياتي أن استبدلها بمهنة أخرى، لأني لا أعرف فعل شيء آخر سوى أن أكون صحفية». وفي سياق آخر، تؤكد السيدة أورتيلان «المهنة قدمت لي اسما، أهدتني احترام من يقرأ لي، وقدمت لي أمراضا لا تحصى (تبتسم)، لكن لو أحاسب هذه المهنة، سأجد أني أنا من قدم لها الكثير، لقد قدمت لها زوجي عمر اورتيلان شهيدا، وقدمت لها يتم ابني حمزة مبكرا، وقدمت لها دموع الوحدة في ليال طويلة وشبابي والوفاء لها، وقدمت لها بقائي في الوطن، لما قرر البعض الهرب.. قدمت لها وقتا كان من حق ابني في صغره، وقدّمت وقوفي أمام أناس أهانوني وهددوني لأني رفضت السكوت.. كل هذا ولم أندم على ما قدّمت رغم جفاء هذه المهنة!». وأضافت أن الصحافة علمتها أن تركب الصعاب، حيث عودت نفسها على تذليل كل عقبة تقف في طريق هدفها الإعلامي، ورفضت أن تكون صحفية سطحية، أحبت العمق، وبما أنها تعشق العمل في قسم المجتمع، فالمهنة مكنتها من الغوص في مجتمعنا العريق، فتعرفت على عادات وثقافات وتقاليد ومع الأسف، على مآسي أناس لا يعرفون للصحافة معنى، لتختم بالقول «الصحافة ثورة سواء على الورقيات أو في السمعي البصري، من أجل التغيير إلى الأحسن.. فالصحافة ليست ابتزازا ولا تهديدا ولا تصفية حسابات، وإنما هي ضمير للرقي بالوطن إلى أعلى الرتب». ❊ ر. بلال دليلة بوعكاز (وكالة الأنباء الجزائرية):رهنت حياتي لإيصال المعلومة تقول الإعلامية دليلة بوعكاز، من وكالة الأنباء الجزائرية، إنّ الحديث عن مهنة الصحافة حديث ذو شجون، لأننا نتكلم عن مهنة ينسى فيها كل من يمارسها حياته لارتباطه ارتباطا كاملا بالأحداث، فيجد نفسه طيلة اليوم يبحث في كل الأخبار، «وهو ما حدث ويحدث معي»، وتعلق «إلى درجة أنني نسيت حياتي الشخصية ورهنت حياتي لإيصال المعلومة من دون أن أتذكر أن لي حياة خاصة كان لابد لي أن أعطيها حقها». لم تحبط متاعب المهنة مطلقا عزيمة الإعلامية القديرة دليلة بوعكاز، التي قضت أكثر من 32 سنة بين إدارية بالأعداد التجريبية ل»المساء» وكصحفية بوكالة الأنباء الجزائرية، وتقول «ترافقنا متاعب المهنة منذ الشروع في أوّل عمل إعلامي من الساعات الأولى من الصباح، وإلى غاية آخر خبر نسلمه، لأن البحث عن الأخبار والتأكد من مصداقيتها وإعادة تحريرها، يتطلب منا الكثير من الجهد وأن نكون أيضا ملزمين بوضع أنفسنا مكان القارئ، لمعرفة كيف يمكن له أن يتلقى الخبر وكل هذا ليس بالآمر السهل»، لذا - تضيف- أن مهنة الصحافة بقدر ما هي مهنة جذابة لأنها تجعلنا دائما في قلب الحدث، نتفاعل معه، ونكون على علم دائما بكل ما يحدث من مستجدات، لكنها في المقابل أيضا متعبة ومرهقة، تجعلك محروما من التفاعل الاجتماعي على الصعيد الشخصي. وتؤكّد بوعكاز أنه رغم كل ما تحمله المهنة من متاعب إلا أنها لم أفكر مطلقا في التخلي عنها، لأن كل من يمارسها يشعر بنوع من الألفة، وتعلق «هي تجري في عروقي، ولا يمكنني إلا أن أتفاعل مع كل ما يصلني من أخبار وأحداث، خاصة في الوقت الحالي، حيث أصبح مع التطور التكنولوجي من السهل الوصول إلى المعلومة ولعل هذا ما زاد في إصراري على التمسك بها». لا تعتقد دليلة بوعكاز أن مهنة الصحافة تناسب الرجال أكثر من النساء، وترى أن المرأة وانطلاقا من تجربتها في المهنة أكثر تحملا وتملك قابلية للتطوع لأداء العمل أكثر من الرجال، وتضيف الإعلامية «اليوم مستعدة لتأجيل كل أشغالها حتى وإن كانت متزوجة من أجل أن تكون في قلب الحدث»، مشيرة إلى أنها كامرأة واجهتها عدة صعوبات مع العائلة لأن أي أب لا يقبل مطلقا لابنته أن تدخل إلى المنزل منتصف الليل، بالنظر إلى العقلية الجزائرية والعرف الاجتماعي، غير أن تمسكها بالمهنة جعلها تحل كل مشاكلها وتتدرج في المهنة شيئا فشيئا. لم تندم محدثتنا مطلقا على اختيار الإعلام كمهنة، وتعترف «لكنني لا أخفي ندمي لأني لم أعط حياتي الشخصية حقها، اليوم أبلغ من العمر 58 سنة، وعلى أبواب التقاعد، ولم أتمكن من تأسيس أسرة، غير أن ما أنا متيقنة منه أنّني سأظل دائما وفية لكل الأحداث والأخبار». ❊ رشيدة بلال حياة بن بتقة صحفية ب«صوت الأحرار»:لم ترهقني متاعب المهنة بقدر ما أتعبني تقهقر الإعلام انطلاقتها كانت من أسبوعية «الشروق العربي» التي فتحت لها باب العمل الصحفي مباشرة بعد تخرجها سنة 1993، حيث أتيحت لها فرصة اكتشاف خبايا الميدان، وكيفية استخدام «التوابل» -إن صح التعبير- في الكتابة الصحفية. ومع بداية عام 1995، اضطرتها الظروف الأمنية التي مرت بها بلادنا إلى الهجرة نحو تونس، حيث أتيحت لها فرصة العمل كمراسلة صحفية معتمدة لأكثر من سنتين.. الإعلامية التي نتحدث عنها في هذا المقام هي حياة بن بتقة من جريدة «صوت الأحرار». تقول حياة «أنا من الذين يؤمنون بأن مهنة الصحافة هي مهنة الإنسانية دائما، فالإنسان إذا استيقظ صباحا ولم يجد الإنسان بداخله، فليعلم أن لا معنى لحياته بعد اليوم. والحقيقة أنني أمارس هذه المهنة بمتعة كبيرة منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه الميدان، انطلاقا من مقولة أرسطو «الاستمتاع بالعمل يضفي عليه المثالية»، لهذا فمتاعب المهنة بالنسبة لي جزء من المهنة ولا تزعجني هذه المتاعب بقدر ما يزعجني تدهور وضع القطاع، مؤكدة ضرورة الاعتراف بوجود انحرافات خطيرة في هذه المهنة، وغياب الاحترافية والمهنية، فالمهنة بحاجة إلى عملية تطهير واسعة من الدخلاء الذين حوّلوا الإعلام إلى مهنة من لا مهنة له. واقع المهنة في الجزائر اليوم صعب من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، هذا ما يجعل -حسب حياة- نسبة الرضا الوظيفي عند الصحفيين وبشكل أكبر في العناوين الخاصة متدنيا. وأمام هذا الواقع تصعب الممارسة الإعلامية الجادة والاهتمام بانشغالات المواطن والارتقاء بأداء المهنة، لمواكبة تحولات المجتمع. مشيرة إلى وجود وسائل إعلام تتغذى اليوم من شبكات التواصل الاجتماعي، ولا تخرج عن نطاق أحاديث المقاهي والإشاعات، وهذا الواقع كرّس الرداءة وجعل المهنة تختزل في القص واللصق، زيادة على نقص المهنية وتراجع مستوى الأداء، أصبح الصحفي الحلقة الأضعف في مجاله الحيوي، بسبب نقص التكوين وهجرانه الميدان بتفضيله الاجترار. وحول المتاعب التي واجهتها كإعلامية، تقول «الواقع الحالي للمهنة وتدهور وضعها بالنسبة لي، من أكثر المصاعب التي تعيقني وتعكر صفو حياتي المهنية، ولم يسبق لي أن عانيت من متاعب المهنة طيلة مشواري المهني، حتى خلال العشرية السوداء، مثلما أعانيه اليوم. كل هذا ولا أزال صامدة ولم أفكر يوما في التخلي عنها، وإن كنت لم أفعل خلال فترة العشرية السوداء وهاجس الخوف من الاغتيال يلاحقني، فإنني بدون شك لن أتركها مهما حاصرتني الظروف». مشيرة إلى أن المهنة تليق بمن يحبها، رجلا كان أو امرأة، فقط عليه أن يرتدي «ثوب الإنسانية» ويخرج للميدان والناس ويمارسها عن حب وقناعة. تعترف اليوم الإعلامية حياة أن ما قدمته المهنة لها أكبر بكثير من أن يقاس بالمادة، علمتني تقول «معنى الإنسانية في أجمل صورها واحترام النفس قبل احترام الآخرين، والالتزام المعنوي بالوظيفة وتقديس المهنة، جعلتني أكثر وعيا واطلاعا بخبايا المجتمع الجزائري من خلال طبيعة الروبورتاجات والتحقيقات الميدانية الكثيرة التي أنجزتها، وطبعا أكثر حبا للوطن». ❊.رشيدة بلال صورية بورويلة (جريدة الخبر): رغم متاعبها خلقت لأكون صحفية تقول الإعلامية صورية بورويلة من جريدة «الخبر» ونحن نحي اليوم الوطني للصحافة، أنّ الحديث عن متاعب المهنة بالنسبة للصحفي تتعدّد، غير أنّها تصبّ عموما في طبيعة المهنة في حد ذاتها، انطلاقا من السعي للحصول على المعلومة وما يصاحبها من صعوبة في التمكّن من حيازة المصادر المستهدفة، ناهيك عن المشاكل التي قد تحول دون ذلك، وهذا حسب طبيعة الموضوع المتناول طبعا، كل ذلك يجعل منها مهنة محاطة بمتاعب عدة يواجهها الإعلامي رجلا كان أو امرأة لا فرق. الصمود في مهنة اتّفق على تسميتها ب «مهنة المتاعب» ينطلق من مدى حب الصحفي لعمله، وسعيه لممارسته بكلّ إخلاص، تقول السيدة بورويلة، وتردف «صمودي في ممارسة عملي الصحفي كان من عشقي لطبيعة المواضيع التي تطرقت لها خلال مساري المهني، وغالبيتها ذات طبيعة اجتماعية، مثل ملف الطفولة المسعفة وما ينجر من مخلفات تلحق بهذه الشريحة، رغم براءتها من كل ما يلتصق بها اجتماعيا، ناهيك عن سعيي للخوض في أمور لطالما كانت من الطابوهات، رغم نخرها لجسم المجتمع الجزائري، مثل زنا المحارم والتعدي على الأصول وسوء معاملتهم واختطاف الأطفال..كلها أمور لطالما استهواني الخوض فيها وذاك سر صمودي، ناهيك عن الخوض منذ سنوات في عالم الصحة ومختلف الأمراض التي تعصف بصحة الجزائريين من مختلف الشرائح العمرية، والذي قادني الى التخصص فيها، مشيرة إلى أنّ كلّ هذا جعلها لا تفكّر يوما في تغيير مهنتها لأنني متيقنة تماما بأنّها خلقت لتكون صحفية، وهي المهنة التي مكّنتها من تحقيق ذاتها والتواصل مع الآخر، خاصة بعض الشرائح الهشة من المجتمع. وحول متاعب المهنة بالنسبة لها كامرأة تقول أنها تحصرها في مجملها ببعض الممارسات التي نتعرض لها يوميا كصحفيين ولا فرق بين الرجال والنساء وتقول «لا يمكن أن نقول أنها مهنة تحوي متاعب تمس الرجل أكثر من المرأة أو العكس، لأنّ هذا راجع إلى مدى حب الصحفي أو الصحفية لمهنته، فمتى كان هذا التعلق وحب المهنة موجودا، يبطل معه أي اعتبار لجنس الصحفي». ❊رشيدة بلال نجية خثير (إعلامية بالتلفزيون الجزائري): عشق المهنة أنسانا متاعبها من بين الوجوه الإعلامية التي اختارت «المساء» الحديث معها عن متاعب المهنة؛ نجية خثير التي شرفت الجزائر مؤخرا بحصولها على جائزة أفضل إعلامية عن القضايا الاجتماعية، وتقول في بداية حديثها بأن ولوجها عالم الصحافة كان في أول الأمر، كمقدمة برامج سنة 1998 بالتلفزيون الجزائري، بدءا بمباشر برنامج «صباح الخير» على مدار 10 سنوات، بالموازاة مع برامج أخرى فنية وثقافية، وصولا إلى برنامج «للعائلة» الاجتماعي الذي تقدمه حاليا عبر شاشة التلفزيون. وتجيب محدّثتنا عن مهنة المتاعب بالقول «الصحافة هي مهنة المتاعب، لكن من يعشقها يرى في هذه المتاعب لذة، حتى وإن كان فيه صعوبات من مسؤولية المباشر والخوف منه، إلى مواجهة الجمهور والتعامل مع المواضيع الحساسة، مشيرة إلى أنّها لم تواجه مواقف صعبة، غير البدايات الأولى لها في التلفزيون، حيث تحملت مسؤولية التقديم المباشر مبكرا، وكل عمرها المهني المقدر ب19 سنة موزع بين التقديم والعمل الميداني والتنقل من بلاطو لآخر من دون توقّف. وبقدر ما تحمله المهنة من متاعب ومشاق، فإنها تقدم لنا من جهة أخرى الكثير، فمثلا إلى جانب النجومية، فقد تعلم خثير منها أصول الاحترافية والتعامل مع الآخر ونقل الانشغالات بموضوعية، والأهم حب الناس لما تقدمه، مع أن أصعب ما في هذه المهنة، إما أن يحبك المتلقي أو يرفضك. لم تواجه نجية خثير أي نوع من الرفض لمهنتها من العائلة، وتقول «أنحدر من أسرة سبق لأفرادها العمل في الميدان وهي شقيقتي الإعلامية حورية خثير، ولعل هذا ما جعلني أكثر صمودا وتحملا، واليوم أحاول دائما تتبع خطواتها الناجحة»، مشيرة إلى أن التخلي عن المهنة التي تعشقها أمر مستحيل، وتعلق «الآن أنا في مرحلة رد الجميل للمدرسة الأم، وهو التلفزيون الجزائري، بالعمل والعمل والاحترافية وتقديم إعلام يليق بمستوى المشاهد الكريم. ❊رشيدة بلال حدة حزام مديرة يومية «الفجر» ل«المساء»: على المرأة تحمّل مسؤولية اختياراتها المهنية أكدت السيدة حدة حزام، مديرة يومية «الفجر»، أنها لا تفرق أبدا بين الرجل والمرأة في العمل، وكل من يقوم بذلك يحاول التمييز بين الجنسين، مشيرة في حديثها ل«المساء»، إلى أن المرأة حين تقرر العمل في مجال معين لابد أن تتحمل مسؤولية قرارها، ولا يجب أن تشعر من حولها بأنها ضعيفة، ولابد من أن يتم التعامل معها بشكل خاص. أضافت السيدة حزام قائلة «أعتقد أن المرأة تواجه نفس الصعوبات التي يواجهها الرجل في نفس المنصب، وهذا أمر واقعي ولن يكون عكس ذلك، لأن تحرر المرأة وقبولها أن تكون في نفس مستوى الرجل يضعها كذلك أمام واقع حتمي، وهو تقبل كل تلك الصعوبات التي يعيشها الرجل..»، مشيرة إلى أن تولي إدارة الجريدة وضعها أمام نفس الضغوطات التي يعانيها زملاؤها من باقي الجرائد، مثل مشاكل التوزيع، الإشهار والطباعة وكذا الوصول إلى المعلومة وغيرها، لتعيش يوميا ضغوطات نفسية، ليس لها الحق في الانتفاضة فقط لأنها امرأة، وإنما لابد من التعامل معها ومحاولة إيجاد حلول للخروج منها. قالت مديرة «الفجر» بأن كثيرا ما يرد في أذهان بعض العاملين في الإعلام والكثيرين ممن هم خارجه، أسئلة تتعلق بوضع المرأة الإعلامية الجزائرية والعربية عامة، وماهية العقبات والصعوبات التي تواجهها، كلها تساؤلات كانت مواضيع نقاش خلال أيام دراسية وندوات جاءت إثر الطفرة التي شهدها الإعلام مع تحرير الفضاءات الإعلامية بأنواعها، فضلا على كل المواضيع التي أثيرت والمتعلقة بقضايا المرأة على العموم، والمرأة الصحفية على وجه الخصوص، وهو ما يجعل الربط بين الموضوعين جد مهم، على أن يتم ذلك بمنطق سليم. وبعد 32 سنة في مجال الإعلام، لا زالت السيدة حزام تدافع عن مبادئ خاصة متعلقة بعملها الميداني قائلة «إن بلوغ المناصب يتم بالعمل والمثابرة، وإذا بلغت المرأة ذلك الأمر، فإنه يكون أيضا بفضل عملها واجتهادها الذي لا يقل أهمية عند الرجل، مما يجعل المرأة تتحمل نفس المسؤولية التي يتحملها الرجل». لهذا تضيف المتحدثة «دائما ما أتعامل بصرامة مع الموظفين، ولا أميز بين أحد أبدا إلا بالعمل، فلا فرق بين الرجل والمرأة». مشددة أنها على استعداد تام لطرد أية صحفية رفضت العمل الميداني داخل الوطن أو خارجه بحجة أن زوجها أو غير ذلك لا يحبذ الفكرة، لأن ذلك يعيق سيرورة العمل. وقالت «بالنسبة لي كل من يجتاز باب الجريدة لابد أن يكون متحررا في شخصيته حتى يستطيع أن يتحرر قلمه، وهذا منطق وقناعة..». أشارت مديرة الجريدة إلى أن كل التفكير الذي تتميز به المرأة العاملة ما هي إلا قيود وضعتها لنفسها بنفسها، واصفة ذلك بالسقف الزجاجي، الذي فرضته على حياتها بحجة أن الزوج أو الأب أو الأخ لا يقبل جانبا من عملها، وهنا ما عليها إلا الاختيار بين الحياة الشخصية والحياة المهنية، وليس التضحية باثنتيهما حتى لا تبلغ ولا واحدة فيهما. ولم تنكر المتحدثة أبدا الصعوبات التي تواجهها المرأة العاملة، لاسيما الإعلامية التي قد لا تجد أبدا الوقت لنفسها، مرجعة سبب صعوبة التوفيق بين كفين إلى نقص بعض البنيات التحتية المهمة في مرافقة المرأة العاملة التي تسمح لها بالعمل دون التفكير في أولادها أو بيتها أو غير ذلك. وأكدت حزام أن مسيرة 32 سنة في الإعلام لم تكن سهلة، وإنما تخللها الكثير من التضحيات، منها الشخصية وأخرى عائلية، وعلى أصعدة أخرى، فاختيار الإعلام يعدّ مسؤولية، وتحرير القلم يبدأ بتحرير الشخصية، والانتفاضة على المساواة بين الرجل والمرأة يبدأ بالإيمان بالمبدأ وليس اختيار جزء منه والتخلي عن الباقي، وقالت لقد تفوقت الكثيرات في تحقيق التوازن في الحياة، والعزم والإرادة ما هما إلا محفزين لذلك.. وعن رفض بعض الرجال أن تكون زوجاتهم المستقبلية من الحقل الإعلامي، تقول حزام «أعتبر ذلك تفكيرا ساذجا ولا أساس له من المنطق، فالصحافة مهنة شريفة ومحترمة، فليس هناك أي عمل سهل، وإن كان كذلك، فلا يعتبر مهنة حقيقية، وكل المهن شريفة، وما يجعل الأمر كذلك أو غير ذلك، هو تصرف الشخص نفسه وسط ذلك المحيط لا غير». ❊نور الهدى بوطيبة سهيلة حرايرية صحفية بالتلفزيون الجزائري:مسؤولياتي الأسرية لم تثنني أبدا عن مهامي تشغل سهيلة حرايرية منصب كبيرة المحققين بالتلفزيون الجزائري، هي خريجة معهد علوم الاتصال بعنابة بتفوق (دفعة) 1998، حاصلة على ماستر في إدارة الاتصال وماجستير في علم اجتماع التغيّر الاجتماعي، وحاليا هي باحثة دكتوراه في التغير الاجتماعي، ومدربة في التنمية البشرية وأمينة عامة لجمعية صحفيّي الجزائر العاصمة. بدأت ممارسة الصحافة قبل 21 عاما إذ كانت طالبة في السنة ثانية علوم اتصال بجامعة عنابة، حيث كانت على عجالة لتحقيق حلم الطفولة. تقول الإعلامية سهيلة في دردشتها مع «المساء» ردا على سؤال حول ما واجهته كامرأة في عالم الإعلام من متاعب، إنّ أغلب سنوات عملها قضتها بالتلفزيون، لكنها كانت خاضت تجارب مع الإذاعة الوطنية في بداياتها ومع الصحافة المكتوبة، وتجدّدت تجربتها مؤخرا في الصحافة الإلكترونية وصحافة الهاتف الجوال. وتضيف: «في الحقيقة أنا لا أحب تسميتها أو وصمها بمهنة المتاعب لأني أستمتع جدا بممارستها، ورغم مرور كلّ هذه السنوات لازال عشقي وشغفي بها على حاله، لأنّها مهنة متجدّدة قد نتعب جسديا وقد نواجه عراقيل وصعوبات شتى، لكن الذي يؤمن بها وبرسالتها يمكنه تجاوز كل ذلك». وتعلّق بأنّ هذه المهنة «تعلّمنا كل يوم شيئا جديدا، وتقدّم لنا دائما إضافة على الصعيدين المهني أو الشخصي». الضغط والقلق الناجم عن العمل بسبب البحث دوما عن الخبر، تواجهه سهيلة حرايرية دوما بالبشاشة وخلق جو المرح أثناء العمل مهما كان الوضع. وتحاول دائما التغلب على الصعوبات، ومع الخبرة وبحكم دراستها إدارة الاتصال، تعتمد دائما خططا بديلة، ومع تعدد التجارب تعلمت الصبر وحتى المواجهة؛ لأن الشخصية تُصقل بمرور الزمن وتعدد المواقف والتجارب، مشيرة إلى أن أهم تحدٍّ واجهته كان حادث عمل تسبب لها في أضرار صحية كبيرة، إذ كادت تفقد حياتها؛ مما تسبب لها في عجز، فخاضت رحلة علاج طويلة ومعقدة وعددا كبيرا من العمليات الجراحية، أجبرها على التوقف عن العمل مدة ثلاث سنوات، لكنها واجهت كل ذلك بصبر، وعادت من جديد تقول محدثتنا: «لم تَرد أبدا في ذهني فكرة التخلي عن العمل الصحفي لأيّ سبب كان، قُدّمت لي عروض وظائف أخرى مثل مكلف بالإعلام في وزارات أو التدريس في الجامعة، لكني لا أتصور نفسي خارج هذا المسار.. حتى مسؤولياتي الأسرية لم تثنني أبدا عن ممارسة الصحافة، فلديّ أربعة أبناء، وحاولت قدر الإمكان استغلال المرونة في الوقت التي يوفرها العمل الصحفي، وخصوصية العمل بالتلفزيون الجزائري من خلال العمل بنظام المناوبة، للتوفيق بين العمل والأسرة. كما لا أنكر فضل زوجي في دعمي ومساندتي وتفهّمه طبيعة عملي، واستطعت أن أكمل دراساتي العليا ما بعد التدرج في نفس الوقت، وأحضّر حاليا لمناقشة رسالة الدكتوراه». وحول ما قدمته الصحافة لسهيلة كإعلامية تقول: «قدمت لي الصحافة الكثير، أولها احترام الناس لأني احترمت أخلاقياتها، ونقلت الخبر دوما بكل أمانة. تعلمت من تجارب الآخرين، علّمتني القوة لتجاوز الصعاب، حيث استخلصت الكثير من العبر من العشرية السوداء التي عايشت جزءا منها كصحفية تخطو خطواتها الأولى، وعايشت الرعب الذي خبره صحفيو التلفزيون وهم يتوقعون استهدافهم والحزن على فقد زملائهم، إضافة إلى العديد من الأحداث التي شكّلت فارقا على الصعيد الشخصي؛ كزلزال بومرداس وفيضانات باب الوادي». وأضافت أن الصحافة مكّنتها من تحقيق شغفها وحبها للمغامرة وبالجرأة للعمل في مناطق النزاع، مثل العراق وجنوب السودان والقرن الإفريقي. وتردف: «طموحي العمل بالأساس على مواكبة التطورات المتسارعة في الصحافة، خاصة النيوميديا والإعلام متعدد الوسائط. وأخطّط ربما على المدى المتوسط للتحرر من قيود الوظيفة والعمل كصحفية مستقلة في مشروعي الخاص وفي إنتاج أعمال وثائقية، لذا أهتم حاليا بتطوير الذات من خلال دورات تدريبية بالخارج وبتمويل شخصي». ❊رشيدة بلال بريزة برزاق (إعلامية بالقناة الأولى الإذاعية):كفاءتي وتفانيَّ في العمل سرّ صمودي علّقت الصحفية بالقناة الأولى الإذاعية السيدة بريزة برزاق، ردا على سؤالنا حول «معنى مهنة المتاعب بالنسبة لها كامرأة» وهي التي أمضت فيها ما يزيد عن 29 سنة، بالقول: «متاعب المهنة معروفة عالميا ترهق حقيقة، لكنّها في بلادنا أكثر بكثير، حيث تبدأ من صعوبة الوصول إلى المعلومة وغياب أخلاقيات العمل الصحفي، وصولا إلى الاستخفاف بالإعلامي؛ وكأنه عدو للسلطة، مرورا بالمواطن الذي هو الآخر يصفنا اليوم بالشيّاتين والعملاء»، مشيرة إلى أن كل هذا لم يثنها عن أداء دورها، تقول: «كفاءتي وتفانيّ في العمل مكّناني من الصمود لتحقيق السبق أو التعاطي المحترف مع أخبار وتوترات المهنة، وبقدر ما أرهقتني الدسائس والجحود وعدم تقدير الجهود حق قدرها، لاأزال أكافح وأناضل لأعطي دائما الأفضل وأكون دائما في الطليعة». وعما قدمته لها المهنة كشفت تقول: «قدمت لي المهنة أوّلا احترامي لنفسي وحب المستمعين من شرائح مختلفة.. تقدير من أتعامل معهم في أداء مهمتي، فأنا أسعد بتقدير الأقلام الشابة، خاصة عندما أُنعت بالقامة الإعلامية وسط الدخلاء وجحود المسؤولين». وتضيف: «يعتقد البعض أنّ هذه المهنة تناسب الرجال أكثر من النساء لأنّها مرتبطة بالميدان، غير أني في الموضوع أملك رأيا آخر، وأعتقد أنّ المشكل ليس في جنس الصحفي؛ فنحن رجال الإعلام أيضا وإن كنت بحكم تجربتي الشخصية، أؤكد اليوم أن الصحفية أكثر صبرا وتحمّلا للمتاعب». تطمح الإعلامية برزاق التي تدرجت على كلّ الأقسام وتقلّدت المسؤوليات إلى غاية رئاسة التحرير منذ تسع سنوات، لأن يأتي يوم تقدَّر فيه جهود المحترفات بالفعل لا بالثناء. وتعلق: «أذكر أنّ وزيرا قال لي يوما: لماذا أنت منسية؟ ثم استطرد مجيبا على سؤاله: «المشكلة في من يحمل متاعب مهنة المتاعب، ستظلين الجندي الخفي، والحمد لله. لنا رب يرعانا.. أخشى يوما أن تضيق بي الضغوط وأرمي المنشفة». ❊ رشيدة بلال الصحفية سليمة تلمساني ل «المساء»:صمودي كلّفني التخلي عن اسمي أعربت الصحفية سليمة تلمساني من جريدة «الوطن» خلال لقائها ب «المساء»، عن كل ما عانته خلال مسيرتها المهنية كعاملة في واحد من أكثر القطاعات صعوبة، مشيرة إلى أنّ شغفها وحبها الكبيرين بالمهنة، هو الأمر الوحيد الذي ساعدها كامرأة، على الصمود أمام كل العوائق التي شكلت لها في مرحلة من مراحل حياتها المهنية، نقطة تحوّل لم تدفعها إلى الفشل، بل زادتها قوة وعزما على تحرير قلمها لتصبح من أكثر الصحفيين شهرة في الجزائر. الملقبة ب «الجندية» خلال العشرية السوداء لم تبدأ العمل في 1991 حين لم يكن سنها يتعدى 26 سنة إلاّ بأسلوب «زهرة السلام»، فلم تكن خريجة كلية الصحافة، وإنما درست تخصص «البيولوجيا والبيئة»، ولشغفها الكبير بهما حاولت الحفاظ على رابط يجمعهما؛ من خلال الكتابة عن البيئة وكل ما يتعلّق بها، إلاّ أن الظروف فرضت عليها غير ذلك، حيث تشير تلمساني إلى أن الكتابة عن البيئة في خضم الأوضاع التي كانت تعيشها الجزائر آنذاك، كانت بمثابة «الشيء السخيف»، وقد يصفه القارئ بحمل زهرة لمواجهة السلاح؛ تقول: «هذا ما دفعني رغما عني إلى تسييس مقالاتي، والحديث عن أكثر المآسي التي عاشها الشعب الجزائري»، وهذا ما جعلها شاهدة على أخطر وأعنف مرحلة في تاريخ الوطن منذ استقلاله.. وكان على سليمة تلمساني أن تصمد خلال تلك الفترة الهشة من حياتها أمام كل الإشاعات التي كانت تنسَج من حولها. أوضح تلمساني أنها عانت الكثير بصفتها امرأة وصحفية في نفس الوقت، لما كان القطاع بأكمله تحت تهديد العمل الإرهابي، وهي حقيقة وضعتها أمام خيارين لا ثالث لهما، سواء الصمود وعيش اليوم؛ كأنه آخر يوم ومتابعة المسيرة المهنية، أو وقف العمل وانتظار المصير الذي لم يكن سيختلف كثيرا عن بقائها في الميدان، هذه كانت قناعة تلمساني التي قالت: «حبي الكبير للعمل الصحفي كان أقوى من خوفي من الموت، وذلك جعلني أختار البقاء في المجال، لأنني كنت أفكر بمنطق أني حتى لو توقفت عن العمل سوف أبقى تحت أعين المراقبة، لاسيما بعد اختياري لأصعب وأعقد ملف، وهو ملف الإرهاب والجماعات الإسلامية المسلحة... فقد كنت شاهدة على الاغتيالات والمجازر وكل لحظات الرعب والفزع والحروب النفسية». لم تكتف المعاناة التي واجهتها كامرأة لاسيما عندما لم تكن كلّ الظروف في صالحها إلى درجة ضغط عليها أهلها لتغيير اسمها الحقيقي واختيار آخر مستعار لعدم تعريض أفراد عائلتها للخطر، ولم يكن ذلك سهلا بالنسبة لها، حيث أعربت بكل تأسف عن معاناته الكبيرة خلال تلك المرحلة، عندما قرّرت اختيار اسم آخر لتوقيع مقالاتها، موضحة أن ذلك جعلها تشعر بفقدان الانتماء من جهة، وفقدان «اسم الصحفي» من جهة أخرى، لاسيما أن ذلك هو حلم كل محرر وصحفي في كتابة اسمه بحروف من ذهب حتى تبقى خالد يتذكرها التاريخ. ورغم كل ذلك، تضيف تلمساني باعتبار أنها دائما ترى الأشياء المشرقة في مختلف الصعوبات، اختارت اسما منحها الحماية لها ولعائلتها، وجعلها تدور حول العالم بدون أن يعرف أحد من هي حقيقة؛ مما جعلها تشعر بالراحة في تنقلاتها ولم تكن تحت أعين أي رقابة. امرأة نضج عملها الميداني ووعيها المهني والأخلاقي في أصعب مراحل حياتها، لم تنفكّ عن الخروج من أزمة دموية إلى أزمة من نوع آخر خلال أزمة «البحبوحة المالية» كما وصفتها خلال سنة 2000، حيث دخلت حينها في دوامة أخرى، وهي دوامة «مكافحة الفساد» عن طريق التحقيقات؛ ما جعل عائلتها من قريب وبعيد يضغطون عليها للابتعاد عن ذلك بعدما كانت تأتيهم تهديدات من نوع آخر، إلاّ أنّها صمدت رغم كلّ ذلك، وها هي تخرج مرة أخرى سالمة من مأزق آخر لا يقل خطرا عن سابقه. حكايات.. حوادث.. ومواقف جعلت من سليمة تلمساني تثبت للعالم أنها قادرة على القيام بمهام الرجل في نفس الميدان وربما أكثر من ذلك، أثبتت أنه رغم صعوبة العمل الذي يُعرف ب «مهنة المتاعب» لكنها كامرأة، تحدّت كل ذلك تدريجيا، ونجحت في الخروج من أصعب المواقف، وتحريرها بقلمها عوّض الانهيار والمشقات النفسية بفرحة الإنجازات، ونالت بعدها احترام عائلتها ومحيطها.. ❊نور الهدى بوطيبة