كان معتقل برج نام بالذرعان (موندوفي) بولاية الطارف، عبارة عن فيلا لمعمر فرنسي يدعى «بارطانيا»، شُيّدت سنة 1887، حوّلتها قوات الاحتلال الفرنسي إلى مركز للتعذيب سنة 1957، وأصبح يطلَق عليها مركز التعذيب «برج نام»، وهو في شكله جزء من المنظر الجميل الذي توجد به هذه الفيلا؛ حيث المكان المرتفع تتوسّطه بساتين البرتقال والأشجار المثمرة كالخروب. وتتكون البناية العتيقة من طابق أرضي يحوي زنزانات تمارَس فيها كل أنواع التعذيب ضد الجزائريين. وهناك طابق ثان تستعمله قوات الاحتلال للاستنطاق. أما الطابق الثالث فهو عبارة عن مقهى ومكان للنوم والراحة للجنود الفرنسيين. بقي مركز التعذيب شاهدا من شواهد التعذيب الوحشي الذي مارسته فرنسا ضد سكان المنطقة والمناطق المجاورة، منها عنابة وقالمة وسوق أهراس. وبقي مركز التعذيب برج نام في ذاكرة كل سكان الذرعان الذين عايشوا الفترة الاستعمارية، صورة سوداء لاتزال تسبب الألم؛ إذ لم يسلم أحد من حينها من الاستنطاق والتعذيب في زنزانات هذا المركز اللعين، وهكذا بقيت جدرانه شاهدة على بشاعة ما جرى ضد المدنيين العزّل. بعد الاستقلال أصبح مركز التعذيب برج نام «محتلا» من طرف مجموعة من العائلات التي اتخذته كمساكن لها لفترة من الزمن، إلى أن خصصت وزارة المجاهدين مشروعا قطاعيا لترميم البناية التي تعرضت للتخريب، وبالتالي إرجاعها إلى حالتها الأصلية ضمن البرنامج الخماسي 2010 2014، ومن ثم استعادت البناية عافيتها. وتم التدشين من طرف وزير المجاهدين الطيب زيتوني سنة 2017، وتسلمته مديرية المجاهدين لولاية الطارف، على أن يُستغل كمتحف بلدي، يعرّف بتاريخ المنطقة، وببشاعة الاستعمار الفرنسي، لكن المركز بقي مغلق الأبواب لا يدخله تلاميذ المدارس ولا سكان الذرعان؛ فهل ستجد مديرية المجاهدين لولاية الطارف وبلدية الذرعان، صيغة لفتح هذا المعلم التاريخي، أم أنه سيبقى مجرد بناية تم ترميمها وكفى؟ ❊محمد صدوقي