استعرضت وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط أمس، بلندن، المقاربة التي انتهجتها وزارتها لتحسين نوعية التعليم المتاح للتلاميذ وإعداد المدرسة الجزائرية لمواجهة التحديات التي فرضها القرن الحادي والعشرون. وقالت السيدة بن غبريط في خطاب ألقته خلال المنتدى العالمي للتربية الذي جمع وزراء وخبراء بالعاصمة البريطانية، أن تحسين نوعية التعليم المتاح للتلاميذ بالنسبة للجزائر "أولوية وطنية تتحقق أساسا من خلال تحسين الأداء البيداغوجي للقسم، وهو مرهون بتكوين الأستاذ وبجوانب لها صلة بالأخلاقيات المهنية". وتطرقت الوزيرة إلى ما أسمته "المقاربة الفريدة" التي انتهجتها وزارتها ل«تحقيق التكوين الوجيه للمعلمين لإعدادهم للاضطلاع بشكل أفضل بمهمتهم في تحديد وتطوير قدرات التلاميذ في بناء مستقبل مستدام باعتبارهم مواطني الغد، قادرين على المساهمة في التحديات العالمية". وأوضحت أن مقاربة الجزائر "قائمة على ديناميكية توافقية شملت الشركاء النقابيين وجمعيات أولياء التلاميذ الذين تم التوقيع معهم على ميثاق أخلاقيات قطاع التربية الوطنية في 2015 بهدف تطوير مدرسة الجودة، بل الامتياز باعتباره مطلبا مشروعا لمجتمعنا". وأشارت في هذا السياق إلى أن الوزارة اتخذت "جملة من التدابير لتحقيق النقلة النوعية المنتظرة منها الاستراتيجية الوطنية للمعالجة البيداغوجية للتكفل بشكل أفضل بالصعوبات التي يواجهها المعلم". كما تولى القطاع مسؤولية تكوين المعلمين الذي يعتبره "تحديا كبيرا"، على حد تعبير السيدة بن غبريط. وبالإضافة إلى ذلك، أجرت الوزارة عمليات تقييم على المستوى الداخلي والخارجي وتقييمات للخبراء، حددت النقائص في الكفاءات التي يعاني منها التلميذ الجزائري، أهمها تتعلق بالرياضيات والثقافة التعليمية وفهم المكتوب. وأكدت مسؤولة قطاع التربية أن "عدم تحكم التلميذ في كفاءة فهم النص المكتوب قد تكون له آثار خطيرة على مستقبل الأمم، لا سيما في عالم اليوم الذي تسيطر عليه الرقمنة". وشددت على أن "الثورة الرقمية والترابطية تفرض على الأنظمة المدرسية ضرورة تزويد التلاميذ بكفاءات حقيقية تمكنهم من فهم المعنى الخفي للرسائل المكتوبة وتفكيك رموزها والتفطن لما قد تحمله من خطابات تحرض على التطرف ورفض الآخر". ونبهت في هذا الصدد إلى أن التطرف "ساهم في كون حضارات يعود تاريخها إلى آلاف السنين، توجد اليوم على وشك الزوال في وقت قياسي خاصة في العالم العربي". وأكدت في هذا الصدد أن الجزائر "التي دفعت ثمنا باهظا خلال المأساة التي عاشتها في عشرية التسعينيات، تعي جيدا درجة خطورة استغلال أدوات الإعلام والاتصال من أطراف لها نوايا سيئة تسعى لتوظيفها لدفع الشريحة الصغيرة في المجتمعات إلى نشاطات إجرامية"، مضيفة أن الجزائر "تحذر اليوم العالم، خاصة البلدان التي تشهد تنامي التطرف، من خطورة هذا الاستغلال". وقالت في هذا الصدد إن الجزائر "اختارت مواكبة التطورات التكنولوجية والوقاية من استغلالها الخطير عن طريق التربية لجعل المتعلمين مواطنين حذرين، كما تهتم بتكوين المعلمين بالشكل الذي يجعلهم يواكبون التحولات غير المسبوقة التي تشهدها المجتمعات اليوم والتمكن منها". واختتمت السيدة بن غبريط عرضها بالإشارة إلى أن الجزائر تعد اليوم 5ر9 مليون تلميذ يتابعون تعليمهم على مستوى 27.000 مدرسة، يؤطرهم أكثر من 700.000 موظف بيداغوجي وتربوي.