أكد نواب المجلس الشعبي الوطني خلال مناقشتهم لمخطط عمل الحكومة أمس على ضرورة تبني سياسة وطنية تعتمد على القدرات المحلية والتحضير لمرحلة ما بعد البترول من خلال القيام بمشاريع في قطاع الفلاحة وتشجيع الفلاحين على الإنتاج ومسح ديونهم وكذا الاهتمام بقطاعات أخرى منتجة. وأجمع النواب على اختلاف انتماءاتهم السياسية في اليوم الثاني من مناقشة مخطط عمل الحكومة الذي عرض عليهم أول أمس على أهمية اعتماد اقتصاد خارج المحروقات ومبني على القدرات المحلية التي تزخر بها الجزائر على غرار الفلاحة، وهي النقطة التي أكد عليها رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة باعتبار الذهب الأسود مادة زائلة وأسعاره غير مستقرة في السوق العالمية على غرار ما حدث في الأشهر الأخيرة. وقد أثيرت هذه النقطة من قبل عدة نواب منهم نائب التجمع الوطني الديمقراطي بن الحاج جلول عبد الرحمن الذي دعا إلى التحلي بروح المسؤولية وتشجيع الاستثمار في قطاع الفلاحة من أجل بناء اقتصاد خارج المحروقات من خلال القيام بمشاريع في الميدان ودعم الفلاحين وتشجيعهم على الإنتاج ومسح ديونهم. من جهته نبه نائب حزب العمال قرفة سليمان إلى ارتفاع فاتورة استيراد المواد الزراعية في وقت تملك فيه الجزائر إمكانيات هامة في قطاع الفلاحة حيث ثمن في هذا الإطار المجهودات المبذولة وطالب بالتدعيم الفوري للفلاحة خاصة الزراعة وتعويض الفلاحين الذين تكبدوا خسائر طائلة في زراعة الزيتون وزراعات أخرى كما دعا إلى تدعيم منتجي مادة الحليب لتخفيض فاتورة الإستيراد وتوفير جميع الإمكانيات خاصة مسح ديون الفلاحين الصغار وهو المطلب الذي اشترك فيه أيضا نواب آخرون وأكدوا على إعطاء أولوية لقطاع الفلاحة ومنهم نائب الأفلان نور الدين قباني الذي أشار إلى عقود النجاعة التي سيتم إمضاءها ولأول مرة في جانفي القادم والتي ستدفع حسبه بالتنمية وتطوير الإنتاج الفلاحي خاصة إذا قدمت ضمانات للفلاحين من أجل تسويق وبيع منتجاتهم. على صعيد آخر تقاطعت تدخلات النواب أيضا عند تثمين الإنجازات التي تحققت خلال العشرية الأخيرة في جميع الميادين مسجلين وجود نقائص في الميدان بسبب سوء التسيير على المستوى المحلي، حيث أثيرت هذه المسألة من طرف نائب حزب جبهة التحرير الوطني نور الدين قباني الذي قال أن الإنجازات التي تحققت لا ينكرها إلا جاحد بفعل القرارات الصارمة لرئيس الجمهورية منها الدفع المسبق للمديونية وإنشاء صندوق ضبط الموارد مؤكدا في السياق أن الوقت قد حان للارتقاء بمستوى التسيير ومراجعة القانون العضوي لقانون المالية وإدخال آليات لترشيد استعمال المال العام، واقترح في هذا الصدد استعمال المحاسبة التحليلية من أجل المراقبة الدقيقة للنفقات العمومية كما أكد على ضرورة تحويل البنوك إلى بنوك تجارية وإدخالها سوق المال والأعمال بالخارج. ولم يقتصر تثمين المنجزات من قبل النواب المنتمين إلى أحزاب التحالف الرئاسي حيث أشاد نواب من حزب العمال بالقرارات التي اتخذت في العديد من المجالات منها قرار منع استيراد الأدوية المنتجة محليا الذي اتخذته الحكومة مؤخرا بالإضافة إلى مجهودات في قطاع الصحة مثلما أشارت إلى ذلك نائب حزب العمال نادية شويتم التي ذكرت أيضا بالإحتجاج الذي يعرفه هذا القطاع وضرورة معالجة المشاكل الإستعجالية المطروحة خلال الأربعة أشهر التي سينفذ فيها مخطط عمل الحكومة. وقد استشهد المتدخلون على الإنجازات التي تحققت بتحسن الوضع الأمني بفضل المصالحة الوطنية التي اعتبرها أحد نواب جبهة التحرير الوطني سابقة قانونية يضرب بها المثل في إعادة السلم من حيث تمكنها من تضييق الخناق على الجماعات الإرهابية كما نوه نائب حركة مجتمع السلم مصطفى بوصبيع بتحسن الوضع الأمني وتدعيم التواجد الهيكلي للمؤسسات الأمنية. من جهتها أخذت الانتخابات الرئاسية نصيبها من تدخلات النواب كون مخطط العمل تزامن مع التحضير لها حيث طالب نائب حزب العمال محمد توهامي بإصدار قانون أساسي للمنتخب المحلي وضرورة حماية هذه الفئة، بينما أكد نائب حمس محمد السعيد بوبكر على ضرورة توفير المصداقية التامة للرئاسيات المقبلة مشيرا إلى أن طريقة إدارة العملية الإنتخابية من شأنها تعزيز هذه الثقة أو تنسفها. ولم تخل تدخلات النواب من الجانب الاجتماعي حيث دعا غالبية المتدخلين إلى ضرورة تحسين القدرة الشرائية للمواطنين والتكفل بانشغالاتهم وشددوا على ضرورة دفع حركة التنمية من خلال الاستغلال العقلاني للثروات وكذا ضبط السوق المحلي خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد المستوردة الذي أثر حسبهم على القدرة الشرائية للمواطنين وحتى الذين استفادوا من زيادة في الأجور مؤخرا. كما نوه النواب بالمشاريع السكنية التي تحققت بفضل الجهود المبذولة ودعوا إلى تكثيف السكن الاجتماعي بالبلديات الفقيرة مشيرين إلى أن المجهودات المبذولة منذ 1999 سمحت بعودة الأمل وحولت البلاد إلى ورشة من المشاريع في كل القطاعات.يذكر أن المناقشة ستتواصل اليوم وغدا الأربعاء حيث ستختتم بتدخل رؤساء الكتل البرلمانية على أن يرد الوزير الأول السيد أحمد أويحيى بعد غد الخميس.*