بات جليا أن عدة وسائط أضحت تلقي ضغوطا جديدة على الأسرة وتهدد دورها التربوي بالدرجة الأولى، وتأتي في المقدمة وسائل الإعلام والاتصال الجديدة كمنافس يعوض حرارة التفاعل الأسري ببرودة العزلة التي يفرضها الإدمان على هذه الوسائل، والذي يكرسه انعدام مراقبة الوالدين. غير أن المشكلة لا تتوقف عند هذه الحدود، ذلك أن مراقبة استعمال وسائل التكنولوجيا يتطلب الوعي بخطر هذه الأخيرة في تلقين قيم مغايرة للأبناء.. لكن الوعي بالخطر الداهم يشترط أولا معرفة طرق استعمال هذه" المسكنات" الإلكترونية التي تعتمدها بعض ربات البيوت كوصفة للتخلص من شغب الأبناء! وهذا يجرنا إلى القول إن حقيقة وجود أكثر من 6 ملايين أمي في الجزائر في عصر اقتصاد السوق والأنترنت والتدفق التكنولوجي الهائل لم تعد تطرح مشكلة الأمية بمفهومها القديم، إنما صارت على صعيد آخر تلفت الانتباه إلى مشكلة الأمية التكنولوجية، إذ أصبح من الضروري تطوير الأداء للاستفادة من الأنترنت ووسائل التكنولوجيا والتي رغم خدماتها الإيجابية العديدة، إلا أنها تهدد بإفساد أخلاق الأطفال في غياب مراقبة الوالدين نظرا للمعطيات الواقعية التي تشير إلى أن عدة آباء يجهلون التعامل مع الواقع التكنولوجي الحديث. وفي كلا الحالتين، فإن مراقبة مجالات استعمال الأبناء لوسائل التكنولوجيا الحديثة والقضاء على الأمية التكنولوجية يتطلب من الوالدين العاملين وقت فراغ قد لا يجدان له سبيلا في ظل الحياة العصرية المعقدة، والتي باتت تلتهم أجزاء معتبرة من أوقاتهما بسبب أزمة المرور الخانقة، إضافة إلى البيروقراطية التي تتميز بها العديد من المصالح الإدارية في الأوساط الحضرية.. فبين السرعة الفائقة التي تنتشر بها وسائل الإعلام والاتصال الجديدة والوتيرة البطيئة التي يقضي بها الأولياء حاجياتهم اليومية بسبب أزمة المرور، يبدو أن حل مشكلة الأمية التكنولوجية ومراقبة ما يستهلكه الأبناء من قيم دخيلة على مجتمعنا يبقى هو الآخر معلقا على أمل انطلاق مترو العاصمة والترامواي!!