* email * facebook * twitter * google+ يستطيع الفنان عبد النور زرفاوي تركيب مشاهد الحياة من جديد، وبنفس الملكة يعيد تفكيكها ليصنع منها مناظر أخرى مختلفة ومتناقضة، هذا الفنان الذي اكتشف الفنون التشكيلية وهو يلعب استطاع التميّز بتقنيات فنية خاصة وبرؤية تخترق مجال الزمن لتعبر إلى أكوان أخرى أكثر دهشة وسحرا وحكمة، ويقدّم الفنان كلّ هذه التفصيلات بمعرضه المقام إلى غاية نهاية الأسبوع برواق الفنون «عسلة» بالعاصمة. يبدو أنّ هذا الفنان متعلّق بالرسم، يرسم أحيانا أشكالا مبهمة، على اعتبار أنّه يتعاطى عبر أغلب لوحات معرضه الأسلوب التجريدي، ويغلب على أعماله البعد الفلسفي، وتصوّر بعض لوحاته بعض حروف الأبجدية وسقوط السماء والآلام، علما أنّ جلّ الألوان تحثّ على الانطلاق والفرح والأمل. يستمر الأسلوب التجريدي في أخذ الريادة، حيث وحده من أهلّه الفنان ليعبر عن بنات أفكاره ورؤاه الفلسفية وكذا أحاسيسه وثوراته الدفينة في أعماق النفس، كما أنّ هذا الأسلوب قادر على عكس مدى نضج تجربته ويعطي أيضا مساحات للقراءة والتأويل يتيحها الفنان للجمهور الزائر. يستعين الفنان أحيانا بتقنية الحقن في لوحاته، حيث يمزج الألوان المختلفة بداخل حقنة ثم يوزعها على اللوحة وهي تقنية اكتسبها عندما عمل بأحد المستشفيات كممرض، كما يستعمل الريشة والفرشاة والحبر ويعطي لكلّ لوحة التقنية المناسبة لها، وحتى بالنسبة للألوان أيضا التي تتماشى وموضوع لوحته أو مع حالته النفسية. يميل هذا الفنان إلى الألوان الداكنة والمشعة، كما يستعمل ألوان الربيع والفرح ليزرع الجمال ويخطف البصر وينعش العين التي ترى اللوحة وبالتالي يمكنه ذلك من إدخال السرور على الجمهور، عوض التركيز فقط على الألوان الصاخبة والداكنة. يخاطب زرفاوي جمهوره على اعتبار أنه فنان وليس كونه مجرد قطيع من الدهماء، مقتنعا أنّ الرسم فطرة عند الإنسان ووسيلة تنفيس وتعبير، كما يلحظ الزائر لهذا المعرض مدى تأثر هذا الفنان بجيل الرواد منهم إسياخم الذي تتميز بعض أعماله بأنها مبهمة وعميقة عمق النفس الإنسانية. تعتبر بعض اللوحات المعروضة تحديا في حدّ ذاتها، حيث ورغم لمحة بعض من الشجن فيها، إلا أنّها تصرّ على الأمل وبعث روح التفاؤل والجمال من خلال الأشكال والألوان خاصة تلك المتميزة بالانسيابية والطلاقة. عموما، فقد استطاع هذا الفنان الشاب تحطيم الحواجز وتصفية الأفكار من الشوائب كي تبدو واضحة للمتلقي، مع تبسيط واختزال التفاصيل ليبقى مركز اللوحة هو الجوهر، ناهيك عن مجموعة من الخلفيات التي لها ثقلها في اللوحة شكلا ومعنى. كما عكست أعمال هذا الفنان مدى الابتكار والتقنيات العصرية المساعدة، مع حضور ملفت لموسيقى ساحرة هي بمثابة الدليل الروحي للوحة، وهي ترافق وتوازي تدرجات ومنعطفات اللوحة. للتذكير، فإن الفنان من مواليد سنة 1974 بالحراش بالعاصمة وشغف بالرسم ليس كحرفة وإنما كهواية وكأسلوب للتعبير، وقد سبق له أن أقام العديد من المعارض.