يرى الدكتور عبد الرزاق بلعقروز، من جامعة سطيف، أن مع كل أزمنة التغير في التاريخ، تظهر الحاجة إلى التفكير في رسم سبل جديدة تُساس بها الحياة، وتكون الرغبة شديدة نحو الشيء الجديد الذي يقابل التاريخ، ولعل من أهم أبواب الحياة وأكثرها عمقا وتأثيرا، باب النظام الثقافي للمجتمع، فكل تغيير وتجديد لمجالات الحياة الأخرى السياسي والاقتصادي، حتما سيفشل إذا لم تكن له مراعاة وتقدير للنظام الثقافي، فالثقافة حسبه هي قُمرة القيادة ونقطة الانطلاق التي متى كانت صحيحة وعميقة، كانت الثَّمرات أظهر وأفيد. يضيف "إذ تبينت هذه المقدمة، فإننا نصرف سعينا إلى بسط الشُّروط التي تكون بموجبها الثقافة حية وفاعلة ونوعية، خاصة أن يافطة "الجزائر الجديدة" باتت أيضا في ميدان الثقافة وحركة الفكر، لأجل هذا، يجدر القول بأن الجزائر الثقافية الجديدة ليس واقعا متحققا، إنما هي ما يجب أن تكون عليه الجزائر في مستقبلها الثقافي، ولكي تكون الجزائر جديدة ثقافيا، لابد لها أن تتحقق بعض الشروط. من الشروط التي وضعها الدكتور بلعقروز؛ نقطة الانطلاق الصَّحيحة، فهي المخزون الثقافي الجزائري بكل ذخائره الرمزية، كي يكون دخولنا إلى الكونية الثقافية برموزنا الثقافية، وليس الانسياق فقط مع الثقافات المصنعة العولمية. ثم الاستثمار في الشق الثقافي من الفكر، فعوالم الأفكار وخلق الحرارة الثقافية والتجارة الفكرية (التنافس والاختلاف والتجديد)، هي التي تجدد التنفس الثقافي للمجتمع الجزائري، وثقافة ترغب في التَّجديد، كما أن الثقافة الحية هي التي تخلق قيمة الجمال في المحيط الاجتماعي، والجمال الحقيقي هو الذي يعبر عن قيم المجتمع الجزائري ورموزه المتماثلة، كما أنها تحيي القيم الروحية، فأرض الجزائر عامرة بالمخزون الروحي، وبعث الحياة فيه هو إحياء لقلب الإنسان الجزائري. كما يقول، إنه من الضروري أن تستوعب الثقافة الطابع التركيبي للنخبة، وتعددها الفكري وخياراتها المعرفية، لأن الجزائر الثقافية متعددة، أما الميل إلى نموذج ثقافي أو فكري واحد، واعتباره معيارا للثقافة، فهو إسهام غير مباشر في تكوين التصدع الثقافي، وإفراغ الثقافة من روحها وقطع لصلتها بالتنمية للمجتمع، بالتالي أفول الجزائر الجديدة.